تأمل اسرة كرة القدم اللبنانية ان تنسحب نجاحات المنتخب على اللعبة برمتها عندما تنطلق بطولة الدوري العام اليوم على وقع هدفٍ واحد لدى النوادي، وهو سحب اللقب من العهد، إضافة الى انجاز الامر الاهم وهو عودة الجماهير الى المدرجات بشكل لا يعكر صفو اللعبة مجدداً.
ويعود الدوري هذا الموسم وسط آمال كبيرة بالمنافسة وايجاد جيل جديد من اللاعبين، إذ تعتمد غالبية الاندية على الشبان وتجديدات كثيرة في صفوفها، ولا سيما النجمة والانصار، وبالطبع العهد والصفاء. وتبدو المنافسة محصورة بهذا الرباعي انما بنسب متفاوتة.
ويعد العهد مرشحاً بارزاً للحفاظ على لقبه، اذ ان الاستقرار الذي ينعم به النادي الأصفر على مجمل الصعد المادية واللوجستية والفنية يجعله قادراً على ابقاء الكأس في خزائنه للموسم الثالث على التوالي وبقيادة مدير فني أثبت انه من المدربين القديرين هو الالماني ثيو بوكير الذي يشرف في الوقت عينه على المنتخب الوطني. ولن يكون الامر مختلفاً عند بوكير لكون الفريق يرفد المنتخب الوطني بعدد كبير من اللاعبين، إضافة الى بعض اليافعين الذين يتخرجون من مدرسة العهد، وهذا ما يؤمّن استمرارية للفريق. واذ خسر «الأصفر» نجمه حسن معتوق فهو حافظ على أبرز لاعبيه امثال المهاجم محمود العلي وعلي بزي ولاعب الارتكاز هيثم فاعور وصانع الالعاب عباس عطوي «اونيكا» والمدافع عباس كنعان، وفي الوسط حسين دقيق وحسن شعيتو في الهجوم، وقد عزز صفوفه بالظهير الدولي محمد باقر يونس ولاعب وسط المبرة علي الاتات في صفقتين بارزتين وبالمدافع المونتينغري فلاديمير فويوفيتش والمهاجم الليبي نادر كارة.
وبدأ العهد موسمه بطريقة جيدة، إذ حافظ على لقبي النخبة والكأس السوبر، وتبدو صورته حالياً مشابهة لتلك التي طبعت فريق الانصار في التسعينيات حيث كان يملك جيلاً مخصصاً لحصد الألقاب التي وصلت الى 11 متتالية في الدوري. ويتطلع بطل لبنان الى الحفاظ على لقبي الدوري والكأس ايضاً ويضيف إلى ذلك محاولة الوصول أبعد ما يمكن في كأس الاتحاد الآسيوي.
ولن يقبل الصفاء ان يبقى ملازماً للعهد في ظله، اذ يطمح الفريق الى لقبه الاول على مستوى بطولة الدوري والتخلص من مقولة الوصيف الذي لا يجيد حصد الالقاب، وقد أعد الفريق صفوفه لمقارعة البطل بقيادة المدرب غسان ابو ذياب الذي يعتمد على مجموعة مميزة من اللاعبين، ويرنو ابو ذياب الى تحقيق الانجاز لعله يحقق اللقب مدرباً بعدما عجز عنه لاعباً. ولدى الصفاء الامكانيات لتحقيق هذا الامر مع مجموعة جيدة من اللاعبين وبعض التدعيمات المهمة، ولعل ابرز الصفقات كانت ضم المهاجم الدولي الشاب محمد حيدر من التضامن صور، وسيكون الى جانب محمد طحان وروني عازار والنيجيري اوشينا سامويل وقائد الفريق خضر سلامة وحمزة عبود الذي قدم اداء جيداً في بطولة النخبة وهيثم عطوي. ولدى الفريق خط دفاع قوي بوجود علي السعدي والمغربي طارق العمراتي والحارس زياد الصمد.

