أربعة مواسمَ مرّت على آخر لقب دوري حقّقه نادي النجمة. هذه المرة الثانية التي يغيب فيها اللقب كل هذه المدّة عن النادي، منذ توقّف الأنصار عند لقبه الـ11 موسم 1999-2000. خسر النجمة اللقب ثلاثة مواسم متتالية بين 2005 و2008، ثم غاب عنه بين أعوام 2010 و2014. ليس هذا فقط ما يُؤرق النجماويين. نادي العهد بات على مسافة لقبين من معادلة ألقاب «النبيذي» الثمانية، بينما هذا الأخير يحاول منذ سنوات الوصول إلى رقم الأنصار القياسي (13 لقباً)، ولم يرفع الكأس سوى مرتين طوال سنوات «الأخضر» العشر العجاف. كأس النخبة لم يعد يُشبع رغبات النجماويين، حتى كأس لبنان الذي لم يحققه النادي سوى مرة واحدة في السنوات الـ19 الأخيرة ليس هو المطلب الأساسي. كأس الدوري هو الأهم بالنسبة لهم، لغيابه أربع سنوات عن الخزائن، وللبقاء على مسافة عن نادي العهد الذي يسير بثبات نحو منصات التتويج، وإطالة عمر الأنصار من دون اللقب المحلي. اللافت أن إدارة النجمة لا تتحدّث كثيراً عن رغبتها بالفوز بكأس الاتحاد الآسيوي، بعكس نادي العهد الذي يضع البطولة الآسيوية في صلب أولوياته. ربما تدرك إدارة النجمة أن النادي في الظروف الحاليّة غير قادر على المنافسة آسيويّاً. الطموح لا يزال محليّاً، وحلم كأس الاتحاد الآسيوي يبدو بعيداً رغم أن الكأس القاريّة كانت قاب قوسين من أيدي النجماويين، حين وصلوا إلى نهائي المسابقة قبل 13 عاماً.في الموسم الماضي كان النجمة مُطالباً أكثر من أي وقت مضى بإحراز اللقب. كابتن منتخب لبنان حسن معتوق ضمن صفوف الفريق ومعه مجموعةٌ من نجوم الدوري والمنتخب. المدرب جمال الحاج «ركَّب» الفريق ضمن صلاحيات أعطته إياها الإدارة. ميزانية مالية مقبولة ومواكبة جماهيريّة غير مسبوقة منذ سنوات. حقق النجمة كأس النخبة، تراجع المستوى بعدها، استقال الحاج، وجاء آرمين صنميان ومساعدوه، وبعده تم التعاقد مع الألماني ثيو بوكير ولكن النادي أخفق في مشواري الدوري وكأس لبنان، رغم أنّه زاحم نادي العهد حتى المراحل الأخيرة من عمر الدوري. على أبواب الموسم الجديد، استطاعت الإدارة الاحتفاظ بنجوم الفريق، وضمّت إليهم مجموعةً جديدة من اللاعبين، والمدرّب الصربي برويس بونياك لم يُظهر كل ما لديه حتى الآن. جمهور النجمة حاضر دائماً، وهو بات يطالب بأن لا يخسر الفريق أيّاً من مبارياته. هكذا يرى أن فريقه لا يُغلب، لكن الأندية الأخرى مستعدّة أيضاً، والمنافسة التي كانت محصورة مع العهد حتى الأمتار الأخيرة، سيدخل عليها الأنصار والصفاء والسلام زغرتا والاخاء الأهلي عاليه هذا الموسم.
أبرم النجمة هذا الموسم 9 صفقات مقابل 12 الموسم الماضي


مشوار النجمة في البطولة هذه السنة لن يكون سهلاً. بدايته ستكون بلقاء الأنصار في «الديربي» (يوم السبت المقبل). المباراة تعني الكثير للنجماويين ليس للقاء خصمهم التاريخي فحسب، بل لرد الاعتبار بعد الخسارة بخمسة أهدافٍ في ذهاب الموسم الماضي. بعدها سيرحل إلى طرابلس ومن ثم بحمدون، قبل أن يلتقي السلام زغرتا في بيروت، ومن بعدها شباب الساحل في صيدا والبقاع الرياضي في النبي شيت. كما يلعب في الجنوب مع الراسينغ في الأسبوع التاسع والشباب الغازية في الأسبوع الـ11، فيما يستضيف التضامن صور والعهد والصفاء على أرضه. مدرب الفريق بوريس بونياك، دخل الأجواء نسبياً، وفور تعيينه على رأس الجهاز الفني تعادل مع الأهلي المصري وفاز على العهد وبعده الإخاء في كأس النخبة، قبل أن يخسر أمام العهد مجدداً في «كأس السوبر». بونياك يحظى بدعم الجمهور. هو ليس التونسي طارق جرايا الذي رأى فيه المشجعون المنقذ، بعد الانتصارات الثلاثة في الدور التمهيدي للبطولة العربية، وليس موسى حجيج، نجم النادي الذي طالب فيه الجمهور بعد إقالة جرايا، لكن المباريات التي فاز فيها تشفع له. سيكون أمام الصربي ثلاث مهام إلى جانب الدوري، إذ ينافس على لقب كأس لبنان، ويشارك في كأس العرب للأندية الأبطال وكأس الاتحاد الآسيوي.
