لا شك بأن مشاهدة العلم الإسرائيلي مرفوعاً في ملاعب كرة القدم الأوروبية تبدو مقززة ومؤذية لمشاعر الكثيرين ممن يدركون المآسي التي سبّبتها الدولة العبرية. ولعل آخر هذه المحطات كان يوم السبت الماضي عندما تناقلت المواقع الرياضية الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي صور لافتة كبيرة كتب عليها عبارة «مرحباً (جلعاد) شاليط» وبجانبها علم الدولة العبرية مرفوعاً في ملعب «كامب نو» خلال مباراة برشلونة وضيفه إشبيلية في الدوري الإسباني. خطوة بدت استفزازاً واضحاً للعرب وللفلسطينيين، وأيضاً للمالياني فريديريك كانوتيه، لاعب إشبيلية الذي وجّه تحية لغزة خلال العدوان الأخير عليها بعد تسجيله أحد أهدافه. من هنا، بدا مبرراً شعور محبي كرة القدم في الوطن العربي بالغضب كما كان واضحاً في تعليقاتهم على الخبر. في المقابل، كان مناصرو ريال مدريد يكيلون الشتائم لبرشلونة، ناعتين إياه بـ«النادي الصهيوني»، ما حوّل تلك المنتديات الرياضية الى حلبة صراع لتقاذف الاتهامات بين جمهوري الناديين في العالم العربي. في الواقع، أخذت العاطفة أنصار الفريقين الى مكان آخر، إذ يرجح البعض أن من رفع اللافتة هم مجموعة صغيرة من الإسرائيليين وليسوا برشلونيين. يستند هؤلاء إلى ما جرى مثلاً مع جماهير برشلونة في مباراة كرة السلة مع ماكابي حيفا الإسرائيلي، حيث رفعت أعلام فلسطين بالجملة مرددة «فلسطين فلسطين». واستطاعت جماهير برشلونة إيقاف المباراة تلك بدخولها الى الملعب رافعة العلم الفلسطيني، فضلاً عن أن رفع مشجعين عرب العلم الفلسطيني وأعلام دول عربية أخرى لطالما كان أمراً اعتيادياً في مدرجات ملعبي «كامب نو» و«سانتياغو بيرنابيو» وغيرهما من الملاعب الأوروبية الكبرى. ما يجدر قوله هنا، هو أن هذه الحالات تمثّل فئات من جماهير الأندية الكبرى وليس الجمهور كله أو الأندية بحد ذاتها. فمن المعروف والمسلم به أن الفرق الكبرى تسعى لمصالحها قبل أي شيء ويهمها أن تحافظ على علاقاتها الجيدة مع كل المناصرين لها في مختلف دول العالم.
لكن هذا الأمر لا يمنع من وجود استثناءات في جماهير الأندية الكبرى، والحديث هنا بالتحديد يتركز حول ناديين هما: اياكس أمستردام الهولندي ولاتسيو الإيطالي.
بالنسبة إلى النادي الأول، فكما بات مألوفاً، فإن العلم الإسرائيلي لا يفارق جماهيره خلال المباريات وبأحجام ضخمة. قصة هذا الجمهور مع إسرائيل بدأت بسبب وجود الكثير من اليهود في شرق أمستردام، حيث مقر النادي فأصبحوا بالتالي من أنصار النادي الذي رئسه شخص يهودي وارتدى قميصه لاعبون يهود. غير أنه في أوائل الثمانينيات، أسهم مثيرو الشغب من جمهور النادي في تنميط أياكس كناد يهودي صرف وأصبح شعار «يهود يهود» لا يفارق جمهور النادي وأيضاً العلم الإسرائيلي، بحسب ما يذكر الموقع الإلكتروني لـ«إذاعة هولندا العالمية».
هذه الشعارات الصادمة دفعت جماهير الفرق الأخرى الى استفزاز جمهور اياكس، فراحت ترفع العلم الفلسطيني وتستقبل فريق الأخير بالتحية النازية وتردد شعار «اليهود سيبادون» حتى وصل الأمر الى اطلاق شعار «حماس حماس».
أما في العاصمة الإيطالية روما، فيبدو الوضع مغايراً كلياً، إذ عُرف جمهور لاتسيو هناك بمناصرته للقضية الفلسطينية: اشتهر برفعه أعلاماً ضخمة لفلسطين، اضافة الى اطلاقه شعارات مناهضة لإسرائيل ولاعتداءاتها على الفلسطينيين.
هذا اذاً على صعيد جماهير الأندية الأوروبية الكبرى، لكن ماذا عن مواقف النجوم؟
لا يخفى أن بعض النجوم يجاهرون علناً بمواقفهم السياسية من القضية الفلسطينية. مواقف بالطبع لا تمثل رأي النادي الذي ينتمي إليه النجم. ولعل آخر الامثلة في هذا المجال كانت زيارة جيرار بيكيه، مدافع برشلونة، برفقة صديقته المغنية شاكيرا للأراضي المحتلة، حيث التقطا الصور مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ومع أفراد من الشرطة في القدس المحتلة، كما لم يتوان اللاعب عن اعتمار القلنسوة اليهودية والوقوف عند حائط المبكى.
زيارة بيكيه الإسرائيلية جاءت بعد زيارة مماثلة لمدربه بيب غوارديولا، قام بها بدعوة من صديقته وهي مغنية إسرائيلية من أجل حضور حفل بمناسبة ذكرى تأسيس الدولة العبرية.
في المقلب الآخر، فإن البرازيلي مارسيلو مدافع ريال مدريد لم يتوان في صفحته على موقع «فايسبوك» عن وضع صورة لفتى فلسطيني ملثّم يرمي حجراً، وذيّلها بعبارة «قلبي مع الفلسطينيين في قتالهم ضد إسرائيل»، ما أثار موجة غضب عارمة لدى الإسرائيليين، مثل تلك التي أثارها «الأسطورة» الأرجنتيني دييغو مارادونا قبل فترة قصيرة باعتماره الكوفية الفلسطينية التي قدمها له أحد مشجعيه العرب، حيث ردد النجم العالمي: «تحيا فلسطين تحيا فلسطين»، رافعاً علامة النصر.



الكرة سلعة ترويجيّة لإسرائيل!

لا تتوانى إسرائيل عن استغلال كرة القدم من أجل الترويج لكيانها، وهذا ما هو واضح من خلال بعثها للاعبيها المتواضعين فنياً للعب في أوروبا عبر علاقات تربطها بشخصيات رياضية، أضف الى دأب مسؤوليها على زيارة مقار الأندية الكبرى ودعوة النجوم لزيارة إسرائيل، كما تستغل الأحداث الكبرى للدعاية لها مثل ما حدث مع الغاني جون بانتسيل، الذي رفع علم إسرائيل عقب مباراة بلاده وتشيكيا في مونديال 2006!