يدخل منتخب لبنان لكرة القدم مرحلة جديدة مع بدء وصول اللاعبين المحترفين من جذور لبنانية. تمرين أمس لم يكن مشابهاً للتمارين السابقة. فالاهتمام الإعلامي كان أكبر والحضور الجماهيري أيضاً، اضافة الى حضور عضوي لجنة المنتخبات عدنان الشرقي وجوكي. السبب واضح، وهو مشاركة الحارس عباس حسن للمرة الأولى في تمارين المنتخب بعد وصوله الجمعة الى لبنان. الأنظار كانت متوجهة الى حسن والمدرب جهاد محجوب الذي حاول اكتشاف قدرات حسن بمعاونة لاعبي المنتخب. وانقسمت الحصة التدريبية بين تسديدات على حسن وتقسيمة شارك فيها، مقابل مشاركة الحارس زياد الصمد في الجهة المقابلة. لكنّ أمراً مهماً لفت الأنظار وهو الحديث الذي توجه به بوكير الى اللاعبين قبل بدء الحصة التدريبية، مبدياً إعجابه بأداء لاعبي النجمة، ومطالباً اللاعبين بالارتفاع الى هذا المستوى. واستشهد بوكير بما قام به بلال نجارين وأكرم مغربي وعباس عطوي وعلي حمام في رفع مستوى الفريق، خصوصاً بعد عودة نجارين ومغربي، معتبراً أن على لاعبي المنتخب أن يحملوا فرقهم في الدوري. وتوقف بوكير عند أداء لاعب النجمة علي حمام في مباراة النجمة والأنصار والدور الذي لعبه دفاعياً.
وبدا من خلال حديث بوكير كأنه رسالة الى لاعبين آخرين في المنتخب، وخصوصاً لاعبي فريق العهد الذي يعاني على صعيد البطولة المحلية، وهذا ما دفع بإدارته الى التحرك، ولو دون إعلان ذلك رسمياً، إذ يدفع العهد ثمن إنجازات المنتخب ويتعرض الفريق لضغط كبير بهدف فصل بوكير عنه وتفريغه مع المنتخب. ولا شك أن العهد يعتبر الفريق الأكثر تضرراً من ما حصل، فهو قدّم مدربه بوكير من منطلق وطني فدفع ثمن تراخي لاعبيه، والتشتت الذهني الذين يمرون به.
وعلى صعيد اللاعبين، فإن ادارة العهد فسخت العقد مع اللاعب المونتينيغري فلاديمير فوجوفيتش بعد سلوكه في لقاء طرابلس، إذ اعتدى بالضرب على لاعب الخصم وحاول الهجوم على لاعب آخر بعد نيله البطاقة الحمراء، وهذا ما سيبعده ثلاثة أسابيع عن الفريق بسبب الإيقاف. أضف الى ذلك المستوى المتواضع الذي قدمه فلاديمير في المباريات التي شارك فيها مع العهد.
ويظهر أن لعنة حلّت على بعض الأندية يمكن تسميتها «لعنة المنتخب». فالعهد يحتل المركز الخامس برصيد 11 نقطة، علماً بأن مدرب منتخب لبنان يقود الفريق اضافة الى وجود تسعة لاعبين مع المنتخب وهم الحارس محمد حمود، عباس كنعان، حسن ناصر، حسن شعيتو، أحمد زريق، هيثم فاعور، محمود العلي، حمزة سلامي ومحمد باقر يونس. أضف الى ذلك حالة «الاستشراس» التي انتابت اللاعبين الذين لعبوا ضد فريق العهد لإثبات أنفسهم أمام بوكير، ومنهم على سبيل المثال لاعبو الأنصار الذين كانوا متحفّزين قبل أيام من مباراتهم مع العهد للرد على عدم استدعاء أي لاعب من فريقهم الى المنتخب، وهذا أمر لم يسبق أن حصل في الماضي. وبالفعل فعلها لاعبو الأنصار وفازوا على العهد 1 - 0 في الأسبوع السادس. والمبرة أيضاً طاولته «اللعنة»، فهو يحتل المركز الثامن برصيد 8 نقاط، ما أدى الى استقالة مدربه أسامة الصقر، وهو يشغل منصب المدرب المساعد في منتخب لبنان. أما الراسينغ صاحب المركز التاسع بسبع نقاط، فكانت له حصة مع لاعبه وليد اسماعيل، الوحيد في المنتخب الذي غاب عن فريقه ثلاث مباريات بداعي الإيقاف، بعد دفعه الحكم خلال اللقاء مع النجمة في الأسبوع الرابع الذي تلى مباراة لبنان وكوريا الجنوبية. كذلك فإن النجمة عانى خلال الأسابيع الماضية من خلال المشكلة التي حصلت بين لاعبي المنتخب بلال نجارين وأكرم مغربي من جهة وادارة النادي من جهة أخرى. ورغم ان اسباب المشكلة معروفة، الا أنها لم تكن لتصل الى ما وصلت اليه لولا أمور تتعلق بالمنتخب.
