منذ اللحظة التي انطلقت فيها صافرة نهاية الدوري الإيطالي لكرة القدم الذي شهد تتويج يوفنتوس بلقبٍ رابعٍ على التوالي، بدأت غالبية الفرق ورشة بناء تهدف إلى الخروج بصورة أفضل في الموسم الجديد. وهذا الأمر تُرجم بوضوح في سوق الانتقالات الصيفية التي نشطت على صعيد المدربين واللاعبين على حدٍّ سواء.
وهذه الحركة تترك انطباعاً إيجابياً عند كل من تابعها، إذ إن إثارتها فاقت عدة مباريات مهمة في الـ»سيري أ» الموسم الماضي. وهذه الإثارة أفرزت صوراً تستحق الاهتمام والانتظار وتترك علامةً بأن الموسم الذي ينطلق اليوم سيختلف عمّا سبقه من مواسم شابها الملل ودانت فيها الهيمنة لفريق «السيدة العجوز»، الذي سيكون هدفاً للجميع في الفترة المقبلة.
صحيح أن فرق الدوري الإيطالي لم تستقطب نجوماً كباراً هذا الموسم، لكن حركتها جلبت بعض الأسماء التي تشدّ الانتباه. طبعاً هي أسماء لا يمكن القول إنها عالمية، فاللاعبون أصحاب السمعة الكبيرة كانوا أولئك المخضرمين في الموسم الماضي، أمثال أندريا بيرلو وفرانشيسكو توتي والحارس جانلويجي بوفون، وإلى حدٍّ ما الأرجنتيني كارلوس تيفيز. واللافت أنّ الدوري خسر اسمين كبيرين من بين الأسماء المذكورة برحيل بيرلو إلى الولايات المتحدة الأميركية وعودة تيفيز إلى ناديه الأم بوكا جونيورز...

حركة الانتقالات
جلبت أسماءً تشدّ
الانتباه إلى إيطاليا


المهم أن مرحلة البناء هي العنوان لموسم 2015-2016، إذ حتى يوفنتوس أطلق ورشة على هذا الصعيد. فريق ماسيميليانو اليغري ذهب بعيداً في سوق الانتقالات، حيث ظهر أنه يبني فريقاً للمستقبل بتعاقده مع عدة لاعبين صغار السن كان لبعضهم دور فاعل في وضعه على منصة التتويج من جديد، فكان الفوز بالكأس السوبر الإيطالية أخيراً في العاصمة الصينية بكين. وهنا الحديث عن لاعب مثل المهاجم الأرجنتيني باولو ديبالا القادم من باليرمو، وعن الظهير الأيسر البرازيلي اليكس ساندرو، إضافة إلى تأمينه بقاء الشابين الفرنسيين بول بوغبا وكينغسلي كومان، لا بل إن الإدارة أعطت الأول القميص الرقم 10 التاريخية كدليلٍ على أنه قائد المرحلة المقبلة.
ومع إضافة أسماء خبيرة مثل الكرواتي ماريو ماندزوكيتش والألماني سامي خضيرة، تبدو الأمور جيدة في أروقة بطل إيطاليا الساعي إلى لقبٍ خامسٍ على التوالي في إنجازٍ لم يحققه منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي (1930-1935).
وإذ يبدو «اليوفي» مدركاً ما يُقدِم عليه، فإنه يملك أفضلية على منافسيه، لكونه يبني لمرحلته المقبلة على أسس متينة وعلى فريقٍ بطل بدا لا يقهر في فترة من الفترات. لكن الطموحات كبيرة لدى عمال الورش الأخرى بتهديم ما يبنيه اليغري وجماعته، وتحديداً أولئك الموجودين في العاصمة الإيطالية روما الذين وضعوا كل القوة الموجودة في سواعدهم لتحصين أنفسهم والوقوف في مركز المنافس الشرس.
من هنا، يمكن اعتبار أن روما قد يكون السبب الأول للفت انتباه متابعي البطولات الأوروبية الوطنية هذا الموسم، خصوصاً بعدما اقتحم السباق جاذباً أسماء تصارعت عليها فرق إيطالية كثيرة، لعل أبرزها النجم المصري محمد صلاح الذي أخذ الـ»سيري أ» بعاصفته في الموسم الماضي عندما انتقل للعب مع فيورنتينا على سبيل الإعارة. ويضاف إليه المهاجم البوسني إدين دزيكو المفترض أن يترك بصمته في إيطاليا تماماً كما فعل في ألمانيا مع فولسبورغ، وفي إنكلترا مع مانشستر سيتي.
بالحقيقة تشكيلة روما تعجّ بالمواهب التي أُضيف إليها المدافع الألماني الشاب أنطونيو روديغر. وهذه النقطة لا تظهر في قطبين آخرين هما ميلان وإنتر ميلانو اللذان يحاولان جاهدين بناء صرحٍ كبير مجدداً، لكن ما عاب عملهما في سوق الانتقالات كان الفوضى التي انغمسا بها، حيث بدا وكأن تحركاتهما عشوائية.
وربما انطبق هذا الأمر على إنتر أكثر من ميلان، إذ إن «الروسونيري» كان أكثر تركيزاً في استقطابه أسماءً أثبتت نفسها على الساحة الأوروبية، أمثال الهدافين الكولومبي كارلوس باكا والبرازيلي لويز ادريانو. أما «النيراتزوري»، وبرغم جلبه الفرنسي جيوفري كوندوغبيا والمونتينغري ستيفان يوفيتيتش والبرازيلي ميراندا، فإنه ظهر وكأنه لا يريد أن يكمل البناء، فهدم طابقين اساسيين وثمينين عندما لم يمانع مدربه روبرتو مانشيني الاستغناء عن السويسري شيردان شاكيري والكرواتي ماتيو كوفاسيتش.
موسمٌ واعد قد يسجل عودة الكرة الإيطالية إلى الأضواء، لكن من المبكر القول إن وصف «الجنة» سيعود إليها قريباً.