رغم حلوله ثانياً خلف أوستراليا في تصفيات المرحلة الثانية المؤهلة لكأس آسيا 2019 ومونديال روسيا 2018، لم ينجح منتخب الأردن في فرض نفسه بين أفضل المنتخبات، ليتعذر عليه خوض المرحلة الحاسمة المؤهلة إلى مونديال روسيا 2018، لكنه حظي بالمقابل بفرصةٍ للمشاركة في تصفياتٍ تكميلية لضمان حضوره في كأس آسيا 2019، وهو ما استغله بعدما تصدر مجموعته ليضمن المشاركة في المسابقة الآسيوية. بعد فوزه على سوريا بهدفين نظيفين، نجح منتخب الأردن في التأهل إلى دور الـ 16،مشكلاً إحدى أبرز مفاجآت البطولة نظراً الى تصدره على البطل السابق أوستراليا.نجاح الأردن في البطولة يعود إلى عوامل عدة، أبرزها المدير الفني البلجيكي فيتال بوركلمانز، إضافةً الى إصرار اللاعبين وحماستهم، على رأسهم موسى التعمري. بعد قيادته الأردن إلى دور الـ 16، لقي نجم المنتخب الشاب إشادات واسعة، نتيجةً لتألقه اللافت الذي تجلى أمام المنتخب السوري، بعد تسجيله الهدف الأول وصناعة الهدف الثاني. أداءٌ سلّط الأضواء على ابن الـ 21 عاماً، والذي ارتبط اسمه سلفاً بأندية جنوى وفيورنتينا الإيطاليين. تمكن التعمري من تسجيل هدف وصناعة 2 آخرين من أصل 3 أهداف سجلها المنتخب.
حضر كشافون من نادي فيورنتينا الإيطالي مباراة الأردن وسوريا لمشاهدة موسى التعمري


بدأ التعمري مسيرته الكروية في الفئات العمرية لنادي شباب الأردن، وانتقل بعدها على سبيل الإعارة إلى فريق الجزيرة الذي قاده للوصول التاريخي إلى نهائي منطقة غرب آسيا لبطولة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، مسجلاً 6 أهداف في 8 مباريات. غير أن اللاعب غاب عن النهائي الآسيوي بعد توقيعه عقد احتراف لمدة 3 مواسم مع نادي أبويل القبرصي، يحصل من خلاله في كل موسم على مبلغ مليون دولار لتعتبر إحدى أكبر الصفقات للاعب أردني في التاريخ. بعد مباريات عدة مع أبويل، سجل التعمري 7 أهداف، فارضاً نفسه بين نجوم الدوري. يمتاز التعمري بسرعة المراوغة والتسديد، مهاراتٌ جعلت الجماهير الأردنية تعلق الآمال عليه للذهاب بعيداً في بطولة كأس آسيا. التألق الكبير في أبويل، جذب أنظار كشافي نادي فيورنتينا الإيطالي الذين حضروا المباراة أمام سوريا في الإمارات.
على الصعيد الفني، كان للمدرب البلجيكي التأثير الأكبر في تحقيق البداية المثالية للمنتخب. في السنوات السابقة، عانى المنتخب الأردني من مشاكل إدارية عديدة، وهذا ما انعكس على النتائج بعدما بلغ عدد المدربين المتعاقبين على المنتخب الأردني ثمانية منذ عام 2015 حتى الآن. بدأ فيتال مشواره التدريبي برفقة الأردن بشكلٍ مثالي، ممنّياً النفس في تحقيق إنجاز للكرة الأردنية في بطولة كأس آسيا، بعدما توقف مشواره في أول مشاركتين 2004 و2011 عند دور الربع النهائي. لم تأت النتائج الجيدة أخيراً وليدة الصدفة، بل لعبت خبرة المدرب دوراً بارزاً في ذلك.


بدأ فيتال مشواره الكروي في بلجيكا، حيث تنقل بين أندية بروغ، وباترو إيسدن، وإس في ويرغيم، وجنت، وسيركل بروغ، كما شارك مع المنتخب البلجيكي في بطولتي كأس العالم 1994 و1998. بعد اعتزاله كرة القدم، دخل فيتال مجال التدريب من بوابة نادي دندر في دوري الدرجة الثانية البلجيكي عام 2010، غير أنه هبط معهم إلى دوري الدرجة الثالثة. انتقل بعدها للعمل كمساعد للمدير الفني للمنتخب البلجيكي عام 2012، وبقي هناك حتى عام 2016. وفي عام 2018، انتقل فيتال بوركليمانز، للعمل كمساعد للمدير الفني للمنتخب الأردني، ليعيّن بعدها مديراً فنياً للمنتخب بعد إقالة المدرب السابق جمال أبو عابد عقب خسارة المباراة الودية أمام منتخب لبنان. رغم الانتقادات التي تعرّض لها المدرب البلجيكي في التحضيرات، تمكن فيتال من إسكات الجميع والتأهل إلى دور الـ 16، منسياً الجماهير الأردنية خيبات المنتخب الماضية، والتي كان آخرها توديع نسخة 2015 من بطولة كأس الأمم الآسيوية من الدور الأول، بفوز واحد على نظيره الفلسطيني وهزيمةٍ أمام كلٍّ من اليابان والعراق.
اعتمد المدرب البلجيكي في البطولة الحاليّة على الواقعية، حيث جعل من الهجمات المرتدة والدفاع الصلب سلاحه الأساسي. لجأ المنتخب الأردني إلى أسلوب التكتل الدفاعي أمام أوستراليا، مستفيداً من الكرات الثابتة والعرضيّة. أمام سوريا، تخلى الأردن عن خجله الدفاعي من دون تجاهل عنصر التنظيم بين الصفوف، فتمكن من تسجيل هدفين جاءا عبر كرةٍ عرضية وأخرى ثابتة، ليحسم بذلك تأهله إلى الدور الثاني، رغم التعادل مع فلسطين. لتنفيذ الخطط وخلق التوازن بين صفوف المنظومة، أشرك المدرب البلجيكي لاعبين من أصحاب الخبرة، في مقدمهم حارس المرمى عامر شفيع، الذي شارك في بطولة آسيا أعوام 2004 و2011 و2015. رغم صعوبة المجموعة التي لعب فيها، تمكن «النشامى» من التأهل إلى دور الـ 16 كأول المجموعة، مظهرين أنهم الأكثر جاهزية بين كل المنتخبات العربية. ومن المتوقع بحسب العديد من المراقبين أن يذهب المنتخب الأردني بعيداً في البطولة إذا واصل اللعب بهذه الطريقة.