أعلن الاتحاد اللبناني لكرة القدم الثلاثاء الماضي منع إدخال مكبّرات الصوت إلى المدرّجات في جميع البطولات، «تحت طائلة اتخاذ أقصى العقوبات في حال مخالفة هذا القرار». «فرمانٌ» جديدٌ واستسهالٌ متكررٌ في عمليّة ضبط المدرجات، يحرم الجماهير من توحيد صوتها حتى يُغنّي «كُلٌّ على ليلاه»، بدلاً من التعاون مع القوى الأمنية في سحب مكبّرات الصوت من الذين يساهمون في توتير الأجواء أو إخراجهم من الملعب. يأتي ذلك بعد مباريات عدّة شهدت مشاحنات بين الجماهير نتيجة الاستخدام غير المسؤول لهذه المكبّرات. بطبيعة الحال، الجمهور يُكرر ما يَسمع، وما يُسمع هو الصوت العالي. صحيحٌ أن كل شيء زاد عن حدّه انقلب ضدّه، وأن ما شهدته المباريات الماضية لم يكن «طبيعياً»، وهو ما بدا واضحاً في ردود فعل المشجّعين بعد المباريات، لكن هل بهذه الطريقة تُحلّ المشكلات؟، سؤال يطرحه البعض.يُدافع أحد قادة الجماهير عن الأحداث التي رافقت مباراة فريقه في الأسبوع ما قبل الماضي، بعد انتقادات عددٍ من المشجعين لكثرة الشتائم التي أطلقت عبر مُكبّر الصوت. يَكتُب على مجموعة على «فايسبوك» تجمع نحو 14 ألف مشجّع، أن الشتائم التي طاولت أحد لاعبي الفريق المنافس جاءت نتيجة خشونته في اللعب، أمّا تلك التي وُجّهت إلى النادي الخصم فهي بسبب المشكلات التي حصلت بين الناديين في الفترة الأخيرة. يتمنّى أن لا تتكرر مثل هذه الأمور، ويختم بتجديد اللقاء مع الجماهير في المباراة المقبلة، حين يلعب فريقه مع فريقٍ يضم أحد رموز ناديه السابق. ما هي إلا دقائق حتى يردّ عليه اللاعب: «معقول تسبني الماتش الجاي يا خيي؟»، فيردّ عليه: «مسبتك محرزة إنت»، ويجيبه اللاعب: «منكم عسل على قلبي»، قبل أن يدخل مشجّعون آخرون على الخط للمشاركة في الحديث. هذه العلاقة المقرّبة بين اللاعبين والمشجعين ما هي إلا دليلٌ على أن اللعبة في لبنان «أهليّة بمحليّة». أساساً هذه المجموعة تضم لاعبين من كافة الفرق، إلى جانب إعلاميين وصحافيين ومدربين ورؤساء أندية، واتّحاديين أيضاً، حتى اللاعب الذي سُبَّ في الملعب موجود. الكل يمكنه المشاركة في ما يُنشر في المجموعة المُغلقة التي لا يمكن لمن لا ينتمي إليها أن يطّلع على مضمونها. قد يشتم فلان صديقه اللاعب في الملعب عصراًَ و«يأرغلوا» مع بعضهما مساءً. كل العصبيّة تنتهي مع صافرة الحكم الأخيرة، ولكل المشجعين لاعبون أصدقاء.