«لعنة المنتخب» لم تنحصر في الشق المحلي، إذ إن تداعياتها وصلت الى الإمارات وكوريا الجنوبية والكويت. فمنتخب لبنان كان سبباً مباشراً في استقالة مدرب منتخب الإمارات السلوفيني سريتشكو كاتانيتش بعد الخسارة في المباراة أمام لبنان في بيروت 1 - 3 في 6 أيلول الماضي، ونتائج المنتخب الإماراتي السيّئة، وإحداها أمام لبنان، التي أطاحت رئيس الاتحاد الإمارتي خلفان الرميثي. وفي كوريا الجنوبية، لم تكن الحال أفضل من الإمارات، إذ خسر المنتخب الكوري أمام لبنان 1 - 2 في 15 تشرين الثاني ما أدى الى إقالة المدرب تشو كوانغ راي، رغم أن المنتخب الكوري ينتظر مباراة مهمة مع الكويت في 29 شباط ليتأهل الى الدور الرابع. هذه المباراة قد تكون سبباً مباشراً في رحيل مدرب منتخب الكويت الصربي غوران في حال خرج المنتخب الكويتي من التصفيات، وهذا مؤكّد في حال لم يفز على كوريا. وهذا الوضع الحرج في التصفيات وصل اليه الكويتيون بعد التعادل 2 - 2 في بيروت والخسارة 0 - 1 أمام لبنان في الكويت في الجولتين الثالثة والرابعة.
وبالتالي، فإن «لعنة المنتخب» أطاحت خارجياً أو قد تطيح ثلاثة مدربين ورئيس اتحاد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
وبالعودة محلياً، قد لا يكون لمنتخب لبنان علاقة مباشرة بما حصل، لكن ما مرّ به اللاعبون من «ضخّ إعلامي ومادي» فاق قدرات بعضهم، وأثّر ذلك على نواديهم في ناحية ما. لكن في كل الأحوال، مسيرة المنتخب مستمرة، وهي تدخل مرحلة جديدة قد تشهد تغييرات، خصوصاً مع الحديث عن احتمال أن يلامس هذا التغيير الجهاز الفني، وفق ما تشير اليه المعلومات عن رغبة بوكير في إجراء تغيير، لكن ما هو مؤكّد أنه لن يكون قبل مباراة الإمارات في 29 شباط المقبل، كما تفيد مصادر مقرّبة من شخصية رفيعة في الاتحاد. لكن هذا ليس محسوماً بالنسبة إلى المدرب بوكير الذي يفضل أن يستمزج أراء اطراف عدة بشأن اقتراحاته، ومنها اتحاد اللعبة واللاعبين وغيرهم، فهو ليس دكتاتورياً في هذا الإطار، ولا يسعى الى فرض رغباته في حال لم تكن لمصلحة المنتخب.
أما على صعيد اللاعبين المحليين، فأول ما يتبادر الى الذهن لدى التفكير في هذا الأمر هو لاعب العهد عباس عطوي «أونيكا» الذي يبقى المرشح الأول للانضمام الى المنتخب. لكن هذا في حسابات بعض المتابعين فقط، أما في حسابات بوكير، فالأمور محصورة بأداء «أونيكا». ويقول بوكير «حين يركض عباس 90 دقيقة ويسجّل أهدافاً ويرتد لمساندة الدفاع، حينها يمكن التفكير في استدعائه. أما الآن، إذا استدعيته فقد يأتي 150 لاعباً ليسألوك لماذا استدعيته وعلى أي أساس؟».
وعليه، فإن أموراً كثيرة مطلوبة من «أونيكا» قبل أن يحجز مكانه في المنتخب اللبناني. هذا المنتخب الذي يبدو أن مواكبة المرحلة المقبلة إدارياً تسير وفق ما هو مرسوم لها، خصوصاً على صعيد لجنة الدعم، مع فتح حساب خاص بالمنتخب في بنك لبنان والمهجر، حيث ستُجمع التقديمات وتودع فيه. وتشير المعلومات الى أن عدداً كبيراً من المتموّلين أبدوا رغبة في المساهمة في حملة يقودها رئيس الاتحاد هاشم حيدر بمعاونة بعض أعضاء الاتحاد، على أن تظهر نتائج هذه الحملة في المدى القريب. وهناك أيضاً مسألة التجهيزات التي يبدو أن عقداً كبيراً قد يوقع مع شركة مهمة جداً، وبمساع من شخصية نافذة أخرى في الاتحاد.
وبالعودة الى تمرين أمس، فقد أجمعت الآراء على مستوى الحارس عباس حسن الجيد. فالمدرب ثيو بوكير بدا حاسماً لناحية مستوى الحارس اللبناني، مجيباً بكلمتين: «جيد جداً». وكلام بوكير يتقاطع مع رأي عضوي اللجنة الشرقي وجوكي اللذين أكدا مستواه الجيد. فالشرقي قال «جسمانياً الحارس جيد، وكذلك فنياً، رغم أن التمرينة ركّزت على الجهد أكثر ممّا ركزت على الجانب الفني». ويعتقد الشرقي بوجوب مشاهدته في مباراة كي يتم الحكم عليه بصورة واضحة، مرجحاً أن يشارك في لقاء منتخب لبنان مع المنتخب الأولمبي في حال سمحت ظروفه بذلك.



الاتحاد يريد تفريغ بوكير

يبدو أن اتحاد كرة القدم حسم أمره بالنسبة إلى عملية تفريغ المدرب الألماني ثيو بوكير مع منتخب لبنان وفصله عن نادي العهد بانتظار الوصول إلى آلية تسمح بعملية التفريغ، على أن يُنهى الموضوع هذا الأسبوع عبر الطلب من العهد السماح بتفرّغ بوكير مع منتخب لبنان. وقد تجري زيارة النادي وطلب التخلي عن بوكير رسمياً.