تعود الأزمة الخليجية إلى الواجهة من جديد من بوابة الرياضة، بعدما خلصت دراسة جدوى أعدها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إلى أنّ كأس العالم المقبل التي ستقام في قطر عام 2022 قد تنعقد بمشاركة 48 منتخباً بدلاً من 32، وهذا ما يحتّم ضرورة الاستعانة بدولةٍ جارة على الأقل كمضيف مشارك لقطر. وحددت الدراسة ملاعب في: البحرين، الكويت، عُمان، السعودية والإمارات يمكن استخدامها في المسابقة، الأمر الذي أقلق قطر ولا سيما أنّ هذا القرار قد يعرقل خططها التنظيمية للبطولة.رغم أنّ الاتفاق على مبدأ توسيع أعداد المنتخبات المشاركة في المونديال أقرّه أعضاء الفيفا انطلاقاً من كأس العالم 2026 التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، إلا أنّ جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد لا يزال راغباً في إمكانية تطبيق ذلك بدءاً من مونديال قطر 2022. وفي الوقت الذي اقترح فيه إنفانتينو أنّ مشاركة استضافة المباريات مع جيران قطر سيساعد على رأب الصدع الخليجي في المنطقة، توصلت دراسة الفيفا إلى أن من غير العملي أن تشمل الدول المشاركة في الحصار على قطر مثل الإمارات والسعودية والبحرين، في خطط الاستضافة، تاركةً عُمان والكويت كخيارات مفضلة. ورغم ذلك، فإنّ مجرّد طرح اسم الإمارات ولو باحتمال ضئيل لاستضافة بعض مباريات المونديال، دفعها إلى التودد لقطر واستخدام خطاب الأخوّة والجيرة بين البلدين لاستمالتها، ولا سيما أنها تمتلك الملاعب المؤهلة لحدثٍ كهذا بعد استضافتها الناجحة لكأس آسيا أخيراً. وفي هذا الصدد، قال رئيس الهيئة العامة للرياضة الإماراتية، اللواء محمد خلفان الرميثي في مؤتمر صحافي، أعلن خلاله ترشحه رسمياً لرئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، «علينا دائماً التذكر بأن البطولة قطرية، وإذا شاركت خمس دول خليجية في استضافة عدد من المباريات فسيكون ذلك جيداً». وشدد الرميثي على استعداده لزيارة الدوحة في حال فوزه برئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم «لأن قطر إحدى الدول المهمة على صعيد كرة القدم»، على حد قوله. كما أشار المسؤول الإماراتي في تصريحات نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إلى أنّ «تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 بالمشاركة مع قطر يمكن أن يكون العلاج للأزمة القائمة في الخليج»، مطالباً القطريين بضرورة تنحية الأزمة الدبلوماسية جانباً والتركيز على كرة القدم. إلا أنّ الكثيرين صنفوا كلام الرميثي في خانة التصريحات الدعائية لكسب حملته الانتخابية والوصول إلى رأس الهرم الرياضي الآسيوي. في المقابل، اعتبرت لولوة راشد الخاطر، المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية القطرية أنّ من الصعب الحُكم على نية الإمارات بتقديم عرض للتعاون مع قطر في تنظيم كأس العالم 2022. كما أشارت إلى «أنه بسبب الوضع الدبلوماسي الحالي، من الصعب تخيل كأس العالم بين قطر والإمارات». وقد سبق لإنفانتينو أن لفت إلى أن الزيادة في عدد المنتخبات لن تتم من دون موافقة البلد المضيف، وهو ما أكده الرئيس التنفيذي لبطولة كأس العالم لكرة القدم ناصر الخاطر بقوله، «لن يتم فرض أي شيء على أحد»، مشدداً على أنه لن «يكون هناك قرار أحادي الجانب». ولا شك أنّه في حال موافقة مجلس رئاسة الفيفا على مقترح زيادة عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات 2022، ستتعزز فرصة نجاح مقترح إشراك الكويت وسلطنة عمان مع قطر، ولا سيما أنّ الدولتين لا تزالان تحافظان على علاقات ودية مع الدوحة بعد اتخاذهما موقفاً محايداً من الأزمة الخليجيّة.
