لا يختلف اثنان على نجومية البرتغالي كريستيانو رونالدو. بفنياته المميزة وأهدافه الرائعة، استطاع أن يصبح «الدون» إحدى أهم الظواهر في الألفية الجديدة، وخير دليل على ذلك اختياره عام 2008 أفضل لاعب في العالم. كل هذه الإبداعات على المستطيل الأخضر في كفة، وسلوكيات رونالدو في كفة أخرى، إذ إن «سي أر 7»، بحسب ما يلقّب، أصبح مادة دسمة على ألسنة المتابعين نظراً إلى تصرفاته وطباعه، وهذه الأمور تجعله في نظر كثيرين بعيداً كل البعد عن عظماء لعبة كرة القدم الذين يعدّون قدوة للأجيال الصاعدة، ومن هنا يأتي استفزاز آخرين لرونالدو بتوجيههم التحية للأرجنتيني ليونيل ميسي على المدرجات على مسمع الأول، وهذا ما يغيظه.آخر فصول رونالدو في هذا المجال كان رفعه إصبعه بطريقة منافية للأخلاق للجماهير البوسنية، خلال فترة الإحماء لمباراة البرتغال والبوسنة في ذهاب ملحق تصفيات كأس أوروبا 2012. رونالدو برر فعلته بسبب تسليط الجماهير «اللايزر» نحوه طوال الوقت. بطبيعة الحال، لا يفترض أن يقتنع أحد بتبرير «الدون»، إذ لو كان هذا الأمر صحيحاً فإنه لا يفترض بنجم يتبارى الأطفال الصغار على شراء قميصه فعل هذه الحركة، وأكثر من ذلك، فإن رونالدو وبدفاعه عما قام به يُظهر أكثر مدى سوء سلوكه، إذ كان حرياً به أن يعتذر للمشاهدين قبل الجماهير في الملعب.
طباع رونالدو السيئة تتأكد يوماً بعد آخر، إذ إن حركته الأخيرة لم تكن الأولى له في الملاعب. فعام 2008 وجّه لفظاً نابياً للألماني ميكايل بالاك خلال مباراة مانشستر يونايتد وتشلسي في الدوري الإنكليزي بسبب محاولة الثاني انتزاع الكرة منه. أما في مونديال 2010، فقد بصق على الكاميرا بعد خروج بلاده من المسابقة!
هذه التصرفات لا يمكن فصلها عن طبيعة شخصية رونالدو المبتلية بداء الغرور بنظر كثيرين. هذا الوصف ليس من فراغ طبعاً، بل يستند الى أمثلة كثيرة في هذا الإطار. أفضح هذه الأمثلة كان بلسان رونالدو نفسه، إذ كيف لنجم بحجمه أن يعتبر قبل فترة أن صافرات الاستهجان التي أطلقها جماهير دينامو زغرب الكرواتية تجاهه خلال المباراة مع ريال مدريد الإسباني في دوري أبطال أوروبا كانت بسبب حسدهم له «لأنني لاعب كبير ووسيم وغني»؟!
قد يرى البعض أن قول رونالدو ناجم عن شدة انفعاله لما واجهه من ضغوط من الجماهير يومذاك. حسناً، لكن أين المفرّ من سرد رونالدو لصديقته ياسمين لينارد بعضاً من جوانب حياته وشخصيته؟ هنا ينجلي الغبار عن كل شيء، إذ إن الرجل كان حينها في غاية هدوئه واتزانه. ما تكشفه لينارد لصحيفة الـ«ميرور» الإنكليزية قبل فترة قصيرة أن المال هو من أولويات رونالدو، إذ إنه يحب الحياة المترفة وهو يبذخ على ملذاته وثيابه وسياراته، ويصرف على أصدقائه في السهرات، وقد أخبرها «الدون» أنه اشترى شققاً لأمه وإخوته. قد يبدو هذا الأمر عادياً بالنسبة للنجوم الأثرياء، لكنه يصبح غير ذلك عندما يذكر رونالدو المبالغ التي أنفقها على هذه الأشياء، بما فيها منازل والدته وإخوته! حب الذات عند رونالدو يظهر أكثر عندما تكشف لينارد أن «الدون» أنفق آلاف الجنيهات من أجل حفر شعاره الخاص «سي أر 7» على كؤوس الشراب والنوافذ ومقتنيات أخرى في منزله في مدريد البالغ ثمنه 5 ملايين جنيه استرليني. حب الظهور والغرور يتضحان أيضاً في شخصية رونالدو من خلال اللاعبين والمدربين الذين واجهوه في الملعب، إذ يتفق الجميع على صفة الغرور فيه. وعلى سبيل المثال، يقول البرازيلي داني ألفيش: «رونالدو يختلق العديد من المشاكل مع اللاعبين والمدربين بسبب غروره»، وهذا ما يراه أيضاً كل من المدرب الهولندي غوس هيدينك واللاعب الأوروغوياني والتر باندياني وصديقة رونالدو السابقة الإسبانية نيرييدا غالاردو. أما رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني فدعا في إحدى المرات رونالدو الى الاقتداء بتواضع نجم كرة المضرب السويسري روجيه فيديرر.
من جانبها، فإن الصحف الصينية لم تتوانَ عن شنّ هجوم عنيف على رونالدو بسبب عدم مبالاته لأسئلتها خلال مؤتمر صحافي بعد إحدى المباريات الودية لريال مدريد مع فريق صيني، حيث اعتبر الصينيون «أن رونالدو يدمر صورته في الصين بسبب سلوكه وتغطرسه وغروره».
إذاً، هذا ما يجنيه رونالدو حتى الآن. لم يعلم «الدون» بعد أن النجم ليصبح خالداً يجب أن يكون ذا سلوكيات وصفات حسنة قبل كل شيء. رونالدو مخطئ بالدرجة الأولى بحق نجوميته، وبالدرجة الثانية بحق كثيرين، من غير مناصريه، ممن يكنّون الإعجاب لموهبته، بيد أن طباعه هي التي تنفّرهم من شخصه.



فتاة ليل كاذبة

لا يزال النجم الإنكليزي واين روني يكنّ العداء لرونالدو زميله السابق في مانشستر يونايتد بعدما تسبّب الأخير بطرده من مباراة البرتغال وإنكلترا في مونديال 2006، إذ كشفت جينيفر طومسون، صديقة روني السابقة، قبل مدة، أن الأخير توجّه لها عند دخول رونالدو في إحدى المرات الى حفلة مشتركة، قائلاً: «إنه (رونالدو) فتاة ليل كاذبة».