عندما سجّل أندريه أيوو بدايته مع مرسيليا الفرنسي قبل أربعة أعوام، وهو في السابعة عشرة من العمر، قلّة من المتابعين كانوا يعرفون حقيقة هوية لاعب الوسط الغاني، لكن سرعان ما تحوّل أيوو عنصراً أساسياً في تشكيلة الفريق الجنوبي العريق، الذي وجد فيه حلولاً عدة في منتصف الميدان انطلاقاً من قدراته الهجومية والدفاعية على حدٍّ سواء. وعندما عُرف السبب بطُل العجب، إذ إن أيوو هو نجل النجم الشهير أبيدي بيليه، أفضل لاعب في أفريقيا ثلاث مرات (1991 و1992 و1993)، الذي ارتدى قميص مرسيليا في تسعينيات القرن الماضي، وقاده الى أن يكون الفريق الفرنسي الوحيد الذي توّج في مسابقة دوري أبطال أوروبا عام 1993 بفضل الرأسية التي لا تنسى للمدافع الأسمر بازيل بولي في شباك ميلان الإيطالي على الملعب الأولمبي في ميونيخ.
ورغم وجود نجوم عدة في صفوف مرسيليا في الموسم الحالي، أمثال الهداف الدولي لويك ريمي واندريه بيار جينياك والأرجنتيني لوتشو غونزاليس، فإن أيوو كان محط الاهتمام الأكبر في «ستاد فيلودروم»، وذلك بفعل التطور المطّرد الذي أصابه في فترة قصيرة، مستفيداً من خوضه 51 مباراة في المسابقات المختلفة في الموسم الماضي، فتحوّل هدافاً وصانع ألعاب مميّزاً وأكثر لاعب يخدم المجموعة.
مسألة كهذه ربما كانت متوقعة بالنسبة الى المتابعين لمسيرة أيوو منذ الصيف الماضي، حيث سطع نجمه في نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، فكان أساسياً في كل المباريات التي خاضها مع منتخب بلاده، وأظهر الولد أنه سرّ أبيه بأدائه الدور القيادي الذي شغله بيليه قبله مع «النجوم السود»، وقد بدا غيابه مؤثراً سلباً على نحو كبير بعد إيقافه، فخسر الغانيون المباراة أمام الأوروغواي 2-4 بركلات الترجيح (تعادلا 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي) في الدور ربع النهائي.
صاحب القدم اليسرى القوية والمهاري السريع، كان قد كسب الإشادات حتى قبل المونديال الأفريقي، وجاءت من أحد أهم مدربي العالم «السير» الاسكوتلندي اليكس فيرغيسون، الذي ذهل بقدراته الدفاعية عندما تمكن من تعطيل البرتغالي ناني في لقاء مرسيليا ومانشستر يونايتد الإنكليزي ضمن دوري الأبطال الموسم الماضي. هذه القدرات الدفاعية سرعان ما ظهر أنها سلاح ذو حدين، فأصبح في كل مرة يستخلص فيها أيوو الكرة من لاعب منافس يحوّلها لمصلحة فريقه هجمة خطرة، أو يصل بنفسه الى الشباك. وهذه الميزة تجعله لاعباً مثالياً للدوري الإنكليزي الممتاز، وخصوصاً أنه يجمع بين القوة البدنية التي تعطيه أفضلية دفاعية على غيره، والمهارات الهجومية التي شهرت والده.
وطبعاً ميزات من هذا النوع تجذب أرسنال اكثر من غيره، ومدربه الفرنسي أرسين فينغر، الباحث الدائم عن لاعبين شبان وتربوا على أسس الكرة الفرنسية، وإطراءاته المتكررة تدلّ على أن شيئاً ما سيحصل في الأفق. إطراءات تلقفها أيوو بسرعة وردّ بالمثل على فينغر، واصفاً اياه بالمدرب الرائع الذي يساعد اللاعبين على النضوج وإحراز الألقاب.
بعد ماتيو فلاميني وسمير نصري، قد يخسر مرسيليا نجماً آخر لمصلحة أرسنال.



أكثر من خليفة

لطالما أشاد أبيدي بيليه بنجله أندريه أكثر من نجليه الآخرين جوردان الذي يلعب في مرسيليا أيضاً وعبد الرحيم لاعب ليرس البلجيكي؛ إذ رأى أن أندريه سيكون لاعباً أفضل منه حتى، «وهذا ما أتمناه له، أي أن يكون أكثر من خليفتي؛ فهو ليس فقط بإمكانه الفوز بدوري الأبطال، بل بكأس العالم أيضاً، ذلك أن شخصيته لا تسمح له بتقبّل الخسارة بسهولة».