يمكن وصف عام 2011 بأنه تقليدي بامتياز. وبعكس الأحداث السياسية الكثيرة، فقد كان 2011 عادياً من حيث الاحداث الرياضية، ويقيناً لولا بعض الانجازات الفردية من هنا او الاخفاقات الفردية من هناك لكان 2011 مر مرور الكرام. يمكن القول إن 2011 كان تحضيرياً لعام 2012 من خلال تصفيات بعض المسابقات الكبرى التي سيشهدها العام الجديد مثل بطولة كأس أوروبا لكرة القدم في بولونيا وأوكرانيا، اضافة الى أولمبياد لندن.
في كرة القدم، اللعبة الشعبية الاولى في العالم، يصح القول إن 2011 كان عام برشلونة الاسباني بامتياز، كما في عام 2009، حيث استطاع النادي الكاتالوني تحقيق خماسية عبر فوزه بلقب الدوري الإسباني وكأس السوبر المحلية ودوري ابطال أوروبا والسوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية قبل أيام. هذه الانجازات كان لها نكهتها الخاصة بالنسبة إلى أنصار الـ «بلاوغرانا»، إذ إن معظمها جاء على حساب الغريم الأزلي ريال مدريد، حيث يمكن وصف هذا العام بأنه تميز بالمنافسة التي أخذت ابعاداً كثيرة بين الناديين، الكاتالوني والملكي، الذي تذوق الخسارة أمام غريمه في الدوري المحلي ودوري ابطال اوروبا والسوبر الإسبانية، فيما لم ينتزع الا لقباً واحداً على حساب برشلونة، وكان ذلك في الكأس المحلية، ليعيش الكاتالونيون عاماً خيالياً ومجيداً على حساب المدريديين، وهم أبوا الا أن يختتموه بفوز جديد في عقر دار الأخيرين «سانتياغو برنابيو» 3-1 في ذهاب الدوري الاسباني.
ولم يخل ختام هذا العام أيضاً من مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت بخروج مانشستر يونايتد الانكليزي من الدور الأول لدوري ابطال أوروبا 2011-2012 بعد خسارته في المباراة الاخيرة امام بازل السويسري، علماً أن مجموعته لم تكن صعبة اطلاقاً، إذ ضمته بخلاف بازل الى جانب بنفيكا البرتغالي واتيلول غالاتي الروماني، ليكتفي الفريق الذي يقوده المدرب التاريخي العجوز، «السير» الاسكوتلندي اليكس فيرغيسون، بإكمال العام الجديد في مسابقة... «يوروبا ليغ»، التي لن يكون تحقيقه لقبها كافياً، بطبيعة الحال، لإرضاء جمهوره الناقم.
وقد كانت خيبة مدينة مانشستر مزدوجة بخروج سيتي جار يونايتد أيضاً من المسابقة نفسها، ومن الدور ذاته، بيد أن وقع الصدمة لم يكن كبيراً عند انصار الـ «سيتيزينس»، لحداثته في تلك البطولة، وصعوبة مجموعته بجانب بايرن ميونيخ الالماني ونابولي الايطالي وفياريال الاسباني، وباعتبار ان فوزه (المحتمل جداً) بلقب الدوري الانكليزي الممتاز لموسم 2011 – 2012 سيكون كافياً، على اعتبار ان موسمه كان ناجحاً، وخصوصاً ان ذكرى فوزه 6-1 على جاره في معقل الأخير «اولد ترافورد» في الـ «بريمييرليغ» ستبقى عالقة في الاذهان طويلاً، ويمكن اعتبارها من مفاجآت عام 2011 الكبرى.
على صعيد المنتخبات، استطاعت الكبرى منها حجز مقاعدها في بطولة اوروبا رغم بعض الصعوبة التي واجهت فرنسا والبرتغال تحديداً. وقد برز في هذا العام التطور الكبير لمنتخب ألمانيا، الذي قدم كرة ممتعة وهجومية قل نظيرها، ولقيت اشادات كثيرة، ليعدّ الـ «مانشافت» المرشح الأوفر حظاً بجانب اسبانيا للفوز بـ «يورو 2012».
اما أبرز البطولات الكروية في 2011، فقد تمثلت بـ «كوبا اميركا»، بيد أنها شهدت خيبة للأرجنتين المضيفة، والبرازيل حاملة اللقب، اللتين خرجتا من الدور ربع النهائي، فيما ذهب اللقب للأوروغواي، التي قدمت كرة جميلة وذلك بفوزها في النهائي على الباراغواي 3-0.
ولم يخل 2011 من ظهور بعض المواهب، وفي مقدمها البرازيلي نيمار والألماني ماريو غوتزه والبلجيكي ادين هازار. ويمكن القول هنا إن لاعب سانتوس الصاعد كان «نجم» العام من خلال الشائعات التي ربطته ولا تزال بالانتقال الى ريال مدريد تارة، وبرشلونة تارة أخرى، فيما كان نجم العام الحقيقي، بطبيعة الحال، الارجنتيني ليونيل ميسي، المنتظر أن يقف مجدداً على أعلى منصات التتويج في زيوريخ، في الأيام الاولى من العام الجديد، لحصد جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم.