النجمة والأنصار للمستقبل

ويعيش قطبا الكرة اللبنانية في حالة واحدة هي بناء فريق حديث يكون مستقبلاً لكليهما ويعيدهما الى الالقاب، فالنبيذي الذي ظهر بمستوى جيد في الموسم الماضي عندما قاده المدرب الجزائري محمود قندوز يتطلع الى تحقيق المفاجأة مع «ابن النادي» ابراهيم عيتاني الذي يعاونه مدرباً ولاعباً «الملهم» موسى حجيج، الذي أعلن عودته للقلعة النبيذية آملاً ان يختتم فيها حياته لاعباً ويبدأ معها مسيرته التدريبية الحقيقية بعدما خضع لدراسة وحصل على شهادات من الاتحاد الآسيوي، ويعود حجيج لينسجم مع «خليفته» عباس عطوي وليجد زملاءه القدامى المدافع بلال نجارين وخالد حمية وحسين حمدان، ولينضم الى الشباب الجدد محمد شمص واحمد المغربي واكرم المغربي وحسن المحمد وعلي حمام والحارس نزيه اسعد وغيرهم ممن دافعوا عن ألوان الفريق العام الماضي وكانوا قريبين من احراز مركز الوصافة. ويساعد النجمة هذا الموسم الاجنبيان البلجيكي مامام سليمان والليبي اسامة منصور.
أما الانصار فإن ادارته تعتمد على رعيل جديد وكوكبة شابة مطعّمة ببعض المخضرمين، وقد استغنى «الاخضر» عن عدد من النجوم لمصلحة اليافعين الذين كانوا عماد الفريق في الموسم الماضي ورفع عدداً من الفئات العمرية الى الفريق الاول بقيادة المدير الفني جمال طه. وابرز المغادرين كان علي ناصر الدين ونبيل بعلبكي ومحمد باقر يونس مقابل استعادة خدمات نصرت الجمل، وابقى على المدافع البرازيلي سيباستيان راموس وضم الليبي ابراهيم صالح.
وحافظ المبرة على غالبية عناصره، إلا أنه سيفتقد جهود الاتات الذي كان الركيزة الاساسية في تشكيلته في المواسم الماضية، وابقت الادارة على السوداني اسامة الصقر مديراً فنياً، وتعاقدت مع البرازيليين إدي كارلوس واسماعيل دا سيلفا، ويملك المبرة قوام فريق جيد قادر على تحقيق المفاجآت.
وتخلص شباب الساحل أخيراً من ازمته الادارية مع تبوّء سمير دبوق سدة رئاسة النادي، وباشر تنظيم الصفوف في محاولة لإرجاع لقب «الحصان الاسود» للفريق مع التعاقد مجدداً مع المدير الفني محمود حمود الذي استقدم عدة لاعبين من نوادي الدرجة الثانية ولا سيما المخضرمين. وضم الفريق أيضاً النيجيري اودافين دانيال والمالياني اوليسيه ديالو.
ويطمح الراسينغ الى البقاء ضمن منطقة النخبة على الرغم من التجديد الذي طاول فريقه حيث سيشرف عليه المدرب سعيد جريديني، وتم رفد الصفوف بلاعبين من اكاديمية أتلتيكو بيروت ليكتسبوا خبرة، وجرت تجربة عدد منهم في كأس النخبة وحافظ الفريق على المدافع النيجيري أدييل بريشيوس، وضم ايضاً مواطنه ديريك أيبي لاعب وسط التضامن صور.
ويسعى التضامن الى التخلص من الصراع على الهبوط في كل موسم، إذ اكتسب فريق المدرب محمد زهير الشاب الخبرة الضرورية لتقديم أداء يليق بسمعة «سفير الجنوب». ويعتمد زهير على الشبان الذين أحرزوا بطولة الآمال قبل موسمين ولو أنه سيفتقد الدعامة الاساسية المتمثلة بمحمد حيدر، لكن وجود يوسف عنبر والأخوين هشام ونيازي شحيمي وحسين سيد، واستعادة غسان شويخ وبلال حاجو سيعطيان لفريق قوة اضافية تجعله يطرق باب النخبة.
اما الطرف الآخر للمدينة الجنوبية فيتمثل بالسلام الساعي إلى الحفاظ على موقعه في الاضواء، ويستعين لهذه الغاية بالمخضرمين هيثم زين ومحمود شحود لينضما لى كوكبة من الشبان الذين كانوا يدافعون عن ألوانه في الموسم الماضي.
ويختلف الاخاء الاهلي عاليه بأهدافه عن السلام، اذ ان الفريق الذي أطلق عنان تحضيراته باكراً بقيادة المدير الفني سمير سعد يطمح إلى دخول منطقة النخبة باعتماده على لاعبين جيدين مخضرمين بينهم الحارس ربيع الكاخي والمدافع حسين امين، واضاف الى صفوفه نبيل بعلبكي وقاسم محمود وتعاقد مع الدولي السوري من الكرامة ومواطنه علاء بيضون كأجنبيين.
وبالنسبة إلى العائدين الى الاضواء، فان نادي طرابلس الذي انسحب من الدوري قبل ثلاثة مواسم اعتمد على شبابه الذين صقلهم طيلة هذه المدة ليؤسس لفريق قوي جله من ابناء الفريق ومنطقة الشمال، واعطت هذه السياسة ثمارها بعودة النادي الى الدرجة الاولى، ويتعين عليها اثبات جدارتها بالحفاظ على موقعها.
أما الاهلي صيدا فسيكون في امتحانٍ جديّ للبقاء، حيث انه لم يجتهد في سوق الانتقالات والتدعيمات إلا مع اللحظات الاخيرة لاقفال باب التواقيع وبقي من دون العنصر الاجنبي، ويأمل ان يحقق المفاجآت بتجميع النقاط التي تعيّنه للبقاء مع نهاية البطولة.

