لم يخرج منتخب لبنان للفوتسال خالي الوفاض من بطولة غرب آسيا، بعدما حجز مقعداً له في البطولة الآسيوية في الإمارات العام المقبل. ورغم خسارة لبنان للّقب، إلا أن ما حققه أمس ليس بالأمر العادي، في ظل حالة التطور التي تعيشها لعبة الفوتسال في منطقة الخليج. فعام 2011 مختلف عن عام 2009، ومن كان منتخباً متواضعاً أصبح منتخباً له قيمته، وبالتالي أصبح من الصعب على لبنان أن يحافظ على سيطرته على لعبة الفوتسال إقليمياً. فالمنتخب القطري أحرز اللقب بعد التطور الذي طرأ عليه، إضافة الى تجنيسه لاعبَين، أحدهما اللاعب المتألّق البرازيلي رودريغو، الذي قدم أداءًً في مباراتي نصف النهائي والنهائي يجعلك تعتقد أن من الصعب الفوز على منتخب قطر في ظل وجود لاعب مثله في صفوف منتخبها. ويمكن اعتبار الخروج ثالثاً بالنسبة إلى المنتخب اللبناني أمراً جيداً، في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها منتخب لبنان، عبر الاعتماد على مدرب أجنبي هو الإسباني باكو. فالمنتخب اللبناني «المصغّر» انتقل من مرحلة الى أخرى، ولا بد أن يكون لها أثمانها وتداعياتها على نتائج المنتخب. ولا شك أن البطولة كشفت العديد من الثُّغر التي يجب معالجتها، لكن في الوقت عينه شهدت العديد من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها للمرحلة المقبلة، وهي بطولة آسيا في أيار 2012، وحلم التأهل إلى المونديال. فمرحلة الإعداد لغرب آسيا كانت ضاغطة، ولم تسمح لباكو بالوصول بالمنتخب الى المستوى الذي يتمناه، وفي الوقت عينه بدأ لاعبو المنتخب بالاعتياد تدريجياً على أسلوب باكو، بعد فترة صعبة تعرضوا فيها لضخ كبير من الخطط والأساليب التي يجب على باكو تقديمها، وإلا فما الفائدة من التعاقد مع مدرب أجنبي. الملاحظات كانت في الفترة الماضية عن ضيق الوقت ومدى صوابية اتباع مثل هذا الأسلوب، خوفاً من تداعياته السلبية على التأهل الى آسيا.
أما الآن، فهناك الوقت الكافي لتكريس المرحلة الجديدة، والانتقال بالفوتسال من مرحلة فنية الى مرحلة أخرى، أعلى مستوى، بشرط أن يكون هناك دعم من كل شخص يتعاطى اللعبة في لبنان، بدءاً بالاتحاد ومروراً بالأندية الكبرى، وانتهاءً بأندية الفوتسال.
وبالعودة الى مباراة الأمس، فإن التأهل اللبناني الى نهائيات آسيا للمرة الثامنة كان مستحقاً بعد الفوز على المنتخب العراقي 1 - 0. ويمكن اعتبار أن المنتخب اللبناني استحق الحصول على البطاقة الثالثة الى النهائيات، لكونه قدّم مستوى مميزاً في مبارياته كلها، وحتى عند خسارته امام العراق وقطر، حيث فرض حضوره على غرار مباراة الأمس في نادي القادسية، عندما استحوذ على الكرة معظم فترات اللقاء، وهاجم المرمى بضراوة صانعاً العديد من الفرص. ولا تعكس نتيجة المباراة المتواضعة واقع المنتخب اللبناني في اللقاء، الذي سيطر عليه كلياً ضارباً الرقم القياسي لمعدل الفرص في الدقيقة الواحدة. وكان نجم اللقاء والبطولة على الصعيد اللبناني خالد تكه جي، الذي بدا كأنه لاعب آخر عن ذلك الذي يلعب في البطولة المحلية، ما يضع المسؤولين عن ناديه أول سبورتس أمام مسؤولية المحافظة على أداء تكه جي ومستواه. ولا تتوقف مكاسب البطولة على عودة نجومية تكه جي، فالمنتخب اللبناني كسب نجوماً يمكن البناء عليهم لاحقاً، كالاكتشاف علي طنيش، والصاعد كريم أبو زيد، إضافة الى عودة محمود عيتاني الى أجواء اللعبة.
وثأر لبنان بالتالي من العراق لخسارته امامه 1-4 في ختام دور المجموعات، وكان مفتاح الفوز الصبر أمام منتخب يهوى اغلاق المنطقة ويلعب على أخطاء الخصم، إذ أوعز المدربان الإسباني باكو اراوجو ودوري زخور الى اللاعبين تعليمات بعدم التسرّع واستغلال المساحات القليلة المتاحة للوصول الى المرمى، وخصوصاً عبر اللاعبين المهرة أمثال خالد تكه جي وعلي طنيش وهيثم عطوي.
وجرت أحداث اللقاء بنفس الطريقة التي شهدتها المباراة الأولى، إذ تسلّم اللبنانيون المبادرة مقابل ثبات العراقيين في منطقتهم، ومن خلفهم الحارس أحمد دريد، الذي تصدى لكرات عدة في الشوط الأول لتكه جي وحسن زيتون ومحمود عيتاني.
إلا أن تكه جي كان على الموعد في الشوط الثاني، معتمداً حلّ التسديد من بعيد، وهو تسلّم كرة من خارج المنطقة، وراوغ لاعباً عراقياً، ثم أطلق صاروخاً بيسراه سكن الزاوية اليمنى لمرمى دريد في الدقيقة 32.
وازدادت بعدها الفرص اللبنانية، إثر ارتداد العراقيين الى الهجوم وسط استبسال المدافعين اللبنانيين، حيث بذل عطوي وقاسم قوصان وعلي الحمصي وجان كوتاني مجهودات كبيرة بمؤازرة رائعة من الجمهور اللبناني المحتشد في القاعة.