لكن وصمة العار في كرة القدم، اذا صح القول، تمثلت في العنصرية التي اطلت بوجهها من جديد في العديد من المناسبات، كما حدث مع البرازيلي روبرتو كارلوس لاعب انجي ماخاشكالا في الملاعب الروسية، والاتهامات التي طاولت الانكليزي جون تيري لاعب تشلسي بإطلاق عبارات عنصرية ضد لاعب كوينز بارك رينجرز انطون فرديناند في الدوري المحلي!
دالاس بطل بفضل نوفيتسكي
في الدوري الاميركي الشمالي للمحترفين في كرة السلة، حصد دالاس مافريكس اللقب بعد طول انتظار بفوزه في السلسلة النهائية على ميامي هيت القوي بنجومه ليبرون جيمس ودواين وايد وكريس بوش، وذلك بفضل تألق نجمه الألماني ديرك نوفيتسكي الذي، دون مبالغة، وقف في بعض المباريات وحيداً في وجه الفرق المنافسة، ليحمل فريقه الى أعلى منصة التتويج في البطولة الأهم في كرة السلة عالمياً.
وشهد هذا العام انفضاض الشراكة بين لوس انجلس لايكرز، الذي فقد لقبه على نحو مبكر ومفاجئ، ومدربه فيل جاكسون بعد تنحيه، وبات السؤال المطروح الآن: كيف سيكون فريق النجمين كوبي براينت والإسباني باو غاسول في 2012 بدون مدربه الفذّ والتاريخي؟
ويبقى ان لقب أفضل لاعب في دوري العمالقة ذهب الى ديريك روز، لاعب شيكاغو بولز المتألق، الذي ينتظره مستقبل يبدو واعداً جداً، على غرار ما كان الامر مع «الأسطورة» مايكل جوردان، نجم الفريق عينه سابقاً، وإن كانت المقارنة بين الاثنين لا تبدو صحيحة او حتى واردة.

وترك ختام العام ارتياحاً لدى عشاق الـ «أن بي إي»، حيث شهدت ايامه الأخيرة انطلاق البطولة بعد مخاوف كبيرة وحقيقية من إلغائها بسبب الخلاف بين اللاعبين ومالكي الأندية.
فيتيل ولوب حاضران مجدداً
بالانتقال الى الانجازات الفردية، ففي سباقات الفورمولا 1، تمكن سائق فريق «ريد بُل رينو»، الألماني سيباستيان فيتيل، من الحفاظ على لقبه في بطولة العالم، ليصبح أصغر سائق يحقق هذا الإنجاز، كما أهدى لقب الصانعين لفريقه للعام الثاني على التوالي أيضاً. وكان الوصول إلى اللقب بالنسبة إلى «سيب» سهلاً جداً، حيث لم يلق أي منافسة تذكر، فيما ذهب المركز الثاني للبريطاني جنسون باتون، سائق ماكلارين مرسيدس، امام زميل فيتيل الأوسترالي مارك ويبر. غير أن السهولة في تحقيق الفوز على الحلبة قابلتها «حرب اعلامية» عالمية جوبه بها السائق الألماني الشاب، اذ وصف الانتصار الذي حققه بأنه بفضل سرعة سيارته فقط، غير أن فيتيل استطاع تخطي كل تلك الافتراءات، التي ليس لها مكان من الصحة، والدليل على ذلك تحقيقه اللقب في الأمتار الاخيرة من عام 2010 بسيارة أقل كفاءة، ليمضي قدماً نحو الحفاظ على لقبه، كما ان فيتيل حطم الرقم القياسي بالانطلاق من المركز الأول، الذي كان بحوزة البريطاني نايجل مانسل عام 1992، وذلك عندما نجح في الانطلاق أولاً في 15 سباقاً، وهذا إنجاز نوعي لسائق في الـ 24 من عمره.
وشهد ختام العام خبراً مفرحاً لعشاق بطل العالم السابق، الفنلندي كيمي رايكونن، الذي سيعود الى منافسات الفئة الاولى من بوابة فريق رينو، حيث السؤال المنتظر في عام 2012: هل ستكون هذه العودة مخيبة كما كانت عودة الـ «أسطورة» الألماني ميكايل شوماخر في 2010؟
وما دمنا نتحدث عن رياضة المحركات، فإن «أسطورة» سباقات الراليات الفرنسي سيباستيان لوب، سائق فريق «سيتروين»، نجح في تحقيق لقب ثامن ليبرهن مجدداً انه السائق الأفضل في هذه الرياضة، والرقم الأصعب فيها.