ترتفع فرص نجاح مقترح إشراك الكويت وسلطنة عُمان مع قطر


قطر التي أجرت استعداداتها منذ عام 2010 لاستضافة مونديال يضم 32 منتخباً، ستواجه صعوباتٍ وتحدياتٍ جديدة على صعيد الاستضافة وإقامة المنتخبات واستيعاب الأعداد الإضافية للمشجعين في حال اعتماد قرار زيادة عدد المنتخبات المشاركة. حتى لو وافقت قطر على هذه الاستضافة المشتركة، إلا أنه ليس هناك ما يضمن أن تلك الخطة قد تكون مجدية، بسبب مشاكل لوجستية عديدة. وفي هذا الإطار، رصدت مجلة «فوربس» الأميركية، أبرز المشكلات التي تواجه خطة التنظيم المشترك بين قطر وعُمان والكويت، معتبرةً أنّ الأجندة الدولية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ستتطلب زيادة عدد أيام البطولة، لأنه لا يمكن لعب المونديال بـ 48 منتخباً بنفس عدد الأيام المتفق عليها. بطبيعة الحال، هذا الأمر سيؤثر سلباً على الأجندة الدولية الأوروبية وأجندة دوريات كرة القدم العالمية، لذلك فإضافة أيام للبطولة سيكون بمثابة تحدٍ كبير للفيفا. إلى جانب ذلك، فإنّ التنظيم المشترك لكأس العالم سيتطلب تحسين وتأهيل البنية التحتية في عُمان والكويت بصورة كبيرة جداً. فالكويت لا تمتلك إلا ملعباً واحداً فقط يمكنه استضافة كأس العالم، في حين أنّ سلطنة عُمان لا تمتلك أي ملعب على الإطلاق لهذه المناسبة، وتحتاج إلى تأسيس بنية تحتية كاملة قادرة على استيعاب الجمهور والفرق الوافدة. ولا يمكن نسيان عدم وجود حدودٍ برية بين الدول الثلاث، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى «تدمير» الشعار الذي رفعته قطر من أجل تنظيم هذا المونديال، وهو «كأس عالم صغيرة»، حيث بإمكان المشجعين السفر بسهولة بين الملاعب بدلاً من الطيران عبر القارات، كما حصل في كأس العالم الأخير في روسيا. هذا كله سيذهب أدراج الرياح في حال اعتماد قرار مشاركة الاستضافة، وسيتطلب من قطر إعادة ترتيب أوراقها في ما يخص تنظيم البطولة كي تتجنب كارثةً كبيرة.

منذ إعلان قطر ترشحها عام 2010 لاستضافة كأس العالم، خرجت الكثير من التقارير التي تتحدث عن فساد ودفع أموال من قبل قطر من أجل الفوز باستضافة العرس العالمي. ولعلّ آخرها كان عودة صحيفة «صانداي تايمز» البريطانية إلى القول إنّ لديها مستندات مسربة حول فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022، بعد دفع الدوحة مبالغ سرية تقدر بنحو 880 مليون دولار للفيفا. وهي ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الصحيفة البريطانية عن فساد في الملف القطري، إذ قالت في أحد تحقيقاتها عام 2014 إنّ الدولة الخليجية كسبت حق تنظيم الدورة بعد حصول مسؤولين في الفيفا على نحو 5 ملايين دولار لدعم اختيارها كمنظم للمونديال، وهو ما تم تبرئة قطر منه لاحقاً بعد تحقيق أجرته الفيفا. وهذا ما طرح علامات استفهام عديدة حول توقيت كلام الصحيفة، الأمر الذي جرى ربطه بالبروبغندا التي تقوم بها الإمارات والسعودية للتصويب على مونديال قطر أمام الرأي العام العالمي والدول الكبرى، ولا سيما مع عدم وجود نية لقطر في مشاركة الإمارات في استضافة البطولة. الأكيد أنّ ما وصلت إليه الحال بين أطراف الأزمة، أعقد بكثير من أن يُحلّ كُرمى للمونديال الكروي، ولم تنسَ الجماهير بعد معركة «الشباشب» في البطولة الآسيوية الأخيرة.