كرة السلّة من دون نادي الحكمة لا تكتمل. النادي الذي صنع أمجاد كرة السلّة اللبنانية على مدى سنوات يعاني منذ أعوام. لا أحد يتحرّك لإنقاذ الحكمة، لا المطرانية، ولا الأحزاب، ولا الشخصيات التي لطالما استفادت من توهّج الحكمة. قائد النجاحات غسان سركيس، عاد إلى بيته الأوّل ليحاول ترميم ما يمكن ترميمه، ولكن هل «يصلح العطّار ما أفسد الدهر؟». اسئلة كثيرة، بعضها سهل وبعضها صعب، لكن الشيء الوحيد الواضح أن الحكمة موجود ولكنه يعاني، وسيلعب بطولة الدوري باللحم الحيّ.يأمل نادي الحكمة - بيروت لكرة السلّة، في ظل الظروف الصعبة والغامضة إدارياً التي يعيشها الفريق، أن يبلغ نصف نهائي بطولة لبنان هذا الموسم، بعد أن ضمّ كوكبة من الأسماء الشابة التي سيكون لها دور كبير في السنوات المقبلة، ومنها طبعاً من قد يمثل المنتخب الوطني الأول للرجال إذا قُدِّمت عروض لفتت المدرب الوطني السلوفيني - اليوناني سلوبودان سوبوتيتش، الذي سيصل قريباً إلى بيروت، لمتابعة انطلاقة الدوري المحلي في أسابيعه الأولى، عشية الاستحقاق الذي ينتظر منتخب لبنان في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم، أمام كل من كوريا والصين على أرضيهما.
ربما من حسنات التشكيلة التي يشرف عليها المدرب غسان سركيس العائد إلى بيته بعد سنوات طويلة من الغياب، أن معظمهم يمتلكون القدرات الفنية ذاتها على أرض الملعب، وبالتالي كل لاعب في الفريق متحمس لإظهار ما عنده للفت انتباه الكشافين، ومن جهة ثانية للتفاعل بنحو أكبر مع أكبر قاعدة جماهيرية لكرة السلّة في لبنان، وربما في غرب آسيا أيضاً. وهذه القاعدة الجماهيرية هي التي تؤكد أن الحكمة نادٍ حقيقي، ولا يمكن أن يموت هكذا، نتيجة إهمال الكثيرين.
من جهة ثانية، اللاعب الذي يجلس على دكة بدلاء أندية الصف الأول المرشحة لبلوغ المربع الذهبي قبل انطلاق منافسات مرحلة الذهاب من الدوري، أي بيروت - الشانفيل - الرياضي وهومنتمن، هو اليوم يشكل ركيزة فريق الحكمة، ولديه حظوظ كبيرة جداً للمشاركة لفترات طويلة خلال المباريات، في حال إثباته علوّ كعبه على أرض الملعب. إذاً، الحكمة اليوم بتشكيلته الشابة التي يعوِّل على تجانسها المدرب سركيس، سيكون لها شأن كبير في مرحلة الإياب، إذا كانت العوامل المادية والإدارية مساعدة ولا تعرقل بنية الفريق الشاب.
على مستوى اللاعبين والتعاقدات، وقّع مع نادي الحكمة هذا الموسم أجنبي نادي بيبلوس - جبيل الموسم الماضي الأميركي حكيم جونسون، ومواطنه لاعب نادي المتحد سابقاً راميل كيري، وهو واحد من اللاعبين الأجانب الذين يعوِّل على خبرتهم كثيراً المدرب سركيس. كذلك استقدم النادي الأخضر اللاعب الكندي الشاب كيانو بوست، الذي قدم موسماً جيداً مع فريق بيروت الموسم الماضي، لكن إصابته حرمته متابعة مسيرته في المربع الذهبي مع وصيف بطل العرب. وسيكون بوست بالتأكيد في مركز لاعب الارتكاز.