ينص قانون الاتحاد الدولي لكرة القدم على معاقبة الأفراد والأندية عند الإساءة


الشتائم «طبيعية» على المدرجات في جميع الملاعب، ولبنان ليس استثناءً، ولا يبدو أن هناك مشكلة في هذا الموضوع، طالما أن الاستفزاز حدوده تتوقّف عند المس بالأديان والأحزاب. الجماهير تجتمع على «سمفونيات» باتت محفوظة عن ظهر قلب، والشتائم تنسحب على الأندية والإداريين أيضاً. يرى البعض أن من غير الممكن ضبط المشجعين على المدرجات، والشتائم تكون انفعالية، بل إنها جزءٌ من اللعبة أيضاً، إلا أن المشكلة تبدأ في تحوّل المدرّجات من منصّة للتشجيع إلى منبرٍ للقدح والذم، بحيث يكون التركيز على مضايقة الخصم أكثر من تشجيع الفريق، وتنتهي في طريقة التعاطي الاتحادي ــــ الأمني مع هذا الموضوع، وبالطبع، فإن منع مكبّرات الصوت هو أسهل طريقة للحل، لكنّها ليست الأفضل. ينص قانون الاتحاد الدولي لكرة القدم على معاقبة الأفراد والأندية عند الإساءة، كما يفعل الاتحاد الآسيوي، إلا أنه في مادته الـ 50 المتعلّقة بالإساءة، يُشار إلى أن النادي يُعاقب في حال عدم التعرّف الى الفرد المشاغب، وفي الملاعب اللبنانية، التعرّف الى الأفراد سهل، إلا أن الاتحاد لا يبحث في معاقبة المشاغبين، والأندية لا تُساعد أيضاً. تقول المادة المذكورة إن العقوبة تُفرض عند الإساءة إلى الأشخاص، أو مخالفة مبدأ اللعب النظيف، أو الانخراط في السلوك غير الرياضي، وهو أيضاً ما تنصّ عليه المادة 1_22 من نظام العقوبات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم، إذ إن «كل جمعية يتصرف جمهورها بشكل يتناقض مع الروح الرياضية والتصرّف اللائق في الملاعب وعلى المدرجات وفي محيطها (كالاعتداء والإيذاء والسب والشتم والقدح والذم وإثارة النعرات على أنواعها وكذلك أعمال الشغب أثناء المباراة أو بعدها)، تُعاقب بغرامة مالية...»، ما يعني أن العقوبة تُفرض مباشرة على الأندية دون البحث في هوية المشاغبين.
إذاً، الخطأ الأول يبدأ من إدارات الأندية، إن كان من جانب اختيار أشخاصٍ معيّنين لحمل مكبّرات الصوت، وخاصة حين تعمل على تشكيل مكاتب للجمهور، أو من جانب مساعدة الاتحاد والقوى الأمنية في منع المشاغبين من الدخول إلى الملاعب. أمّا الخطأ الثاني فهو اتحادي، إذ من الأجدر معاقبة المشاغبين قبل الأندية، كما من الممكن التواصل مع قوى الأمن للتدخّل حين تخرج الأمور عن السيطرة على المدرجات. وتبقى المسؤولية واقعة أولاً وأخيراً على الجمهور عينه، القادر على ضبط نفسه بنفسه.

«أبو ليرة» حيّ فينا
«أبو ليرة» هو اللقب الذي يُطلق على اللاعب المنتقل من نادٍ إلى آخر لسببٍ مرتبط بالبدل المادّي، بمعنى اللاعب الذي فضّل نادياً جديداً لعرضٍ ماليّ أفضل، إلا أن هذا اللقب بات يُطلق على أي لاعب ترك ناديه ليلعب مع آخرٍ منافس مهما كان السبب، كحالة لاعب النجمة حسن معتوق، الذي عاد من الإمارات ليلعب مع النجمة بعد انتهاء عقده مع العهد، على الرغم من أن سبب عدم عودته إلى ناديه الأوّل ليس مادياً. قلّة هم الذين أفلتوا من هذا الهتاف بعد تركهم فرقهم، وعلى الرغم من أن هذا اللقب أسهل على اللاعبين من السب والشتم، إلا أنه لا يزال يحز في نفوسهم. يقول أحد اللاعبين في حديث مع «الأخبار»، وهو من المنتقلين أخيراً من نادٍ إلى آخرٍ منافس، إن على الجماهير التثقّف أكثر وتفهّم موضوع انتقالات اللاعبين، حتى لو كان السبب ماديّاً. «رزق اللاعب من هذه اللعبة، ومن حقّه اختيار العرض الأفضل له ولعائلته، إذ لا يُمكن للاعب يتقاضى أجراً زهيداً أن يبقى مع ناديه لأجل الانتماء فحسب، فالانتماء لن يُشبع جوعه، والجمهور لن يدفع له». يستسخف اللقب، ولا يعتبره مؤثّراً على اللاعب طالما أنه اختار الأنسب له.