لطالما واجه السائقون العرب والأجانب الذين تعاقبوا على المشاركة في رالي لبنان الدولي صعوبة في كبح جماح السائقين اللبنانيين، إلى درجةٍ قيل فيها إن هؤلاء حفظوا طرقاتهم غيباً، وبالتالي يعطيهم هذا الأمر أفضلية، في الوقت الذي أثبت فيه اللبنانيون أنهم أصحاب موهبة تحتاج الى الدعم من أجل التأكيد أن الطرقات الاسفلتية ليست وحدها من اختصاصهم. ومنذ إحراز الإماراتي محمد بن سليّم لقب رالي لبنان مرتين متتاليتين (1998 و1999)، لم يتمكن أي من السائقين العرب من الصعود الى أعلى درجة على منصة التتويج، رغم بروزهم في الراليات الأخرى في المنطقة، في موازاة مشاركة خجولة للبنانيين في هذه السباقات، لكنها لم تكن خالية من النتائج الجيدة.
وانطلاقاً مما قاله السائق المخضرم ميشال صالح عشية انطلاق رالي لبنان حول أن مستقبل الراليات في لبنان يبدو مشرقاً بوجود عددٍ من الشبان الصاعدين الذين يؤدون بطريقة مميزة، يمكن اعتبار أن السائقين اللبنانيين الحاليين والسابقين ظُلموا لعدم حصولهم على فرصة صريحة لمنافسة أقرانهم العرب، وذلك عبر حصولهم على الرعاية والدعم الضروريين في الرياضة الميكانيكية.
إحراز روجيه فغالي للقب رالي لبنان للمرة التاسعة وبـ«ستايل» كما يقال في عالم الراليات، يعطي مثلاً واضحاً على الغبن الذي يصيب السائقين اللبنانيين، إذ لا يمكن أحداً أن يشكك في إمكان منافسة فغالي على اللقب الإقليمي في حال تأمين الميزانية المطلوبة لمشاركته في كل راليات المنطقة. والأمر عينه يمكن أن ينطبق مستقبلاً على أولئك الشبان أمثال نيك جورجيو ونيكولاس أميوني.
وإذا كان فغالي يجني ربحاً من الـ«بيزنس» الخاص الذي أسّسه، أي فريق «موتورتيون»، لا يستطيع تخصيص ميزانية تخوّله المواظبة على المشاركة في كل مراحل الشرق الاوسط، أو أن النتائج اللامعة التي حققها لا تجلب له الكمّ الكافي من المعلنين والداعمين للغاية عينها، فإنه سيكون مستحيلاً على السائقين الآخرين، وخصوصاً الصاعدين منهم رسم طريقٍ لمسيرةٍ طويلة تتخللها مشاركة منتظمة في بطولة الشرق الأوسط وبعض سباقات بطولة العالم الضرورية لاكتساب الخبرة.
ويؤكد عددٌ كبير من السائقين أنه عند عجزهم عن تأمين المصاريف من جيبهم الخاص تنتهي مسيرتهم في الراليات، إذ إن الغالبية الساحقة تعتمد على تأمين «رعاية عائلية» أو على «معلنين أصدقاء» لتوفير جزء من تكاليف السباق، حيث تتراوح تكلفة استئجار سيارة «ميتسوبيشي إيفو 9» من إحدى الشركات الخاصة بتجهيزها بين 30 و40 ألف دولار، وترتفع هذه الكلفة إذا ما أراد سائق ما اعتماد سيارة أكثر تطوراً على غرار «إيفو 10» التي توّج على متنها فغالي الأحد.
وفي مقارنة بسيطة، يظهر أن سيارة «فورد فييستا أس 2000» كلّفت القطري ناصر العطية حوالى 100 الف دولار، لكن الأخير يتمتع برعاية كاملة تخوّله دائماً المشاركة على مستوى عالٍ، مستفيداً في كل مرة من النتائج التي يحصدها بعكس السائقين اللبنانيين الذين مهما بلغوا من مراتب عالية، فإن الرعاية بقيت بعيدة عنهم بصورة مستغربة، رغم إثبات وجودهم في الخارج، والدليل سيطرة فغالي وأميوني على المرحلة الثانية من رالي الأردن الوطني في بلدٍ عرف بالاهتمام الكبير الذي يوليه المسؤولون لسائقيهم، وعلى رأسهم رئيس هيئة المديرين في الأردنية لرياضة السيارات الأمير فيصل بن الحسين، إضافةً الى تحقيق أميوني إنجازاً لم يأخذ حقّه إعلامياً بإحرازه المركز الأول في الفئة «ن» في رالي الأردن، المرحلة الرابعة من بطولة العالم.
باختصار، يبدو سائقو لبنان كأنهم يدورون في فلك طموحات محددة، إذ يواجه معظمهم طريقاً مسدوداً عند خط نهاية رالي لبنان يقطع عليهم الطريق لمواصلة السير نحو منصات التتويج بعيداً عن بلاد الأرز.



انتصار مزدوج

رأى عبدو فغالي، الذي أحرز المركز الثالث في رالي لبنان، أن السائقين اللبنانيين أثبتوا أنفسهم مجدداً، والفوز على العطية وسيارته المتطورة أكثر من منافساتها هو دلالة على إعطاء شقيقه روجيه كل ما عنده لإبقاء اللقب في لبنان، آملاً أن يحصل الثلاثة على سيارة بنفس المواصفات في السنة المقبلة ليشهد السباق منافسة أقوى.