تعيش منتخبات كرة القدم العربية ـ الأفريقية مرحلة تحسّن كبيرة على صعيد الأداء والنتائج، بعد زيادة الاعتماد على نظام احتراف اللاعبين خارج حدود القارة السمراء. مواهبُ شابة كمحمد صلاح ورياض محرز برزت في الملاعب الأوروبية، وهو الأمر الذي عاد بالمنفعة على المنتخبات الوطنية في شمال القارة الأفريقية. صلاح ومحرز كان لهما حصة الأسد من الإضاءة الإعلامية في بطولة كأس الأمم الأفريقية الحالية، ولكن برز أيضاً عدد من اللاعبين المميّزين في النسخة المصرية، وفي مقدمتهم اللاعبون العرب، وهو الأمر الذي يبشّر بمستقبل جيّد لهؤلاء اللاعبين، كما سوق انتقالات مميّز ربما في الصيف الحالي، والشتاء المقبل.أوضاعٌ «غير صحيّة» عاشها منتخب المغرب قبل بداية كأس الأمم الأفريقية الحالي في مصر. خلافاتٌ شخصية بين اللاعبين ومشاكل إدارية كثيرة عصفت بـ«أسود الأطلس»، ولكنها حتى اللحظة، لم تمنع المنتخب المغربي من تقديم كرة جميلة، والخروج من دور المجموعات بالعلامة الكاملة، قبل مواجهة منتخب بنين اليوم في أولى مباريات دور الـ16 من البطولة الأفريقية. وعلى الرغم من أن الإنجاز يجب أن يعطى للمنظومة المغربية ككل، إلا أنه لا بدّ من إنصاف اللاعب الذي خلق الربط بين خطوط هذه المجموعة، وساهم إلى حدٍّ كبير في ظهور المغرب بهذا الشكل الجيد، وهو نور الدين أمرابط. أداءٌ كبير قدمه منتخب المغرب أمام منتخب كوت ديفوار في ثاني مباريات دور المجموعات من بطولة كأس أمم أفريقيا. رغم ضياع العديد من الفرص المتاحة للتسجيل، والتي كان امرابط السبب الرئيسي وراء صناعتها، انتهت المباراة بهدفٍ نظيف سجله يوسف النصيري، مهاجم فريق ليغانيس الإسباني، ليمحو «أسود الأطلس» تداعيات الفوز المتأخر الخجول في المباراة الافتتاحية أمام ناميبيا، وما ترتب عليه من تكهنات عن عدم جاهزية رجال المدرب الفرنسي هيرفي رونار.

أداءٌ رائع قدمه أمرابط أمام منتخب كوت ديفوار القوي، كما الحال في المباراتين الأخيرتين، عاد عليه في نهاية المطاف بجائزة أفضل لاعب في المباراة. القتالية التي أظهرها ابن الـ32 عاماً، والتي ظهرت واضحة في الهدف الذي صنعه بعد مجهودٍ فردي مميّز، إضافةً إلى المجهودات البدنية الكبيرة التي يبذلها رغم تقدمه بالعمر، جعلت من أمرابط أحد أفضل اللاعبين العرب في البطولة الأفريقية حتى الآن، إن لم يكن أفضلهم حتى.

إسماعيل بن ناصر
خطف النجم الجزائري الشاب إسماعيل بن ناصر الأضواء في كأس الأمم الأفريقية الحالية، بعد أن قاد «الخضر» لحصد العلامة الكاملة في دور المجموعات، وضمان التأهل إلى دور الـ16(ستواجه الجزائر منتخب غينيا يوم الأحد المقبل). بفعل أدائه المميّز، نال بن ناصر جائزة أفضل لاعب خلال مواجهتي كينيا والسنغال في دور المجموعات، ما فتّح الأعين على اللاعب الشاب، الذي صرّح أنه تلقى العديد من العروض منذ بدأ مشواره القارّي مع الجزائر.
ولد بن ناصر لأب مغربي وأم جزائرية، غير أنّ مشواره الدولي بدأ في البلد الذي نشأ فيه، بعد أن شارك في صغره مع الفئات الشبابية للمنتخب الفرنسي. مع تألقه برفقة منتخب الديوك، تقدم اتحاد كرة القدم المغربي بعرض لإسماعيل من أجل أن يمثّل منتخب «أسود الأطلس» دولياً، غير أنّ بن ناصر اختار قميص المنتخب الجزائري بعد لمسه أفضلية عرض الـ«خضر»، لما تضمنه من تعهّد يقضي بتمثيل المنتخب الأول، في حين اقتصر العرض المغربي على المشاركة مع منتخب الشباب بشكل مبدئي. وفي أبريل/نيسان 2016، خاض إسماعيل بن ناصر أولى مبارياته الدولية بقميص المنتخب الجزائري أمام ليسوتو، ضمن تصفيات كأس الأمم الأفريقية (الغابون 2017).
تعيش منتخبات كرة القدم العربية ـ الأفريقية مرحلة تحسن كبيرة على صعيد الأداء والنتائج


