أفادت تقارير صحافية أخيراً عن اقتراب وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان من شراء نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي، على أن يستحوذ صندوق الاستثمار السعودي على 80% من أسهم النادي. وذكرت التقارير أنّ من المقرّر إتمام الصفقة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وأن يتمّ تعيين ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات السعودي، رئيساً للنادي. وبحسب الأخبار المتداولة في إنكلترا، لن تكتفي السعودية بذلك، بل ستعمل على شراء حقوق بثّ الدوري الإنكليزي، ما يهدّد السيطرة القطرية على حقوق النقل، متمثّلةً بقناة «بي إن سبورت». وأشارت صحيفة «ديلي ميل» الإنكليزية إلى أن السعودية تعتزم شراء حقوق البثّ التلفزيوني للدوري الإنكليزي في الشرق الأوسط وأفريقيا، مضيئةً على وجود مناقصة لشراء حقوق الدوري للعام المقبل، ما يفتح الباب أمام منافسة سعودية ـ قطرية شرسة.في هذا الصدد، أرسلت شبكة «بي إن سبورت» القطرية، أكبر شريك للكرة الإنكليزية في الخارج، رسالة إلى رابطة الدوري الإنكليزي تحثّها على منع صفقة بيع نيوكاسل للمستثمرين السعوديين، بحجّة أن السعودية كانت وراء عملية القرصنة لحقوق القنوات القطرية عن طريق إطلاق قنوات «beoutQ»، التي كانت تبثّ عبر القمر الصناعي السعودي «عربسات». وأكّدت القناة القطرية في الخطاب الذي أرسلته إلى ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنكليزي الممتاز، أنّ استحواذ السعودية على نيوكاسل يهدّد ازدهار الدوري في المستقبل، وهو ما أكّده فيليكس جايكنز، المسؤول في مكتب المنظّمة في المملكة المتحدة، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية «فرانس برس». وأوضح يوسف العبيدلي، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «beIN Sports» في رسالته أن: «السماح للسعودية بالحصول على حصة مسيطرة على أحد الأندية الرئيسية في الدوري الإنكليزي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يمثّل خطراً مباشراً على المصالح التجاريّة للدوري والأندية الأعضاء وشركاء البثّ وكرة القدم بشكل عام». وسبق أن أبدت القناة القطرية استياءها من عملية القرصنة، غير أنها فشلت في اتّخاذ أيّ إجراءات قانونية ضدّ الحكومة السعودية. من جهتها، رفضت وزارة الإعلام السعودية مراراً وتكراراً الاتّهامات الصادرة من الاتّحاد الأوروبي لكرة القدم والتي تتحدّث عن اتّخاذ «beoutQ» من السعودية مقرّاً لها، موضحةً أن أجهزة الاستقبال الخاصة بـ«beoutQ» متاحة في العديد من الدول، بما في ذلك قطر وشرقي أوروبا.

تحدّيات جديدة
عام 2018، وقّعت قناة «بي إن سبورت» على عقد بثّ حصري لمباريات الدوري الإنكليزي الممتاز في منطقة الشرق حتى 2022، بقيمة 500 مليون جنية إسترليني (616 مليون دولار)، غير أنها معرّضة لخسارة هذا «الاحتكار» بعد أن نشرت تقارير إنكليزية رغبة القنوات الأجنبية في عقد صفقات «مخفّضة» بسبب الأزمة المالية التي خلّفها فيروس كورونا. وبحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، فإن هناك ضغوطاً على الأندية الإنكليزية للموافقة على العرض السعودي من أجل الحصول على حقوق الدوري، غير أن ذلك قد لا يتحقّق على خلفية إرسال منظّمة العفو الدولية، الثلاثاء الماضي، رسالة إلى رئيس الدوري ريتشارد ماسترز تحذّر من «خطر أن تصبح البطولة ضحيّة» في حال صرفت النظر عن حقوق الإنسان.
وعزّزت السعودية في الفترة الماضية من استثماراتها ونشاطاتها في المجال الرياضي، في خطوات تضعها في سياق «رؤية 2030» التي أعدّها ولي العهد، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على الإيرادات النفطية، لكن العديد من الأطراف يتّهمون المملكة باستخدام الرياضة لـ«تلميع» صورتها وصرف الانتباه عن انتهاكاتها في مجال حقوق الإنسان.
تعتزم السعودية شراء حقوق البثّ التلفزيوني للدوري الإنكليزي في الشرق الأوسط وأفريقيا


وتأتي المنافسة السعودية الرياضية أخيراً في ظلّ سلسلة الخطوات التي اتّخذتها دول ما يسمّى حصار قطر منذ اندلاع الأزمة الخليجية. الصراع السياسي الذي حرم قطر من جماهيرها في كأس آسيا الأخيرة في الإمارات، استمرّ بعدها لمحاولة سحب أحقية استضافة قطر للمونديال. بعد إقصاء قطر للإمارات من كأس آسيا، والتتويج باللقب في نهاية المطاف على حساب اليابان، قامت السعودية والإمارات بممارسة ضغوط على مسؤولي الاتّحاد الدولي لكرة القدم، ووزّعتا أموالاً طائلة ضمن الهيئات التابعة للاتحاد. ونُقل عن مسؤول في «فيفا» قوله إن هناك حالة قلق من التصرفات السعودية والإماراتية التي قد تنتج منها فضيحة كبيرة في الاتّحاد، في ظلّ اتّهام بعض مسؤوليه السابقين بقضايا فساد وتقاضي أموال غير مشروعة.
يمتلئ سجلّ السعودية بالانتهاكات، وذلك بحسب ما تؤكّده في كلّ مرة الجمعيات الحقوقية حول العالم، ما قد يعرقل عملية الاستثمار، غير أن حاجة الأندية الملحّة للأموال قد تسهّل الموضوع. الحرب مشتعلة بين الحاجة إلى المال والجانب الأخلاقي. المنظّمات والجمعيات الحقوقية ترفض دخول السعودية في المجال الرياضي حفاظاً على السمعة، غير أن الاتّحادات قد ترضخ بعد أن وجدت الأندية نفسها أمام مأزق مالي قابل للزيادة في حال تعذّر استكمال الدوري، جرّاء تراجع إيراداتها من حقوق البثّ التلفزيوني وتذاكر المباريات وعقود الرعاية.
لا تزال الصورة غير واضحة. ما هو أكيد، أن الاستحواذ على حقوق البثّ وحقوق الأندية يشكّل مادة دسمة على طاولة رابطة الدوري الإنكليزي الممتاز مستقبلاً. الأيام المقبلة ستعطي صورة أوضح.



إدانات جديدة
حذّرت العديد من المنظمات الحقوقية حول العالم من السماح للسعودية بالاستثمار في الكرة الأوروبية، والبريطانية تحديداً، معتبرة أن هذا الأمر سيؤثر سلباً على سمعة هذه الدوريات. وفي هذا الإطار دانت العديد من الجهات الرغبة السعودية بالحصول على عائدات النقل التلفزيوني للدوري الإنكليزي الممتاز، معتبرة أن السعودية تريد فعل أيّ شيء من أجل الظهور بصورة حسنة وجميلة أمام الرأي العام العالمي، في وقت تقوم بالعديد من التجاوزات التي تنتهك حقوق الإنسان. ونتيجة هذا الضغط الدولي يتوقّع أن تفشل جميع المحاولات السعودية بالحصول على هذه الحقوق مستقبلاً.