المرحلة الأولى

وتفتتح البطولة اليوم بلقاء الأنصار مع التضامن صور (3.30 ــ بيروت البلدي) وستكون الفرصة مؤاتية أمام الفريقين ليدرك كل منهما حيثية فريقه، ولكشف الثغر، وخصوصاً أنهما يلعبان بمجموعة ذات معدل أعمار صغير نسبياً.
ويحل النجمة ضيفاً على المبرة (صيدا - 5:45)، وتعد المباراة صعبة على الطرفين وقوية، حيث يسعى الأول الى تحقيق انطلاقة جيدة أمام فريق صعب المراس، لديه كل الإمكانات للظفر بالنقاط، كما قد تشهد المباراة العودة الرسمية لقائد النجمة موسى حجيج، فيما يأمل المبرة أن لا يتأثر خط وسطه بغياب الأتات. وتستكمل المرحلة غداً بثلاث مباريات، فيلتقي الراسينغ مع طرابلس الرياضي (3.30 - جونيه البلدي). ويسعى «الأبيض» الى تحقيق الفوز على فريق يفتقد نوعاً ما خبرة الدرجة الأولى، فيما يطمح النادي الشمالي الى إثبات جدارته بالصعود الى الأضواء.
ويحل الأهلي صيدا ضيفاً على الإخاء الأهلي عاليه (3.30 - بحمدون). وتأتي المباراة بين فريقين مختلفين، فالأول العائد حديثاً الى الأولى سيجهد للعودة بنقطة على الأقل من ملعب خصمه، وخصوصاً أنه غير مدعم بالعنصر الأجنبي، فيما يعد الفريق الجبلي صعب المراس على أرضه، إذ كل الإمكانات متوافرة لديه لتحقيق الفوز.
ويستضيف السلام صور شباب الساحل (3.30 - صور)، حيث تبدو المباراة متقاربة بينهما، مع أفضلية للساحل، الذي وجد الاستقرار أخيراً مع وجود عناصر فعالة تملك الخبرة أكثر من السلام، الذي يعتمد على شبابه.
وتختتم المرحلة بلقاء القمة بين الصفاء والعهد (5.45 ــ المدينة الرياضية). وستكون المباراة الثالثة بينهما في غضون شهر تقريباً، بعدما التقيا في نهائيي كأس النخبة والكأس السوبر، اللذين انتهيا بتفوق العهد 4-2 و3-2 على التوالي.



كوتا الجمهور

ستتحكم «كوتا» معينة في عودة الجمهور الى ارتياد المدرجات في الموسم الجديد، وبناءً على دفعات متوالية في كل أسبوع، إذ ستكون العودة في المرحلة الأولى مخصصة لملعبين فقط هما ملعب صيدا البلدي الذي يحتضن مباراة المبرة مع النجمة، والمدينة الرياضية الذي يستضيف لقاء القمة بين العهد والصفاء، وكلاهما منقول تلفزيونياً، وستخصّص 250 بطاقة فقط لجمهور كل فريق تبيعها إدارة الأندية، على أن تفتح الأبواب كافة بالعدد نفسه اعتباراً من الأسبوع الثاني. وهذا الأمر هو نتيجة للمباحثات التي جرت بين الاتحاد والجهات الأمنية والوزارة. وكان رئيس الاتحاد هاشم حيدر قد دعا جماهير الأندية لكي تكون على قدر المسؤولية والطموحات عبر التشجيع الحضاري والرياضي بعيداً من الأمور الخلافية التي كانت سبباً في إبعادهم خمس سنوات، علماً بأنه تلقّى وعداً قاطعاً من الجهات الأمنية بالعمل على زيادتها بنحو تصاعدي وبسرعة قصوى.