لا يمكن وصف حالة القلق التي عاشتها العاصمة الإيطالية، روما، يوم الخميس الماضي. روما، بالأغلبية العظمى من قاطنيها، عاشت قلقاً وصدمة وغضب لم تألف ذلك كله منذ مدة طويلة، وتحديداً منذ 35 عاماً، في العام الذي ولد فيه «ملكها» فرانشيسكو توتي. فجأة، خرج الملك بتصريح أبدى فيه استعداده للرحيل عن فريق العاصمة الأحمر، روما، الذي عرف فيه مجده الكروي، إذا كان هو السبب في المشاكل التي يعيشها الأخير. أراد توتي الخروج من الفريق، الذي رفض رفضاً مطلقاً أو حتى مجرد التفكير في تركه عندما كانت كبرى الفرق الأوروبية تلهث وراء توقيعه على كشوفاتها، وفي مقدمها ريال مدريد الإسباني. هو الفريق الذي ارتدى قميصه 481 مرة منذ عام 1992 وسجل في صفوفه 207 أهداف. هو الفريق الذي فضّل البقاء فيه، رغم الظروف الحالكة وعدم مشاركته أحياناً في المسابقة الأهم عالمياً على مستوى الأندية في دوري أبطال أوروبا. هو الفريق الذي كان أولوية بالنسبة الى توتي على البحث عن الجوائز التي يُمكن أن تتاح أمامه في الأندية الكبرى، وخصوصاً جائزة أفضل لاعب في العالم أو في أوروبا (كانت تمنحها مجلة فرانس فوتبول في السابق) التي كان يستحق إحداها الملك يوماً من الأيام. باختصار، كان توتي وفيّاً لروما بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. توتي هو قلب روما النابض، ومن دونه تتوقف الحياة في العاصمة الجميلة. هذا ما أحسّه بالفعل، لا بالقول، سكان روما الخميس الماضي. الصدمة كانت مزدوجة لمناصري توتي، إذ إنه تعرض للمرة الأولى في مسيرته لموقف قاسٍ تمثل باعتداء عليه، كما قيل، من بعض موتورين من جمهور الفريق وذلك بسبب إضاعته ركلة جزاء أمام يوفنتوس في الدوري الإيطالي. إلا أن توتي الذي قال كلماته تلك، والتي لم تخرج من دون أدنى شك من قلبه، كان يعلم أن المدينة بأسرها لن تدعه يخرج. كان مجرد اختبار من الملك لحجم المحبة التي لا تزال روما تكنّها له.
وبالفعل، امتلأت المواقع والمنتديات الرياضية الإيطالية وموقعا التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و«تويتر» بكلمات التضامن مع نجمهم الأول والأوحد. كان الرفض المطلق لرحيله هو القاسم المشترك بين جميع الآراء. هو جنون في روما من أجل توتي ما حدث مساء الخميس. هذه الثورة الشعبية رافقها دعم بعض نجوم إيطاليا السابقين، وعلى رأسهم كارلو ماتزوني، مدرب روما السابق، الذي قال: «توتي يجب أن يُعامل كابن لروما. يجب علينا جميعاً أن نحبه. لقد ساهم في فوزنا في الكثير من المرات السابقة من دون أي مقابل». أما لويجي ريفا فقال بدوره: «توتي من النجوم القليلين الباقين في إيطاليا. لن يكون هناك توتي آخر في روما. جماهير روما يجب أن تقضي عمرها وهي تشكره».
إدارة روما، من جانبها، لم تقصّر عندما أعلنت تمسكها ببقاء توتي في الفريق. هدأت العاصفة نوعاً ما. خرج توتي، الجمعة، ليردّ التحية، معلناً استمراره مع الفريق. قصة جميلة ما حدث يومي الخميس والجمعة الماضيين. هي قصة حب ووفاء متبادلين بين نجم أزلي ونادٍ عريق. لعل النجم الآخر ورفيق درب توتي في الملاعب، أليساندرو دل بييرو، كان يستحق معاملة مماثلة في مدينة تورينو. روما وفيّة لتوتي ويوفنتوس خذل دل بييرو.



ميلان يدير ظهره لإينزاغي

في الوقت الذي سيستمر فيه فرانشيسكو توتي مع روما، فإن أحد النجوم الباقين من الجيل الماضي في الكرة الإيطالية، ونعني هنا فيليبو إينزاغي، يتّجه في سوق الانتقالات الشتوي الى الخروج من فريق ميلان، حيث يسجل للمرة الأولى انتقاله الى خارج إيطاليا وتحديداً الى الدوري الإنكليزي الممتاز.