منذ 2004 وحتى 2011، اسمٌ واحد طغى على عناوين مراحل بطولة العالم للراليات. انه الفرنسي سيباستيان لوب الذي وضع نفسه في نهاية الاسبوع الجاري في مصاف اساطير الرياضات المختلفة، امثال الارجنتيني دييغو ارماندو مارادونا والبرازيلي بيليه في كرة القدم ومايكل جوردان في كرة السلة وميكايل شوماخر في الفورمولا 1 وغيرهم من الذين خلدوا في عقول المتابعين.ولم يكن لوب بحاجةٍ الى لقبٍ ثامن لتأكيد انه افضل سائق في تاريخ الراليات، اذ سبق ان اكد انه لا شيء يمكنه ان يبطئ من سرعته سواء كانت الطرقات حصوية، اسفلتية، او تغطيها الامطار والثلوج. لوب يعرف التعامل مع كل الظروف، وهو امر افتقدته غالبية ابطال العالم السابقين، اذ تخصّص كلٌّ منهم بأنواع طرقات معيّنة دون الاخرى، فلم يصلوا الى الكمال الذي اصابه البطل الفرنسي. واللافت اكثر انه مهما تبدّلت سيارته فإن لوب اندمج معها بطريقة غريبة وكأنه جزء منها، فمنذ انضمامه الى فريق «سيتروين» الفرنسي عام 2002 طوّر هذا البطل مستواه رغم تنقّله من خلف مقود «كسارا دبليو آر سي» الى ذاك الخاص بـ«سي 4» ثم الى «دي أس 3» التي حملها وحملته الى لقبي السائقين والصانعين في الموسم المنتهي.
أما النقطة الأهم فهي الحضور الذهني للوب، اذ مهما تقدّم به العمر او زادت ضغوط المنافسين، فهو كان حاضراً على الموعد لتحقيق الانجاز. وأبرز مثال على هذه المقولة انه وصل الى سن الـ37 لكن لم يتبدّل شيء في قيادته بل ان النضج الذي وصل اليه زاد من سرعته وخفّف من المخاطرة التي تنتج احياناً عند سائقي الراليات من الحماسة المفرطة. كذلك يجب التوقف عند مسألة عدم وقوعه تحت الضغوط، وخصوصاً انه كان دائماً مطارداً وفي المقدمة للدفاع عن لقبه، تماماً كما حصل هذا الموسم حيث بقي الحسم الى المرحلة الاخيرة في بريطانيا، لكن لوب اندفع منذ اليوم الاول بأقصى سرعته من اجل الحفاظ على اللقب. هذا اللقب الذي يتمسّك به كأنه لم يحرزه يوماً، وهي مسألة حاسمة في نجاحاته المطردة.
كثيرون وصفوا لوب بأنه يملك «مهارات إلهية» لذا أصبح لا يقهر على الطرقات حول العالم، وهو وصفٌ مردّه الاخطاء القليلة في القيادة التي ارتكبها في مسيرته، حيث ردّد دائماً انه يستمد هدوءه وجلوسه في السيارة كالمياه الراكدة في البحيرة، من الصبر الذي دخل الى نفسه ايام ممارسته لعبة الجمباز التي كانت محور حياته الرياضية قبل تحوّله الى الراليات، وهذا من دون شك كان سبب عدم مفارقة ملّاحه ومواطنه دانيال إيلينا له.
هل بدأ الملل من الراليات يدخل الى نفس لوب؟ هذا سؤال تصعب الاجابة عنه، فهو بحسب عقده مستمر مع «سيتروين» حتى 2014، في الوقت الذي تبدو فيه الامنيات كثيرة لتحوّله الى الرياضة الميكانيكية الاسرع اي الفورمولا 1، وهو الذي كان محطّ اهتمام بعض فرقها في الاعوام الاخيرة منذ حلوله ثامناً من اصل 17 سائقاً في احدى التجارب الشتوية في برشلونة، مبرهناً انه يمكنه التأقلم بسرعة مع الفئة الاولى.
غريبة ستكون الراليات بالنسبة الى الفرنسيين والعالم من دون لوب، لكن مهلاً، لقد أعدّ «سيتروين» سيباستيان آخر لحمل الراية اي سيباستيان أوجييه الذي بدأ يقتفي آثار مواطنه.



انتهاء الموسم بحادث!

لم تسنح للوب الفرصة للاحتفال على أفضل نحو ممكن بلقبه الثامن، إذ انسحب في اليوم الأخير من رالي بريطانيا بعد تعرضه لحادث، ما سمح لسائق «فورد فييستا» الفنلندي ياري ماتي لاتفالا بإحراز اول فوز له في 2011، متقدماً على سائقي «شتوبارت فورد» النروجيين مادس أوستبرغ وهينينغ سولبرغ على التوالي.