على مستوى اللاعبين المحليين، وقّع مع نادي الحكمة علاء الدين أرناؤوط، آتياً من نادي التضامن - الزوق، ويوسف غنطوس من فريق مدرسة اللويزة (اعتذر عن عدم المشاركة هذا الموسم لظروف مادية)، وكلّ من كارل عاصي، أحمد سبيتي، ومارك كورجيان من نادي مدرسة الشانفيل، ومع صانع ألعابه السابق جان إيف دعبول الذي نشط الموسم الماضي في دوري الجامعات اللبنانية وبطولة ٣x٣. وهناك أيضاً ميشال صدقة من نادي بيروت الرياضي، ومحيي الدين المصري وإيلي الداني من دوري الجامعات، وأبقى الحكمة على لاعبَيه عزيز عبد المسيح وصباح خوري. وسيؤدي كل من خوري وعبد المسيح، إضافة إلى راميل كيري دوراً أساسيّاً، على اعتبار أنهم يمتلكون خبرة في الدوري اللبناني، وبالتالي سيكونون إلى جانب باقي اللاعبين الذين يحتاجون للخبرة وللاحتكاك أكثر كي يتطور مستواهم.
انطلاقة الحكمة في البطولة ستكون يوم غد السبت، حيث يواجه رجال المدرب غسان سركيس نادي هوبس - بيروت، الذي عزز صفوفه بعدد من اللاعبين. وكان هوبس قد عيّن خلال الساعات الماضية المدرّب جاد الحاج (29 عاماً)، على رأس الجهاز الفني للفريق، بعد رحيل المدرب الأميركي بول كافتر لأسباب صحيّة. ومن المتوقع أن تكون المباراة متقاربة فنياً بين هوبس والحكمة.
ورغم الظروف التي لا يحسد عليها النادي الأخضر والتي لا يزال تحت تأثيرها منذ ثلاث سنوات إلى اليوم، خاض الحكمة مباريات ودية عدة هذا الصيف، مع أندية من الدرجة الثانية والثالثة، كذلك مع فرق شاركت في بطولة الأندية العربية، وأخيراً خاض مباراة ودية على أرضه أمام نادي المتحد ـ طرابلس، الذي يشرف على تدريبه المدرّب مروان خليل، وانتهت لمصلحة الفريق الطرابلسي بفارق مريح. لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن المدرب غسان سركيس لعب المباراة بأجنبي واحد فقط.
ظروف صعبة يعيشها نادي الحكمة هذا الموسم، وهو الذي عجز الموسم الماضي عن دفع المستحقات المالية للاعبيه، ما دفع لاعب الارتكاز السوداني آتر ماجوك، والأجنبي الآخر دواين جاكسون، إضافة إلى جاي يونغبلود إلى الخروج من النادي، كما بعض اللاعبين اللبنانيين، كعلي مزهر ونديم سعيد. وتأمل جماهير الحكمة أن يعيد النادي إنجاز الموسم الماضي، حيث تمكن من تحقيق الفوز على الشانفيل الذي كان مدجَّجاً بالنجوم، وإخراجه من البطولة من الدوري ربع النهائي.
الأكيد أن الحكمة لن يكون منافساً على اللقب، نتيجة الظروف، لكن الأكيد أيضاً أنْ ليس هناك أي شيء ليخسره النادي، ولا سيما المدرّب واللاعبون الشبّان، وبالتالي فإنهم سيسعون للذهاب بعيداً في مرحلة الأدوار الإقصائية، وربما تحقيق المفاجئة وبلوغ المربّع الذهبي.
وعلى مستوى الوضع المالي والإداري، قالت مصادر متابعة لموضوع الحكمة إن المفاوضات مع القوات اللبنانية لم تتوقف حتى الساعة، رغم أن حزب القوات كان قد طالب في وقت سابق باستقالة الإدارة الحاليّة للحكمة، لكي يدعم النادي.