وصلت كأس الأمم الأفريقية إلى مصر وتحمل معها الكثير من التحدّيات للبلد المضيف وممثلي العرب على حدٍّ سواء. هناك في مصر تأخذ الاستضافة أكثر من منحى، الأول هو التحدي الذي أخذته الدولة على نفسها لاحتضان العرس الأفريقي، رغم المخاوف الأمنية عند البعض. أما المنحى الثاني فهو نجاح المنتخب المصري في حمل الكأس في نهاية المطاف، وتعويض ما فاته في النسخة الماضية عندما خسر أمام الكاميرون في المباراة النهائية. أما المنحى الثالث والذي يرتبط بما سبقه فهو نجاح محمد صلاح في السير على درب النجوم الكبار وقيادة بلاده إلى اللقب.الواقع أن كلّ شيء يدور حول «أبو صلاح» عند الحديث عن حظوظ مصر في الفوز بالكأس القارية، فهو حبيب الشعب العاشق لكرة القدم حتى الجنون، وهو الملهم بالنسبة إلى زملائه حتى. كيف لا وهو الذي تابعه الكلّ يقود نادي ليفربول الإنكليزي إلى اللقب الأغلى على صعيد الأندية، أي مسابقة دوري أبطال أوروبا. وعند هذه النقطة يتوقّف المصريون تحديداً، إذ إن صلاح تخطّى صدمة أصابته في نهائي الموسم الماضي أمام ريال مدريد الإسباني، وعاد ووقف مجدّداً تحت أضواء النجومية ليعوّض ما فاته. تلك الإصابة كانت قد أثّرت بشكلٍ كبير على إفضل لاعب في الدوري الإنكليزي الممتاز في الموسم الماضي، وذلك عند خوضه مع منتخب مصر نهائيات كأس العالم. لذا يتطّلع أبناء «بلاد الفراعنة» إلى عودة مشابهة لنجمهم المميّز مع المنتخب على غرار تلك التي حققها مع «الريدز»، وذلك لقيادة الأمة إلى التربّع على عرش القارة.
محمد صلاح

كل شيء جائز في هذا الإطار، إذ إنه ورغم تشكيك الكلّ في إمكانية تأدية صلاح على مستوى عالٍ هذا الموسم أيضاً، قفز جناح ليفربول إلى الأضواء مجدّداً وتقاسم لقب هدّاف «البريميير ليغ» مع الثنائي الأفريقي، زميله في ليفربول ساديو مانيه، وهداف آرسنال الإنكليزي بيار إيميريك أوباميانغ. وهذه النقطة بالتحديد تهمّ صلاح كثيراً، وذلك لناحية دفاعه عن لقب أفضل لاعب أفريقي، حيث ستشتعل المنافسة مع مانيه تحديداً (سيغيب عن المباراة الأولى لبلاده أمام تنزانيا بسبب الإيقاف)، دونها مع أوباميانغ بحكم عدم تأهّل الغابون إلى النهائيات الأفريقية.
جائزة أفضل لاعب أفريقي في قلب صراع النجوم العرب في البطولة


من هنا، تبدو الدوافع كثيرة أمام صلاح للعب دور البطل أمام ملايين المصريين وملايين المتابعين للبطولة، التي تشير التوقّعات إلى أنها ستحظى بأعلى نسبة متابعة في تاريخها مع مشاركة 24 منتخباً بدلاً من 16 للمرة الأولى، إضافةً إلى إقامتها في فترة فراغٍ كروي أي في الصيف، بعكس الفترات السابقة عندما كانت تقام في الشتاء وتتضارب مع البطولات الأوروبية الوطنية، التي بلا شك كانت تأخذ منها نسبة عالية من المشاهدين.

محرز وزياش على الخط
لكن صلاح ليس وحده في الساحة عندما يرتبط الأمر بالنجوم العرب، فهناك نجوم آخرون تعوّل عليهم منتخباتهم لحصد اللقب أيضاً، وذلك انطلاقاً من أدائهم العالي في المواسم القريبة الماضية وامتداداً إلى الموسم المنتهي في أوروبا. على رأس هؤلاء النجوم يأتي الجزائري رياض محرز والمغربي حكيم زياش. الأول استعاد الكثير من المستوى الذي منحه جائزة أفضل لاعب في إنكلترا عام 2016، بعد قيادته ليستر سيتي إلى لقبٍ نادر في الدوري. هو عاد ليلعب دوراً مهمّاً في فوز مانشستر سيتي باللقب نفسه، ليكمل الثلاثية مع إحرازه لقبي كأس إنكلترا وكأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة. وقد يقول البعض إن أداء محرز تراجع، لكنّ الواقع أنه ظهر في المناسبات الكبيرة مع السيتي باختيار المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا الذي استفاد من تقنيته ومهارته العالية، وهي النقطة التي تميّزه عن كل أبناء جيله في منتخب «محاربي الصحراء»، ما يجعله القائد الفعليّ المطلوب منه قيادة الجزائر إلى منصة التتويج.

رياض محرز

وبحُكم مركزه في الملعب يُنتظر من حكيم زياش أن يلعب الدور عينه، وهو الدور الذي برع فيه مع أياكس أمستردام على الصعيدين المحلي والقاري، إذ يكفي أنه ساهم بشكلٍ رئيس في إقصاء يوفنتوس الإيطالي وريال مدريد الإسباني من «التشامبيونز ليغ»، وسجل 19هدفاً مع 15 تمريرة حاسمة ليضمن فريق العاصمة الهولندي «دوبليه» الدوري والكأس المحليين. ويعرف زياش كما محرز بأنه لمنافسة صلاح على جائزة أفضل لاعب أفريقي، لا بدّ من تحقيق نتيجة طيّبة مع المنتخب الوطني في الكأس الأفريقية. والأكيد أن الحضور الفني العالي لزياش في البطولة سيكون الأساس في وضع المغرب في دائرة المنافسين، حيث يعدّ المحرّك الأول في خط الوسط بحكم أفكاره الخلّاقة التي جعلت العديد من الأندية الأوروبية تلهث خلف توقيعه، وما تألقه على الساحة القارية إلا عاملاً أساسياً لتصبح أسماء الأندية المهتمّة أكبر من تلك الموجودة حالياً في صف المهتمين. باختصار، سبق أن أظهر زياش وطنيته عندما اختار تمثيل المغرب على حساب هولندا. اختياره قد يكون صائباً في حال أحرز اللقب القاري مع منتخب بلاده للمرة الثانية في التاريخ، وهو لقب يحتاج إليه كثيراً لإبقاء جيلٍ مميز في الواجهة، وخصوصاً بعد الأداء المونديالي الرفيع.