لعب بن ناصر مع المنتخب الجزائري 10 مباريات دولية قبل انطلاق الاستحقاق الأفريقي (مصر 2019)، إلا أن إمكانياته ظهرت بشكل واضح، منذ المباراة الأولى للمنتخب في بطولة كأس الأمم الأفريقية الحالية. الثقة الكبيرة التي يمتلكها صاحب الـ21 عاماً لم تكن وليدة للصدفة، بل تكوّنت جرّاء المحطات الكبيرة التي مرّ بها اللاعب رغم صغر سنه. بدأ إسماعيل مشواره الاحترافي مع نادي «أرليه أفينيون» الفرنسي. مواسم قليلة كانت كافية ليلفت اللاعب أنظار كبار الأندية الأوروبية إليه، فانتقل في نهاية المطاف إلى صفوف آرسنال الإنكليزي عام 2015، بعدما أبدى المدرب السابق للـ«غانرز» أرسين فينجر إعجاباً كبيراً بقدراته. الجزائري الشاب لم يشارك كثيراً في لندن، بقي عامان على مقاعد البدلاء، وهو ما أدى إلى نهاية مسيرة الشاب الجزائري في إنكلترا، فعاد عام 2017 إلى فرنسا، وهذه المرة من بوابة نادي «أف سي تورز»على سبيل الإعارة، ثم انتقل إلى نادي إمبولي، الذي يلعب في صفوفه حتى الآن.

يوسف بلايلي
تمتلك الجزائر منظومة متكاملة، وما يصنعه المدرب جمال بلماضي حتى الآن، لا شك أنه مثير للإعجاب. برز العديد من لاعبي الخضر في بطولة كأس الأمم الأفريقية حتى الآن، غير أن المنعطفات والظروف التي مر بها اللاعب يوسف بلايلي في مسيرته الكروية، جعلت من عودته إلى الواجهة من جديد إنجازاً بحدّ ذاته. مشاكل شخصية عديدة تعرض لها يوسف بلايلي، كادت أن تنهي مسيرته كلاعب كرة قدم باكراً، غير أن اللاعب الجزائري عاد ليتصدر العناوين في القارة الأفريقية من جديد، بعد أن استعاد مستواه مع نادي الترجي التونسي ومنتخب بلاده على حدٍّ سواء.

خطف الجزائري اسماعيل بن ناصر الاضواء في البطولة القارية (خالد دسوقي ــ أ ف ب)

برزت موهبة بلايلي عام 2012 مع الترجي التونسي بعدما انتقل إليه قادماً من مولودية وهران الجزائري. عاد بلايلي بعدها عام 2014 إلى وطنه الأم من بوابة فريق اتحاد الجزائر، الذي سرعان ما أنهى عقده مع اللاعب بعد ثبوت تعاطيه مواد محظورة عام 2015. في ذلك العام، تعرض بلايلي لعقوبة الإيقاف من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لمدة 4 سنوات، بعد ثبوت تعاطيه مخدر «الكوكايين» قبل إحدى المباريات في الدوري المحلي، ومباراة أخرى في دوري أبطال أفريقيا. توقعت الصحافة الجزائرية حينها أن تتسبب العقوبة في إنهاء مسيرة اللاعب الشاب، على الرغم من أنه كان يصنف ضمن أفضل اللاعبين الواعدين، إلا أن ما حصل بعدها ساعد اللاعب الموهوب على النهوض من جديد. تم تقليص العقوبة من 4 سنوات إلى سنتين. استعاد اللاعب بعدها مستواه، ولعب في الدوري الفرنسي مع فريق أنجيه، موسم 2017-2018، ثم أعاده الترجي التونسي إلى صفوفه في فترة الانتقالات الشتوية لعام 2018.
في البطولة الحالية، قاد صاحب الـ27 عاماً منتخب الجزائر إلى الدور الثاني، بعدما سجل هدف المباراة الوحيد ضد منتخب السنغال القوي، في اللقاء الذي جمع المنتخبين ضمن منافسات الجولة الثانية، للمجموعة الثالثة في كأس الأمم، ليتأهل منتخب الجزائر إلى دور الـ16 مستفيداً من فوزه في المباراة الأولى على كينيا بنتيجة (2-0).