ليس بالضرورة أن تكون نجماً كبيراً حتى تصبح مدرباً كبيراً. هذا ما يمكن ان ينطبق على عالم كرة القدم، اذ يحدثنا التاريخ، على الأقل الحديث، أن معظم المدربين الذين حفروا اسمهم في عالم التدريب لم يكونوا لاعبين كباراً في شبابهم، وهذا ما ينطبق على سبيل المثال على الاسكوتلندي أليكس فيرغيسون مدرب مانشستر يونايتد الانكليزي والفرنسي ارسين فينغير مدرب أرسنال، أما البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب ريال مدريد الاسباني، فقد كان مترجماً للانكليزي بوبي روبسون مدرب برشلونة السابق، في حين أن الايطالي الشهير أريغو ساكي كان مجرد بائع أحذية قبل ان يتحول ليصبح مدرباً لميلان ومنتخب ايطاليا. غير أن الفترة الحالية تشهد فورة حقيقية على صعيد تسلم نجوم فترة التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة مهام تدريب المنتخبات والفرق الكبرى.
هنا، يمكن الوقوف عند اسباب عديدة لهذه الخطوة، اذ لا يمكن الإغفال المطلق لأهمية عامل الشهرة والأضواء التي تلعب دوراً في اعادة هؤلاء الى الواجهة، كما أن العامل المادي يبدو حاضراً اضافة الى الانتماء للنادي والمنتخب الذي مثله النجم في شبابه.
الأمثلة على صعيد نجوم التسعينيات ومطلع الالفية الجديدة تبدو كثيرة في الوقت الحالي وفي الفترة القريبة السابقة، لكن يمكن القول ان القاعدة المذكورة اعلاه تنطبق على اكثر النماذج التدريبية، وأبرز الأمثلة هنا يبدو «الاسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا الذي فشل فشلاً ذريعاً على مستوى التدريب مع منتخب بلاده، اما النجمان الألماني يورغن كلينسمان والهولندي ماركو فان باستن فقد انطلقا بقوة في عالم التدريب مع منتخبي بلديهما، لكن سرعان ما خفت بريقهما لاحقاً حيث يسجل الاول انطلاقة سيئة مع الولايات المتحدة بعد فشله مع بايرن ميونيخ فيما يبدو الثاني عاطلاً من العمل. من جانبه، فإن الهولندي الآخر فرانك رايكارد اتضح انه بنى اسمه التدريبي على قوة الاسماء في برشلونة، وبدا هذا الامر واضحاً في فشله مع غلطة سراي التركي لاحقاً، أما الألماني لوثار ماتيوس فقد أقيل من تدريب منتخب بلغاريا أخيراً، في حين ان الاسباني لويس انريكه يواجه الانتقادات مع روما الايطالي، كما كانت الحال مع البرتغالي باولو بينتو مدرب منتخب بلاده في تصفيات كأس أوروبا 2012.
في الواقع، يخال النجم انه بشهرته وانجازاته يستطيع النجاح تدريبياً، وهذه نظرية اتضح عدم صحتها، اذ بالعكس، فإن ذلك قد يضعه تحت عبء اكبر من خلال حجم الآمال التي تعقد عليه نظراً لاسمه الكبير، وهذا ما واجهه مارادونا تحديداً، كما ان تحول النجم الى عالم التدريب يبدو سيفاً ذا حدين، اذ من ناحية قد يضيف الى سجله ومن ناحية اخرى فإن الفشل كفيل بأن يضر كثيراً بصورة النجم – الأيقونة في نظر عشاقه.
مناسبة هذا الحديث هي اتجاه أسماء كبيرة جديدة في الفترة المقبلة الى عالم التدريب، حيث لم يخف النجم الفرنسي زين الدين زيدان في أكثر من مناسبة في الآونة الأخيرة توقه الى ان يصبح مدرباً حيث يخضع حالياً لدورات تأهيلية، كما انه مهّد لذلك من خلال عمله مديراً رياضياً في ريال مدريد. ولا يخفى هنا أن «زيزو» يسير بخطى مدروسة حتى يصل الى مبتغاه، وبالتأكيد فإن تجربته في ميدان الادارة الرياضية ستفيده كثيراً في التدريب اضافة الى تمتعه بمحبة الغالبية العظمى من اللاعبين واحترامهم، لكن يبقى معرفة وجهة زيدان ان كانت في ريال مدريد لخلافة مورينيو حيث يُتداول انه قد يكون مدرباً لبلاده بدءاً من تصفيات مونديال 2014 او في منتخب فرنسا في حال فشل لوران بلان في كأس أوروبا؟
اسم ثان كبير يستعد لدخول عالم التدريب وهو الايطالي روبرتو باجيو الذي حصل قبل اشهر على شهادة في هذا المجال وقد رُبط بقوة في الأيام الماضية بتسلم فريقه السابق انتر ميلانو، لينفي بعد ذلك النجم السابق كل هذه الأقاويل التي ستتحول دون ادنى شك الى أفعال مستقبلاً، وان لم يكن ذلك في قلعة الـ «نيراتزوري».
النجم الأرجنتيني غابرييل باتيستوتا صرح قبل أيام أيضاً بأنه تواق الى عالم التدريب وجاهز لتلبية نداء منتخب بلاده أو نادي بوكا جونيورز تحديداً، اما الانكليزي المعتزل بول سكولز فمن المتوقع ان يتسلم الفريق الرديف لمانشستر يونايتد مع الرحيل المتوقع لشاغله وارين جويس الى هال سيتي، وقد يخلف في ما بعد فيرغيسون عند اعتزاله.
اذاً، زيدان وباجيو وباتيستوتا وسكولز قادمون الى عالم التدريب على صهوة شهرتهم. خبر مفرح بالتأكيد لعشاقهم، لكن السؤال المنتظر: هل سيسلك هؤلاء النجوم درب مارادونا والبقية، أم الدرب الناجح حالياً لقلة من أبناء جيلهم وفي مقدمهم الاسباني جوسيب غوارديولا والايطاليين روبرتو مانشيني وانطونيو كونتي؟



ميهايلوفيتش يلقى الفشل

آخر الأسماء الكبيرة في فترة التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة التي لقيت فشلاً في التدريب كان الصربي سينيسا ميهايلوفيتش، نجم لاتسيو وانتر ميلانو الايطاليين سابقاً، الذي أقيل الأسبوع الماضي من تدريب فيورنتينا واستُبدل بديليو روسي، وذلك بعد أن أقيل سابقاً من تدريب بولونيا كما أشرف على كاتانيا.