اما بطولة العالم في سباقات الدراجات النارية، فقد ذهب لقب الفئة الأشهر فيها «موتو جي بي» للأوسترالي كايسي ستونر، سائق هوندا، الذي استعاد اللقب الذي فقده منذ عام 2007. وحقق السائق الذي يبلغ الـ 26 من عمره الفوز في 10 جوائز كبرى، كان آخرها في سباق فالنسيا الإسباني.
غير أن موسم 2011 في سباقات الدراجات النارية كان مأسوياً، إذ شهد رحيل الايطالي ماركو سيمونتشيللي، سائق هوندا، في فئة «125 سي سي»، بعد حادث تصادم في جائزة ماليزيا الكبرى، ليودع بطل العالم السابق في فئة «250 سي سي» الحلبات نهائياً عن عمر 24 عاماً فقط، ويترك رحيله فراغاً بدا واضحاً منذ لحظاته الاولى من خلال الحزن الذي عاشته بلاده.
خيبة بولت وفيلبس ونشوة ديوكوفيتش
لا يمكن المرور على الـ 2011 دون التوقف عند الجامايكي أوساين بولت. فهذا العام مثل خيبة بالنسبة إلى أسرع رجل في العالم، اذ فقد فيه هذه الصفة بعدما خسر في سباق 100 متر، الذي قدم فيه اوراق اعتماده للشهرة والنجومية، لصالح مواطنه يوهان بلايك، بعد انطلاقته الخاطئة، وذلك في بطولة العالم لألعاب القوى في دايغو الكورية الجنوبية، ولولا تعويض بولت في سباقي 200 متر والبدل 4×100 متر لكان موسمه كارثياً بكافة المقاييس.
كذلك لم يبتسم عام 2011 لـ«أسطورة» السباحة الأميركي مايكل فيلبس، الذي فقد ذهبيتي سباقي 200 متر حرة و200 م متنوعة في بطولة العالم في الصين.
خيبة بولت وفيلبس قابلتها نشوة الانتصار لنوفاك ديوكوفيتش. نشوة لاعب كرة المضرب الصربي تمثلت في كسره احتكار ثنائية الإسباني رافاييل نادال والسويسري روجيه فيديرر لعالم الكرة الصفراء، عندما نجح بإطاحتهما مراراً وتكرراً ليتبوّءا التصنيف العالم للاعبين المحترفين. وحقق ديوكوفيتش، الذي تميز بقوته البدنية الى جانب حضوره الذهني، الفوز بثلاث بطولات كبرى «غراند شيليم» هي: ويمبلدون الإنكليزية واميركا المفتوحة «فلاشينغ ميدوز» وأوستراليا، فيما بقيت سيطرة نادال على الملاعب الترابية مستمرة من خلال فوزه ببطولة «رولان غاروس» الفرنسية، وقد كان موسم الاخير أقلّ كارثية من موسم غريمه فيديرر، الذي استطاع تدارك عامه في ختامه بتحقيقه لقب الماسترز في لندن.
اما لدى السيدات، فلم يقدم عام 2011 نجمة مطلقة، حيث ظل التناوب بين اللاعبات على الفوز بالبطولات، في الوقت الذي فشلت فيه، لعام جديد، المصنفة الاولى على العالم الدنماركية كارولين فوزنياكي، في الفوز بإحدى البطولات الكبرى.
اذاً، 2011 كان عام الإنجازات الفردية بامتيار، وهي إن حضرت في 2012 مجدداً، فإنها لن تخطف الاضواء بالتأكيد من الحدثين الكبيرين: كأس اوروبا وأولمبياد لندن.



معتزلون وراحلون

كان البرازيلي رونالدو أبرز المعتزلين في 2011، حيث وضع أفضل لاعب في العالم سابقاً حداً لمسيرة مظفرة في الملاعب توّجها بقيادة بلاده للفوز بمونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، كما يعدّ الـ «فينومينو» أو «الظاهرة»، كما يلقب، أفضل هداف في تاريخ المونديال بـ 15 هدفاً.
كذلك، فقد شهد 2011 اعتزال كلّ من الهولندي ادوين فان در سار، وغاري نيفيل، وبول سكولز، لاعبي مانشستر يونايتد الإنكليزي.
هذا على صعيد كرة القدم، أما على صعيد كرة السلة، فقد كان العملاقان شاكيل اونيل، لاعب بوسطن سلتيكس، وياو مينغ، لاعب هيوستن روكتس، أبرز المعتزلين، وقد لحق بهما في نهاية العام الصربي بيجا ستوياكوفيتش لاعب دالاس مافريكس.
وقد شهد عام 2011، رحيل نجوم رياضيين نهائياً، كان أبرزهم سقراطيس نجم الكرة البرازيلية، والويلزي غاري سبيد، الذي فارق الحياة بعد إقدامه على الانتحار.
وكان 2011 مناسبة لعودة نجوم آخرين، كان في مقدمهم «الطوربيد» الأوسترالي ايان ثورب، الفائز بخمسة ألقاب أولمبية في السباحة.



أهم الاحداث الرياضية في عام 2012