منذ النجم الشهير إنزو شيفو، لم يأخذ أي لاعب بلجيكي ضجّة بحجم تلك التي تحيط بإدين هازار حالياً. هذه الضجة أصبح وقعها أكبر في الأسابيع الأخيرة لأسبابٍ عدة، أولها كان اصطفاف عددٍ أكبر من الأندية المهمة لوضع ورقة عرض على فاكس نادي ليل بطل فرنسا بغية استقطاب أفضل لاعبيه. وثانيها هو التصريح الواضح لهازار بأنه قرر الرحيل عن ليل في الصيف المقبل، راصداً وجهة خارجية وكاشفاً عن أسماء أندية كبيرة أخرى خطبت ودّه منذ فترة غير قصيرة.
كل هذه الأحداث المتلاحقة تفتح الباب أمام سؤالين أساسيين:
لماذا تتسابق كل هذه الأندية للحصول على توقيع هازار؟ ومن هو الفريق الأفضل الذي لن «يحرق» اللاعب في هذه النقلة النوعية والحساسة في مسيرته الكروية؟
لا يختلف اثنان على أنه في الوقت الحالي ليس في أوروبا لاعب في الـ20 من العمر يفوق بموهبته هازار. كذلك لم تشهد الملاعب في الأعوام الثلاثة الأخيرة تطوراً سريعاً للاعب بهذا السن، وهو الذي سار في مستوى تصاعدي، فقدّم نفسه في موسمين متتاليين كأفضل لاعب صاعد في الدوري الفرنسي، ثم أعلن في الموسم الماضي نفسه أفضل لاعبي «ليغ 1» بعدما كان أحد أهم مهندسي إنجاز فوز ليل باللقب المحلي.
وصحيح أن هازار يحمل الجنسية البلجيكية، لكن الأندية الأوروبية التي تغازله ترى فيه صورة النجم الفرنسي السابق زين الدين زيدان من حيث المهارة والقدرة على تغيير مجرى المباريات بلمسة أو تمريرة أو حتى تسديدة. وطبعاً ما يزيد من اقتناع هذه الأندية بالثقافة الكروية الرفيعة المستوى لهازار أنه تربى في كنف الكرة الفرنسية، حيث انغمس في بطولاتها منذ سن الرابعة عشرة، ما لقّنه تلك الأسس الصحيحة التي نشأ عليها أبرز أولئك النجوم الذين خرجوا من فرنسا ليلمعوا في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا.
لكن للسير على خطى هؤلاء، على هازار أن يعرف انتقاء الوجهة المثالية لتنصيب نفسه نجماً مرة جديدة؛ لأنه في هذه السن الصغيرة إذا ما انتقل إلى فريقٍ قد يحجّم من مشاركاته، فإن هذا الأمر سيطفئ الشعلة الموجودة في داخله، وبالتالي سيهدر مخزون موهبته. من هنا، وإذ كان صحيحاً ومبرراً قول زيدان نفسه إنه إذا سنحت له الفرصة لضم هازار إلى صفوف ريال مدريد الإسباني، فإنه لن يتردد أبداً، فإن تحوّل البلجيكي إلى العاصمة الإسبانية قد يكون غلطة عمره، والتبرير لهذا القول يبدو بسيطاً؛ إذ سيكون من الصعب عليه إزاحة أي من لاعبي الوسط المهاجمين من التشكيلة الأساسية وسط وجود نجومٍ عدة في مركزه، أمثال البرتغالي كريستيانو رونالدو والألماني مسعود أوزيل والبرازيلي كاكا والأرجنتيني أنخيل دي ماريا (يلعب هازار خلف المهاجمين أو في مركز الجناح أحياناً).
لذا، إن فرقاً على صورة ميلان بطل إيطاليا مثلاً، قد تناسب هازار أكثر؛ لكونه سيجد مركزاً أساسياً بالتأكيد هناك، وهو بالتالي قد يكون الهدية التي وعد بها رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني جماهير ناديه عند الفوز بـ«السكوديتو» الموسم الماضي. لكن هناك وجهة أفضل قد تناسب لاعباً بسن هازار، هي أرسنال الإنكليزي، حيث المدرب الفرنسي الفذ أرسين فينغر المتخصص بتطوير الشبان، الذي سعى منذ أكثر من عامين إلى ضم البلجيكي إليه، وخصوصاً في الصيف الماضي عندما حاول في اللحظات الأخيرة إيجاد بديلٍ لمواطنه سمير نصري.
ومهما يكن من أمر، فإنه أينما حطّ هازار، فإن نجمه سيلمع؛ إذ لا يمكن تجاهل أن «الشيطان الأحمر» الجديد هو نسخة عن شيفو، لا بل عن زيدان.