لم تكن أشهر مسارح لندن لتقدّم استعراضاً يضاهي بإثارته ذاك الذي شهده ملعب «ستامفورد بريدج» ظهر السبت، حيث قال كلٌّ من تشلسي وأرسنال كلمته ردّاً على المشككين في إمكان ارتقائهما الى مستوى قطبي الموسم الحالي، مانشستر يونايتد حامل اللقب، وجاره مانشستر سيتي المتصدر الحالي في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم. فريقا العاصمة كشفا تمسّكهما بلعب كرة قدم مفتوحة، أي هجومية وجذابة، حيث الأولوية هي لإيصال الكرة إلى المهاجمين وهزّ الشباك، فكانت الحصيلة ثمانية أهداف كان نصيب أرسنال منها خمسة.
وصحيح أن أرسنال وتشلسي لم يقدّما تشكيلتين مجهّزتين بالعتاد الكامل للمنافسة على اللقب، كما هي حال قطبي مانشستر، لكن ما كشفت عنه مباراة الـ «دربي» هو أنه باستطاعة كلٍّ منهما أن «يجود بالموجود»، وخصوصاً أرسنال، الذي وفى مدربه الفرنسي أرسين فينغر بشيء من الوعد الذي قطعه في بداية الموسم الحالي، عندما طلب بثقته المعهودة من الجماهير الصبر لتقديم فريق مميّز آخر اليهم، مشيراً الى أن التعاقدات التي أبرمها في المراكز المختلفة ستؤتي ثمارها. وهذا ما ثبت في حالة المدافعين البرازيلي أندريه سانتوس والألماني بير ميرتساكر، ولاعبي الوسط الإسباني ميكيل أرتيتا والعاجي جرفينيو، على أن يلتحق بمسيرة التألق معهم الكوري الجنوبي بارك تشو يونغ، الذي سبق أن قدّم أوراق اعتماده عند جمهور «المدفعجية» بتسجيله هدف الفوز أمام بولتون وندررز (2-1) الأربعاء الماضي، في الدور الرابع لكأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة.
أرسنال سيدخل من الآن فصاعداً الى كل مباراة بثقة اكبر، فالتجربة التي أقامها فينغر منذ بداية الموسم قد يكون حصل على نتيجتها، ولو أن البداية السيئة لفريقه كانت طبيعية لكونه أكمل نصف تشكيلته الأساسية في اليوم الأخير من سوق الانتقالات. وهذا أمر سيضع أرسنال امام تقديم مجهود مضاعف للحاق بسيتي، الذي يتقدّم عليه بفارق 12 نقطة.
وبطبيعة الحال فإن جوع أرسنال للانتصارات وتسجيل الأهداف جعل الإصرار كبيراً عند لاعبيه للتحلي بالشجاعة في ملعب خصم لا يستهان به، فكان هدف ثيو والكوت الذي سقط على الأرض ثم نهض لإكمال مراوغته وهز شباك التشيكي بتر تشيك، دليلاً قاطعاً على أن نجوم الـ «غانرز» سئموا البكاء على أطلال ذكريات الإسباني سيسك فابريغاس، والفرنسي سمير نصري، حيث قال المحللون في إنكلترا طوال الفترة الأخيرة إنه لا حياة في «ستاد الإمارات» بعد رحيل هذين النجمين.

دفاع تشلسي مهزلة

ومن دون إغفال أن أرسنال اذا ما أراد أن ينافس على اللقب، فإنه يفترض به أن يتفادى تلقي اكثر من هدف أو اثنين على حدٍّ أقصى في المباريات الكبيرة، فإن ما شهدناه في «ستامفورد بريدج» أظهر أن فريق فينغر انتهازي الى أبعد الحدود أمام خطوط الدفاع المشتتة، حيث يتمكن مهاجموه بسرعتهم من الوصول الى الشباك في لحظات معدودة. وهذه مسألة كانت موجودة في اللقاء عبر تحوّل خط ظهر تشلسي الى مهزلة وسط فقدانه التركيز المطلوب في مساحات حساسة على غرار الهدف الرابع الذي سجله الهولندي روبن فان بيرسي، مستفيداً من انزلاق الكابتن جون تيري والخروج «الولادي» لتشيك، حيث تخطاه صاحب
الـ «هاتريك» بسهولة تامة.
الأمر الأكيد بالنسبة الى تشلسي هو أن المدرب البرتغالي أندريه فيلاش ـــــ بواش ليس خليفة مواطنه جوزيه مورينيو أو سلفه الإيطالي كارلو أنشيلوتي على صعيد معرفة تنظيم الدفاع، الذي كان الأساس في فوز «البلوز» باللقب المحلي ثلاث مرات في الأعوام السبعة الأخيرة مع الرجلين المذكورين، وإذ يحسب لفيلاش ـــــ بواش أنه لعب بخط دفاع متقدّم في بداية المباراة للضغط على وسط ارسنال وتسلم زمام المبادرة، فإن الفوضى عمّت في وقت لاحق ليفشل تشلسي في الحفاظ على شباكه نظيفة للمباراة التاسعة على التوالي، وهي أسوأ سلسلة له منذ 2003. وتبدأ المشكلة من عند النيجيري جون أوبي ميكيل، الذي دأب على تقديم مستوى متفاوت، أكد أنه ليس لاعب الوسط المدافع الذي يبحث عنه تشلسي منذ رحيل الفرنسي كلود ماكيليلي. أما الصربي برانيسلاف ايفانوفيتش، فأضاع مركزه مرات عدة حاله حال آشلي كول والظهير الآخر البرتغالي جوزيه بوسينغوا، وهنا السؤال عن الدور القيادي لتيري.
الجميل أن فيلاش ـــــ بواش اعترف بعد اللقاء بأنه كان سيجادل أياً كان قبل المباراة بأن مشاكل تشلسي هي في الفوضى الدفاعية، في إشارة منه إلى أنه فهم اللعبة أخيراً ومكمن العلّة في فريقه.



فينغر يطلب الثقة

كلمة مؤثرة تلك التي قالها أرسين فينغر لجمهور أرسنال في الاجتماع السنوي العام: «ليس هناك الكثير من الناس الذين يقفون خلفنا الآن. أستطيع أن أرى الكثير من الخوف، وحتى امتعاضاً عند بعضكم، لكنني أفهم هذا الأمر لأننا نعيش في عالم حيث نحارب أناساً يملكون إمكانات هائلة». وختم: «كل ما أريده هو أن تثقوا بنا. هذا الفريق يملك النوعية، هذا الفريق سيقاتل».