«السياسيون وأولئك المقربون من الحكومة أصبحوا أغنى وأغنى. انا أيضاً أتيحت لي الفرصة أن اصبح أحدهم، لكنني رفضت وقلت لا، لأن ذلك يستلزم السرقة من الفقراء». تلك الكلمات صدرت عن «الأسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا في يوم من الأيام. ورغم ان مارادونا لم يدخل عالم السياسة فإنه ذو نزعة سياسية وله فيها صداقات مثل تلك التي تربطه بالزعيم الكوبي فيديل كاسترو والرئيس الفنزولي هوغو تشافيز، كما انه متأثر بمواطنه الثائر ارنستو تشي غيفارا. مارادونا الذي ابهر العالم بفنياته ذات حقبة من التاريخ، كان ليبهر الناس أيضاً لو دخل عالم السياسة. وفي مراجعة لتصاريح دييغو لا بد من ان نقف أمام ثائر ومنظر سياسي بامتياز. مواقفه لا تعرف المهادنة، صادمة الى ابعد الحدود، منها على سبيل المثال: «بوش قاتل»، كان ذلك خلال مشاركته في تظاهرة مناهضة لزيارة الرئيس الاميركي الأسبق جورج دبليو بوش الأرجنتين.
صحيح أن مارادونا لم يدخل غمار السياسة، لكن النجم الليبيري جورج وياه فعل ذلك. وياه أصر على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية الا انه فشل، ورغم ذلك لم ييأس وأعاد الكرّة قبل أكثر من شهر، ما يدل على شغفه بالعمل السياسي، لكن الحظ لم يحالفه ثانية.
من يعرف وياه أفضل لاعب في العالم عام 1995 يدرك ان هذا النجم ليس طارئاً على السياسة بتاتاً، اذ انه تميز بمواقفه المناهضة لحكومات بلاده والمطالبة بحقوق اللاعبين ومستحقاتهم المالية التي كان يدفعها في بعض الأحيان من جيبه الخاص. وبالانتقال الى عالم السرعة، فقد أعلن قبل يومين رئيس فريق فيراري للفورمولا 1 لوكا دي مونتزيمولو ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية في بلاده ايطاليا. الرجل لا يطلق طرفة اطلاقاً، اذ انه مصرّ على خوض المعركة الرئاسية حيث يستند هذا الشخص البارع في عالم الـ«بيزنس» إلى شبكة علاقات داخلية وخارجية مع شخصيات ذات نفوذ، ما ينبئ بأنه سيكون رقماً صعباً خلال صدور النتائج، ومن يعلم؟ فقد ينجح في ما فشل فيه وياه. النجم البرازيلي السابق روماريو يبدو مختلفاً عن مونتيزمولو ووياه، اذ انه اختار أن يكون نائباً عن الامة، وكان ذلك عام 2010. روماريو الذي جمع المجد من أطرافه في عالم «الساحرة المستديرة» اراد أن «يصرفه» في عالم السياسة في ما بعد، وقد نجح في ذلك الى ابعد الحدود عندما أصبح نائباً ممثلاً الحزب الاشتراكي في البرلمان البرازيلي.
وعند الاعلان عن ترشح روماريو للانتخابات النيابية كان موقف الحزب واضحاً، حيث لم يتوانَ مسؤولوه عن الافصاح بأن حزبهم سيستفيد من أصوات معجبي روماريو الكثر في العملية الانتخابية. اذاً، انها لعبة المصالح المشتركة: روماريو حصل على النفوذ والأمان بعدما كانت قد كثرت مشاكله ومشاويره الى المحاكم في تلك الفترة، والحزب من جهته حصل على مقعد نيابي مستفيداً من شهرة روماريو.
الآن أخبار روماريو وصوره عادت لتحتل مساحات واسعة من الصحف من خلال زيارته هذا المكان وإلقائه خطاباً في ذلك المكان. باختصار، روماريو وهب نفسه للدفاع عن حقوق الفقراء ردّاً لدين بحوزته لهؤلاء الذين ناصروه ليصبح نجماً عالمياً وقد حان الوقت ليبادلهم ما فعلوه لأجله.
لاعب الكرة البلجيكي مارك فيلموتس، من جانبه، سبق روماريو الى عالم السلطة. هكذا، بعد اعتزاله، أصبح فيلموتس عضواً في مجلس الشيوخ ممثلاً حركة الاصلاح، لكن مسيرته السياسية لم تكن ناجحة، وسرعان ما استقال.
ربما لم تتفق آراء فيلموتس مع تطلعات حزبه، او انه لم يتأقلم مع أجواء السياسة نفسها، فتنحّى تاركاً الساحة لأربابها. لكن النجم البرازيلي الآخر الراحل سقراطيس لم يكن كذلك. سقراطيس كان، وربما سيبقى حالة استثنائية. فأحد أفضل لاعبي خط الوسط على مر التاريخ لم يتوان عن مقارعة النظام العسكري الذي كان حاكماً في البلاد عبر تأسيسه حزباً يحمل اسم: «حزب كورينثيانس الديموقراطي» للمطالبة بحقوق لاعبي كرة القدم. وهو ذهب إلى أبعد من ذلك عبر حثّ الناس على التصويت عام 1982 في الانتخابات الأولى التي أجريت في البلاد بعد الحكم العسكري، وذلك من خلال حملة «انتخب في الخامس عشر» التي كان يضع هو وزملاؤه في كورينثيانس شعارها على خلفية قمصانهم، فاكتسب سقراطيس شعبية كبيرة في بلاده أضيفت الى تميزه المنقطع النظير في المستطيل الأخضر.
اذاً، ليسوا وحدهم الرؤساء والمسؤولون السياسيون من يحبون الرياضة، بل ان الرياضيين بدورهم يتوقون الى العمل السياسي. السياسة جاذبة بكافة المقاييس، فهنا السلطة وهنا تعود الأضواء لتسلط من جديد على من خفت نجمه.



حلم كاسباروف لم يكتمل

لم يكتمل حلم رئاسة جمهورية روسيا بالنسبة إلى بطل الشطرنج العالمي السابق، غاري كاسباورف، ذلك أنه انسحب من السباق لمنصب رئيس البلاد عام 2008، علماً انه ناشط في المجال السياسي في أحد احزاب المعارضة، وتعرف عنه معارضته الشديدة لرئيس الجمهورية السابق والحكومة الحالي فلاديمير بوتين.