فرض المنطق نفسه، ومُني المنتخب اللبناني لكرة القدم بخسارة عادية، رغم فداحتها أمام مضيفه الكوري الجنوبي 0-6، في مستهل مبارياته ضمن المجموعة الثانية للدور الثالث للتصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2014، في المباراة التي أُجريت بينهما على ملعب غويانغ أمام 43 ألف متفرج. وأخرج الكوريون ضيوفهم من الأحلام والأوهام، وضربوا بقوة في المجموعة التي تضم أيضاً منتخبي الكويت والإمارات، وترجموا بذلك أقوال المدير الفني لمنتخب الأرز الألماني ثيو بوكير، بأن المارد الكوري خارج المنافسة ويجب الإعداد ومحاولة التغلب على المنتخبين العربيين.
وتبدو النتيجة منطقية، نظراً إلى الفوارق في شتى الاتجاهات والمجالات بين الكرتين اللبنانية والكورية؛ إذ إن الاهتمام الرسمي اللبناني بكرة القدم غائب كلياً، وكذلك عمل إدارة اللعبة لا يؤتي ثماره بسبب الإشكالات والمشاكل الشخصية بين أعضاء اللجنة العليا، وليس هناك دعم للاعب والمنتخب، إضافة إلى العوائق جراء التدخل السياسي في اللعبة.
وبالنظر إلى الأداء اللبناني خلال المباراة، يمكن لمس ثُغَر عدة وكثيرة على مختلف الصعد، وينبغي القيام بعملٍ دؤوب وشاق لسدها؛ لأن النتائج الكارثية التي تتحقق الآن هي نتاج الإهمال الذي لقيه المنتخب الوطني في الفترة السابقة، وهذا الأمر يتحمله اتحاد اللعبة أساساً، ومن خلفه الدولة ممثلة بوزارة الشباب الرياضة؛ لأن المنتخب اللبناني يمثل الوطن بأسره.
وعن السبل إلى تطوير اللعبة لمقارعة المنتخبات المحيطة، فهي تبدأ بإيلاء الاهتمام الرسمي باللعبة عبر إيجاد خطة تمتد لفترة خمسية تعتمد بالدرجة الأولى على اللاعبين الشبان، وخصوصاً أن منتخبات الأولمبي والشباب والناشئين تضم لاعبين يملكون المهارات وبحاجة إلى صقلها عبر تجمعات دورية للاعبين، إضافة إلى البحث عن رعاة ومعلنين يهتمون بتمويل المصاريف التي تترتب على خطة من هذا النوع.
وفي ناحية مختلفة، بدا الأمر واضحاً في أن العلّة ليست في الجهاز الفني ولا في اللاعبين، بل في العقلية التي تتحكم في اللعبة؛ لأن تغيير إميل رستم لم يأتِ بأي نفع أو صدمة إيجابية مع كامل التقدير لبوكير الذي عمل جاهداً، إلا أنه استسلم للواقعية التي تحدث بها قبل المباراة، عندما قال: «نواجه منتخبات تفوقنا خبرة وإمكانات فنية ولوجستية، والأهم مادية»؛ إذ إن قصر مدة الإعداد لا يتحملها المدربان، ولا يتحملان إبعاد المنتخب عن المشاركات، ولا يتحمل أحد «دلع» بعض اللاعبين في القيام بواجباتهم الوطنية والهروب من تمثيل الوطن بحجج واهية، وهذا يفسّر بعدم ثقة اللاعبين باللعبة، وبالتالي من يديرها والاهتمام بشؤونهم الخاصة.
وبالعودة إلى الأجواء الفنية للمباراة، فإنها شهدت سيطرة مطلقة لمحاربي «التايغوك» على مدار الشوطين، وقد افتتحوا التسجيل بعد سبع دقائق فقط عبر المهاجم بارك تشو يونغ المنتقل حديثاً إلى أرسنال الإنكليزي. وركّز أصحاب الأرض على الاختراق عبر الأطراف أو الانسلال من العمق إلى داخل المنطقة، مستفيدين من سرعتهم، بينما انتظر اللبنانيون حتى الدقيقة الـ34 ليختبروا الحارس الكوري جونغ سونغ ريونغ عندما سدد محمد شمص من خارج المنطقة. ونشط المنتخب اللبناني بعد ترتيب خط الدفاع بقيادة لاعب الأهلي الإماراتي يوسف محمد وزميله رامز ديوب إضافة إلى بعض المشاركات الخجولة من الظهيرين وليد إسماعيل ومحمد باقر يونس، فيما أدى لاعبا الارتكاز شمص وهيثم فاعور مباراة جيدة، وخصوصاً الأخير، بينما افتقر «منتخب الأرز» إلى من يصل الخطوط بعضها ببعض في الوسط، وهذا الأمر الذي يضطلع به رضا عنتر الغائب الأكبر عن هذا اللقاء، وعباس عطوي «أونيكا» الذي يخاف ركوب الطائرة، الأمر الذي شلّ خط الوسط الذي شغله قائد النجمة عباس عطوي وحسن معتوق. وهذه المسألة دفعت المهاجمان محمود العلي وأكرم المغربي إلى العودة إلى الخلف للاستحصال على الكرة. وقد ضاعف تشو يونغ النتيجة برأسية إثر ركلة ركنية رفعها هونغ جيونغ (45). ونسج الكوريون في الشوط الثاني على المنوال عينه، ليضيفوا أربعة أهداف عبر جي دونغ وون برأسه (66)، وتشو يونغ الذي وقّع على «هاتريك» من تسديدة زاحفة في الزاوية اليمنى (68)، وكيم جونغ وو (85)، ثم اختتم جي وون المهرجان الكوري بتسديدة في سقف الشباك (85).
وستعود بعثة المنتخب اللبناني إلى بيروت قبل ظهر اليوم لبدء الاستعداد للقاء الثاني في التصفيات عينها ضد الإمارات يوم الثلاثاء المقبل على ملعب المدينة الرياضية.