منذ مطلع التسعينيات، وتحديداً موسم 1993-1994 وحتى مطلع الألفية الجديدة، كان بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند عنوان المنافسة في «البوندسليغا»، اذ تمكن كايزرسلاوترن في مرة نادرة من اختراق هذه الثنائية موسم 1997-1998. وطوال هذه الفترة كان فريق مقاطعة بافاريا ونظيره المولود في ويستفاليا محور الاهتمام في كرة القدم الالمانية وحتى الاوروبية عبر خطف كلّ من الفريقين لقب مسابقة دوري ابطال اوروبا بقيادة «الجنرال» أوتمار هيتسفيلد.الحماوة بين الفريقين الاحمر والاصفر بردت منذ 2003 بعد ترك دورتموند لركب المنافسين على الدرع، في الوقت الذي ظل فيه بايرن الرقم الصعب في البطولة. الا أن «النار» اشتعلت مجدداً عندما فرض دورتموند نفسه في المعادلة من جديد منصّباً نفسه بطلاً لألمانيا. ورغم البداية المهزوزة لحامل اللقب هذا الموسم، فإنه عاد الى السباق ليقف في المركز الثاني بفارق خمس نقاط عن بايرن. لذا يعرف رجال يورغن كلوب أن فوزهم في موقعة «اليانز أرينا» بعد ظهر غدٍ سيجعلهم على مسافة اقرب من الصدارة التي اشتاقوا اليها، لا بل سيزيدون من الضغط على فريقٍ بدا كامل الاوصاف تقريباً حتى الآن.

«مانشافت 2012»

لكن، هناك في خاطر غالبية الرجال الـ22 الذين سيقفون وجهاً لوجه على ارض الملعب، تجول فكرة اخرى وهي مهمة بالنسبة اليهم على الصعيد الشخصي الى ابعد الحدود. فكرة تصبو الى حجز مكانٍ في التشكيلة الاساسية لمدرب المنتخب الوطني يواكيم لوف التي تشهد منافسة غير مسبوقة على مراكز مختلفة بين لاعبين من بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند تحديداً الذين تحوّلوا في الفترة الاخيرة عماد «المانشافت» الذي اصبح بفضلهم مرشحاً قوياً للظفر بلقب كأس اوروبا عام 2012، وذلك للمرة الاولى منذ العام 1996.
ومن خلال تأدية لاعبي بايرن ودورتموند في المباريات الاخيرة للمنتخب الالماني، حيث بدا الاستبسال عند بعضهم، تتضح الفكرة، اذ ان كل هذه العناصر تسعى بكل ما لديها من قوة إلى اثبات احقيتها في مركزٍ اساسي عند وضع لوف لخياراته قبل كل مباراة، وهو الذي سبق ان صارح انه رغم قناعاته المكرّسة في لاعبين معيّنين فإن هناك دائماً مجالاً لآخرين من اجل ازاحة لاعبٍ ما، ذلك اذا استطاعوا اثبات جدارتهم وتطورهم، وخصوصاً افادتهم المنتخب بشكلٍ افضل.
ومن خط الدفاع يبدأ التنافس الفردي بين لاعبي الفريقين المذكورين على مكانٍ بين الـ11 الاوائل في تشكيلة لوف، اذ بدا جليّاً أن الاخير يعامل بالمساواة كلاً من هولغر بادشتوبر (بايرن) وماتس هاملس (بايرن سابقاً ودورتموند حالياً) لمنحهما الفرصة قبل اتخاذ القرار بشأن شريك بير مرتيساكر في مركز قلب الدفاع. وفي هذا الخط تبرز ايضاً منافسة ثنائية اخرى بين جيروم بواتنغ (بايرن) ومارسيل شميلتزر (دورتموند)، تصب فيها الافضلية حتى الآن لمصلحة الاول الذي سبق ان اثبت جدارته في مونديال 2010.
وبالانتقال الى خط الوسط، يلفت اسم ماريو غوتزه، نجم دورتموند والكرة الالمانية، الذي بدأ يشكّل وجوده خطراً حتى على مسعود أوزيل، لذا سيكون طوني كروس امام مهمة تقديم مجهودٍ مضاعف لدفعه بعيداً من التشكيلة الاساسية، حيث قد ينافسه ايضاً على بطاقة لكأس اوروبا لاعب آخر من دورتموند هو زفن بندر الآخذ في التطور اسبوعاً بعد آخر.
اما في الهجوم، حيث يجلس هداف بايرن ماريو غوميز مرتاح البال، فإن كيفن غروسكرويتس (دورتموند) سبق ان ابدى طموحه إلى لعب دورٍ اكبر مع «المانشافت»، وهذا لن يحصل إلا اذا استغل التراجع النسبي في المستوى عند البافاري توماس مولر، الذي يعرف الوقت المناسب لتصحيح مساره، وهذا ما فعله بتسجيله هدفاً في مرمى هولندا مساء الثلاثاء.
لا شك في ان بايرن ميونيخ او بوروسيا دورتموند لن بكون الفائز الوحيد من موقعة غدٍ، اذ إن المنتخب الالماني هو الرابح الاكبر من هذه المنافسة الجماعية والفردية.



ابن بافاريا وعدّوها

سيكون ماتس هاملس العلامة الفارقة في قمة بايرن ودورتموند، اذ إن المدافع القوي نشأ في اكاديمية الفريق البافاري لكنه لم يحصل على فرصته مع الفريق الاول، فذهب بحثاً عن الفرصة ليجدها في ويستفاليا حيث تحوّل احد نجوم الفريق، من دون ان يخفي تحديه الدائم لناديه الأم في كل مناسبة.