أناقة، شخصية ودية، وذكاء حاد. هذه عيّنة من صفات كثيرة يتمتع بها مدرب منتخب المانيا لكرة القدم يواكيم لوف الذي يقف اليوم في صف افضل مدربي العالم لا بل يلقى الاشادات منهم على غرار اليكس فيرغيسون مدرب مانشستر يونايتد الذي اعتبره عراب نهضة الكرة الالمانية. كلمات «السير» تعكس فعلاً واقع الحال، اذ بعد عصر ركود عاشه «المانشافت» ظهر رجل اسمه يواكيم لوف ليغيّر المعادلة، اولاً عندما عمل في ظل يورغن كلينسمان في مونديال 2006 ثم في المرحلة التي تلت تلك الحقبة حيث تحوّل الالمان بعبعاً لكل المنتخبات، والدليل كان النتائج الاخيرة في كأس اوروبا 2008 وكأس العالم 2010 واخيراً خلال التصفيات المؤهلة الى البطولة القارية وانسحاباً الى المباريات الودية التي اقيمت هذا العام.
ببساطة، كل ما وصل اليه المنتخب الالماني حالياً يعود الى لوف، الذي طبع اسلوباً جديداً حمل معه النتائج الجيدة والمتعة في آنٍ معاً. مسألة ربما تبدو غريبة بعض الشيء إذا طالعنا مسيرة «يوغي» حيث درجت العادة ان يكون مدرب المانيا في غالبية الاحيان لاعباً عظيماً عرف مجده بالقميص الابيض، امثال «القيصر» فرانتس بكنباور وبيرتي فوغتس ورودي فولر وكلينسمان. لكن لوف يظهر يوماً بعد آخر انه ولد ليكون مدرباً عظيماً انطلاقاً من فلسفته في مقاربة اللعبة، ما فرض احترام العالم له، وهو بفعل تأسيسه جيلاً مميزاً، يملك الآن فرصة تخطي او على الاقل اصابة انجازات مماثلة لتلك التي سطّرتها الاسماء المذكورة.
لاعب الوسط المهاجم السابق الذي تنقل بين اندية الالمانية عادية مثل فرايبورغ وكارلسروه واينتراخت فرانكفورت، قدّم اوراق اعتماده مدرباً مع شتوتغارت اي الفريق الذي لم يقتنع اطلاقاً بقدراته لاعباً في موسم 1980-1981 حيث خاض معه اربع مباريات فقط. وفي شتوتغارت حيث عمل مساعداً للمدرب رولف فرينغر ظهرت لمساته، اذ مع رحيل الاخير لتدريب منتخب سويسرا، اصبح «يوغي» المدرب الشرعي في صيف 1996 فتسلّح بالثلاثي الهجومي الشهير فريدي بوبيتش والبرازيلي جيوفاني إيلبر وفريدي بوبيتش، فظفر بكأس المانيا ثم حل رابعاً في الموسم التالي حيث بلغ المباراة النهائية لكأس الكؤوس الاوروبية وخسرها امام تشلسي الانكليزي (0-1).
وبعد رحلات عدة غير ناجحة الى اندية تركية ونمسوية، وصل لوف الى المكان الذي اراده، وهو مقعد مع الجهاز الفني لمنتخب بلاده. وهنا بدأت قصة النجاح، اذ كثر الحديث ان «رجل الظل» خلف كلينسمان كان هو سر نجاح الالمان في مونديال 2006 حيث قدّم «المانشافت» كرة هجومية جذابة. التركيبة الناجحة للالمان عامذاك كانت الكاريزما الخاصة بـ«الحصان الأشقر» كلينسمان وتأثيره المعنوي الكبير في نفوس اللاعبين، وذكاء لوف الذي كان يدسّ الجرعات التكتيكية لكلينسمان، فتكرر مشهد العناق بينهما حتى اصبح «يوغي» وحيداً بعدما قرر «كلينسي» عدم تجديد عقده.
نبأ نقل وقتذاك الكرة الالمانية الى مرحلة اخرى، ففي اروقة الاتحاد المحلي اجمع الكل على ان لوف هو الرجل المثالي لحمل الشعلة. وبالفعل ورغم عدم احرازه اللقبين الاوروبي والعالمي في الامتار الاخيرة، كان الانجاز الاكبر للوف تلك الشجاعة في اعتماده على لاعبين شبان لديهم الجرأة الهجومية التي تفتقدها غالبية المنتخبات في العصر الحديث للعبة.
كذلك، ظهرت شجاعته في استغنائه عن القائد الملهم لسنوات طويلة ميكايل بالاك، فأخذ يغذي عقول اللاعبين الالمان بفكرة ان نظام اللعب لا يعتمد على عنصرٍ ما، لذا بدا جليّاً انه مهما تبدّلت التشكيلة بقي الاسلوب المعتمد شبه مثالي، واستطاع لاعبون جدد تعويض اصحاب الخبرة في مراكز مختلفة. والأهم انه زاد من سرعة ايقاع اللعب الذي كان ابطأ بكثير قبل خمسة اعوام، فرأينا منتخباً المانياً لا يهاب احداً ولا يتوقّع اي شيء سوى الفوز عشية كل مباراة، وذلك من دون استغنائه عن الانضباط الذي اشتهر به طوال تاريخه.
يواكيم لوف رجل العام في المانيا، ومنتخبه الافضل في سنة 2011 برأي مصادر رسمية ومتابعة، لكن 2012 هي الهدف، فهناك في بولونيا واوكرانيا ينتظر أن تنصف اللعبة «يوغي» ورجاله وترفعهم الى مصاف العظماء، اذ إن هدف المدرب الفذ هو الفوز باللقب القاري ولا شي سواه، وحينها سيكتب التاريخ عن رجل انتظرته المانيا طويلاً وهي الغائبة عن تذوّق طعم الكؤوس منذ 1996 حين فازت بكأس اوروبا.



ألمانيا الأفضل في 2011


منحت مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية منتخب ألمانيا لقب أفضل منتخب في 2011. وأنزلت ألمانيا بالتالي إسبانيا عن العرش الذي تبوأته أربعة أعوام متتالية؛ فقد جاء بطل العالم رابعاً بعد تأثره بالهزائم في المباريات الودية أخيراً، ليقف خلف إيطاليا الثانية، وهولندا الثالثة.
وأشارت «فرانس فوتبول» إلى أن «المانشافت» تفوّق لأنه فاز في جميع مبارياته ضمن التصفيات المؤهلة إلى كأس أوروبا، إضافة إلى المباريات الودية المهمة التي خاضها أمام منتخبات مثل البرازيل وهولندا.