في الموسم الماضي، يسجَّل على إدارة النجمة أنها تأخّرت في إتمام صفقتي أحمد جلول والنيجيري كبيرو موسى حتى أواخر آب/أغسطس. قبلهما كان حسن معتوق قد انضم إلى الفريق قادماً من نادي الفجيرة الإماراتي بعد أن أقنعه المدرب جمال الحاج بالتوقيع مع النجمة حتى قبل انطلاق كأس النخبة، ومعه علي علاء الدين من الكويت وعباس حسن من السويد وحسن العمري من ألمانيا والسوري عبد الرزاق الحسين وأندرو صوايا وأحمد يونس وحمزة عبود وعلي بزي، وصولاً إلى المصري محمود فتح الله. هذه المرة، تأخّر «النبيذي» في التعاقد مع اللاعبين، وبعض صفقاته لم تنجح. اكتفى بضم أمير الحصري ومحمود كعور والسنغالي إدريسا نيانغ، واثنان منهما شاركا في كأس النخبة، قبل التعاقد مع السوري أحمد ديب وعمر زين الدين وأبو بكر المل والبرازيلي فيليبي دوس سانتوس واستعارة محمد جعفر وعبد الفتاح عاشور. تسعة لاعبين جُدد مقابل 12 في الموسم الماضي، إلا أن عدم خروج معتوق من الفريق كان الأهم بالنسبة إلى النادي والجمهور. نجحت الإدارة في شيء وأخفقت في أشياء. فشلت في التعاقد مع عدنان حيدر الذي جدد عقده مع الأنصار، وأخفقت في قضية التعامل مع المدافع جاد نور الدين الذي عاد إلى ماليزيا. صحيحٌ أن الإدارة لم تكن قادرة على دفع الشرط الجزائي في عقد اللاعب مع نادي بيراك، واتّجهت إلى الخطة الثانية في التعاقد معه بعقدٍ يبدأ من مرحلة الإياب، إلا أنها لم تنجح في التوصّل إلى اتفاق مع اللاعب بهذا الشأن أيضاً، واقتضى الأمر توقيع عقدٍ «غير رسمي»، الأمر الذي يُبقي نور الدين حراً في الانضمام إلى أي نادٍ بعد انتهاء عقده مع النادي الماليزي. أما تجديد العقد مع المهاجم محمود سبليني لثلاث سنوات فهي خطوةٌ ناجحة، في ظل مطالبة اللاعب بالمشاركة بشكلٍ أساسي، الأمر الذي دفع الإدارة لإعارته إلى التضامن صور في الموسم الماضي، لكن كيفية التعامل معه خلال الموسم الجديد هي الخطوة الأهم، حتى لا يتكرر سيناريو حسن المحمد، الذي جدد عقده في الموسم الماضي، وغاب عن معظم مرحلة الإياب بسبب إقصائه عن التشكيلة مع المدرب الألماني ثيو بوكير.
ومن بين الأمور المهمّة بالنسبة إلى النجمة، تعزيز مقعد الاحتياط الذي بدا «متواضعاً» لمواسم عدة. الخيارات أصبحت مقبولة بالنسبة إلى الجهاز الفني، خاصة مع العودة المرتقبة لجلول وماهر صبرا من الإصابة. في خط الدفاع يملك بونياك قاسم الزين وعلي حمام وحسين شرف الدين وصوايا إلى جانب الحصري وعاشور وديب. وفي الوسط، يحجز نيانغ مركزاً أساسياً، ومعه عمر زين الدين وجلول ومهدي الزين وعلي بزي، أما في الهجوم، فتبدو الخيارات جيّدة، بدءاً من معتوق وعلي الحاج وسبليني وجعفر والمل، مروراً بعلاء الدين وكعور والمحمد، وصولاً إلى دوس سانتوس.
التحضيرات باتت شبه مكتملة في نادي النجمة، ولكن يبقى الحاضر الأبرز داخل أسوار ملعب المنارة الخلافات الإداريّة الكبيرة، التي تؤثر على اللاعبين وعلى استقرار النادي، وهي بحسب ما هو ظاهر لم تصل إلى طريق الحل، وهو ما من شأنه أن يؤثر سلباً على النادي مع بداية البطولات الرسميّة.

الألتراس يطالب بالألقاب
موسم النجمة الماضي لم يكن ناجحاً. الفريق كان يملك نجوماً وتفرّغ لبطولتي الدوري وكأس لبنان من دون أعباء كأس العرب للأندية الأبطال وكأس الاتحاد الآسيوي، ومع ذلك لم يتمكّن من الفوز بكلا البطولتين، ولو أنه حلّ وصيفاً. وإن كان هناك أمرٌ خرج فيه «النبيذي» ناجحاً، فهو الجمهور. أعدادٌ غير مسبوقة منذ سنوات تابعت الفريق على المدرجات التي شهدت ولادة أول «ألتراس» في لبنان. كثرة النجوم في الفريق، أهمهم حسن معتوق، وبروز علي الحاج ساهم بازدياد الحضور الجماهيري. أمّا «الألتراس»، فأعداد المنتسبين إليه تزداد أيضاً، واللوحات التي يقدّمها على المدرّجات تضفي جوّاً مميّزاً على التشجيع. الجمهور يكبر مع الانتصارات. النجمة بات مطالباً بها أكثر، والمشجعون يروَن أن شكل الفريق في الموسم الحالي أفضل من الذي سبقه. لقاء الأهلي على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية في 27 الشهر الجاري، يُتوقّع أن يكون حاشد جماهيرياً.