23/10/2011، تاريخ لن تنساه مدينة مانشستر أبداً، لا بل إنكلترا بأسرها. ما حدث في هذا التاريخ يستحق ان يخلَّد في سجلات كرة القدم الانكليزية. أن يصبح مرجعاً يعود اليه كل من يريد أن يتعلم كيف تُصنع الأحداث العظمى، كيف تتغير المقاييس وتتبدل المعادلات، وكيف لمدينة أن تنقلب رأساً على عقب في مدى 90 دقيقة. نعم، 90 دقيقة غيرّت معالم مانشستر. ليس الأمر مبالغاً فيه.يكفي أن نتأمل وجه «السير» أليكس فيرغيسون أحد صانعي أمجاد المدينة وروبرتو مانشيني القادم حديثاً اليها بعد مباراة قطبيها يونايتد وسيتي لنتأكد من حقيقة هذا الأمر. وجوم وذهول لم يألفهما محيّا الاسكوتلندي طيلة 37 عاماً قضاهما حتى اللحظة في عالم التدريب. طبعاً معالم وجهه، في مقابلهما ابتسامة لم تخلُ من سخرية ارتسمت على شفتي الايطالي.
مظهر فيرغيسون ومانشيني في تلك اللحظة لخّصا حال أبناء مدينة بأسرها. مدينة بدّلت لونها الأزلي الذي اشتهرت فيه لعقود خلت.
الأحمر ظل رمزاً لمانشستر. كان صاحب الكلمة العليا على الدوام. عند الساعة الخامسة و18 دقيقة من عصر أمس، نُكِّست الاعلام الحمراء ورفرفت تلك الزرقاء. آن الأوان بعد طول انتظار لجماهير سيتي أن تطلق العنان لفرحتها.
لم يكونوا يتمنون أكثر من ذلك أو حتى ليتوقعوا ما حدث: 6-1 كانت النتيجة النهائية لمباراة فريقهم أمام الغريم يونايتد، وأين؟ في معقل الأخير العصيّ على الفرق المحلية والأوروبية... «أولد ترافورد». مفاجئ ما حدث أمس، لا بل فاضح. للحظات تمنى أنصار يونايتد في «ملعب الأحلام» أن تنشق الأرض وتبلعهم هم وفريقهم. هذا ما كانت توضحه عبارات وجوههم على شاشة التلفاز. ما كان لأحد ان يصدّق بأن يأتي يوم تخلو فيه مدرجات «اولد ترافورد» من أغلب محبّي «الشياطين الحمر» قبل أن يُطلق الحكم صفارة النهاية للمباراة. من يعرف ولاء جماهير يونايتد لفريقهم لن يجرؤ على مجرد تخيُّل هذا السيناريو.
إذاً، يوم تاريخي بكل المقاييس عاشته مدينة مانشستر أمس. تاريخي شكلاً ومضموناً. عرض خيالي من مانشستر سيتي مقابل انهيار تام للغريم يونايتد. يحتار المرء من أين يبدأ في موقعة كبيرة كتلك التي دارت أمس، في ظل كل تلك المفاجآت التي لم تكن لتخطر على بال أحد. في العنوان العريض للمباراة، يمكن القول إن التلميذ لعبها صحّ أمام الأستاذ. عرف مانشيني كيف يحقق النصر على المعلم فيرغيسون، بدءاً من التشكيلة التي زجّ بها الايطالي في الملعب، ما يوضح أن الرجل قرأ متحدّيه جيداً. علم مسبقاً أن اكتساب معركة منتصف الملعب سيكون الأساس في فك شيفرة النصر المظفّر. من هنا، جاء إقحامه للثلاثي ذي النزعة القتالية في الأداء، العاجي يايا توريه وجيمس ميلنر وغاريث باري للسيطرة على منتصف الملعب، فيما أوكل إلى الاسباني المميز دافيد سيلفا مهمة زعزعة الدفاع الاحمر، فصال وجال هذا الأخير يميناً ويساراً مقدّماً الكرات على طبق من ذهب للايطالي ماريو بالوتيللي والارجنتيني سيرجيو أغويرو والبديل البوسني إدين دزيكو الذين كانوا على الموعد، وذلك بمواكبة من الظهير الأيمن ميكا ريتشاردز الذي كان أحد نجوم المباراة باختراقاته المميزة، وعطّل أحد مفاتيح مانشستر على الرواق الأيسر، وهو الفرنسي باتريس ايفرا الذي اكتفى بالواجب الدفاعي وفشل فيه فشلاً ذريعاً.
ثمة أمر آخر بدا أن مانشيني عمل على تطويره في الآونة الأخيرة، وهو العامل الذهني، حيث وُجّهت انتقادات كثيرة لسيتي أن لاعبيه يلعبون من أجل المال على عكس لاعبي يونايتد المعروفين بولائهم لناديهم قبل أي شيء آخر، فبدا لاعبو «السيتيزينس» مقاتلين أشداء، حتى إننا شاهدنا سيلفا مراراً في منطقة فريقه يبعد الكرات.
في المقابل، ثمة علامات استفهام كثيرة على التشكيلة التي بدأ فيها «السير» المباراة، إذ اعتمد خيار جوني ايفانز كقلب دفاع ثان على حساب فيل جونز الذي قدم بداية جيدة للموسم مع الفريق، فكان الأول أحد الأسباب في الخسارة التاريخية عندما طُرد، إضافة الى ذلك، فقد تأخّر فيرغيسون في الزج بالمكسيكي خافيير هرنانديز رغم عدم توفيق الناشئ داني
ويلبيك.
إذاً، كان أمس يوماً تاريخياً من أيام مدينة مانشستر الإنكليزية. رسالة سيتي وصلت إلى كل أبناء المدينة بوضوح وملخّصها: أصبحنا الرقم واحد في مانشستر.



«الولد المشاغب» ينتصر لنفسه

كان الإيطالي ماريو بالوتيللي، مهاجم مانشستر سيتي، عند حسن ظن مدربه ومواطنه روبرتو مانشيني بتسجيله هدفين، رغم الانتقادات التي وُجِّهت مجدداً لـ«الولد المشاغب»، بعد حادثة الحريق الذي اندلع في منزله قبل ساعات من مباراة القمة أمام الجار يونايتد، وذلك بسبب لهوه مع أصدقائه بالمفرقعات النارية.