قبل أربعة أعوام احتفل السلام زغرتا بلقبه الرسمي الأول عندما رفع كأس لبنان، ليحجز بطاقة المشاركة في كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. بعدها بنى الفريق الشمالي على هذا الإنجاز وحلّ وصيفاً للعهد في الموسم قبل الماضي، ليدخل الموسم الحالي ممثلاً للبنان في كأس زايد للأندية الأبطال. هو قدّم نفسه بشكلٍ جيّد في البطولة العربية رغم خروجه منها بشكلٍ مبكر، فتوقّع كثيرون أن يعود سادس الموسم الماضي للوقوف بين الكبار، لكن كل شيء تبدّل، واتضح أن السلام لم يعد نفسه. وجاءت الخسارة الثقيلة أمام الأنصار (2-6) في المرحلة العاشرة من الدوري اللبناني لتؤكد أن ملعب المرداشية لم يعد عصيّاً على أحد، إذ إن الفريق الزغرتاوي الذي لم ينجح سوى الإخاء الأهلي عاليه في هزيمته على أرضه قبل موسمين، حقق فوزين فقط هناك هذا الموسم وكانا على حساب شباب الساحل وطرابلس. إذاً خارج الديار وداخلها الواقع هو نفسه: السلام زغرتا عانى كثيراً، فجاءت استقالة مدربه التونسي طارق ثابت بعد سلسلة من النتائج السيئة، كانت إدارته الفنية ربما جزءاً منها، لكن الأكيد أنّ هناك أسباباً أخرى للأزمة التي عاشها الفريق أخيراً.
الانسجام مفقود
بين «موسم الوصافة» والموسم الحالي تغيّرت النتائج، وتغيّر الفريق أيضاً. هنا أصل المشكلة، إذ إن المباراة أمام الأنصار تحديداً أظهرت كيميائيّة مفقودة بين لاعبي السلام، وهو أمر مردّه إلى رحيل بعض اللاعبين المؤثرين، أمثال عمر زين الدين وجوزف لحود، إضافةً إلى إصابة آخرين، تحديداً في خط الهجوم أي اليكس بطرس (سجل 3 أهداف في آخر مباراتين) وعدنان ملحم الذي سجل بداية جيدة مع الفريق بعد انتقاله إليه في الصيف الماضي قادماً من الراسينغ.
ويضاف إلى هذه المشكلة عدم ظهور بعض اللاعبين المحليين الذين تمّ استقدامهم حديثاً بالمستوى المطلوب.
كذلك، طفت مشكلة أساسيّة وهي ظهور لاعب الوسط السنغالي بوبكر مسالي بمستوى متواضع بعدما اعتُبر لاعباً أجنبياً واعداً يمكنه ترك بصمة في الدوري على غرار الموريتاني أمادو نياس. وبحسب معلومات «الأخبار» فان الاتجاه هو للاستغناء عن اللاعب الذي سجل بدايته محترفاً مع سانت اتيان الفرنسي قبل 10 أعوام، لكن المشكلة تكمن في التوصل إلى اتفاقٍ معه لفسخ عقده الذي يمتد لثلاث سنوات!
تغيير الفلسفة الكروية خلال الفترة الماضية اثر سلبا على السلام زغرتا


مشكلة السلام ظهرت منذ الموسم الماضي لكن ليس بالشكل السيئ التي بدت عليه هذا الموسم، إذ إن الفريق الشمالي تلقّى 31 هدفاً مقابل تسجيله 30 هدفاً، ما يعني أن مشكلة في خطّ الظهر كانت واضحة. لكن هذه المشكلة لم تكن غالباً في قلبي الدفاع البوسني ماركو ميهايلوفيتش وحمزة الخير بل في الظهيرين. وهذه المسألة حلّها جزئياً وصول الظهير الأيسر الدولي وليد اسماعيل، بينما كان الاعتماد في الجهة اليمنى سينصبّ على المغترب الفريدو جريديني، لكن الفريق تلقى ضربة بسبب عدم استعادته لجنسيته قبل انطلاق البطولة، لكن يُنتظر أن يلعب في مرحلة الإياب بعد اكتمال أوراقه، بحسب ما أفاد مصدر في النادي لـ «الأخبار». علماً أن السلام كان يأمل أن يستفيد من المغترب الآخر، قلب الدفاع إميليو يمين، لكن الإصابة القوية التي تعرض لها أجبرته على ترك البلاد.

طريقة اللعب السلبية
لم تكن خيارات اللاعبين هي وحدها المشكلة، بل إن همساً دار في ملعب المرداشية من قبل بعض الفنيين المقرّبين من النادي، وذلك حول طريقة اللعب التي اعتُمدت والتي لم تتلاءم مع إمكانيات وشكل اللاعبين. وعلى سبيل المثال، فإنه في الفترة التي سجل فيها السلام نجاحات مع المدرب التونسي طارق جرايا اعتمد على المرتدات السريعة عبر نياس وادمون شحادة. وهذه الطريقة عاد إليها المدرب التونسي الآخر ماهر السديري في الموسم الماضي بعد تجربته لطرقٍ عدة لم تناسب الفريق. لكن ثابت فضّل الاستحواذ، كما أصرّ على بناء الهجمة من الخلف مع الطلب من نياس وشحادة القدوم من الطرفين إلى وسط الملعب لاستلام الكرة، فانتفت خطورتهما، ولم تتم الاستفادة من سرعتهما في الارتداد. كذلك طفت مشكلة أخرى على هذا الصعيد، إذ بغياب ميهايلوفيتش أو إسماعيل لا يوجد نوعيّة مدافعين يمكنها إخراج الكرة من الخلف بطريقة دقيقة، ما يسبّب المشاكل للفريق.
وبما أن الإدارة كانت قد استقدمت لاعبين معيّنين بحسب ما أراد المدرب، وعزّزت مقعد البدلاء إلى حدٍّ ما، فإن المرحلة الانتقالية التي سيعرفها الفريق مع مدير التطوير في النادي غسان الخواجة يمكن أن تنقل السلام إلى مرحلة أفضل. وفي هذا الإطار قال الخواجة في اتصالٍ مع «الأخبار»، «ظهرنا بصورة متجددة في مباراتنا الأخيرة في مرحلة الذهاب، لكن بغض النظر عن نتيجة المباراة، فإن عملاً محدداً ينتظرنا لتغيير نمط وصورة الفريق». ويتابع، «أولى الخطوات ستكون البحث عن لاعب وسط مهاجم بمستوى رفيع، إضافةً إلى ترفيع لاعبين واعدين إلى الفريق الأول، بينهم المهاجم فيليب أيوب والجناح الأيسر سيزار غنطوس اللذان سيمثّلان منتخب لبنان دون 19 سنة في تصفيات كأس آسيا، وقد عمدنا إلى عدم إشراكهما مع أمل السلام زغرتا في الدرجة الثالثة لإدراكنا بأننا سنحتاجهما هذا الموسم».
المدرب الذي يشرف على أكثر من 20 فريقاً في النادي، لن يتفرّغ لتدريب الفريق الأول، إذ إن هيكليّة محددة يُعمل عليها في السلام للمستقبل، ولهذا السبب ينصبّ التركيز حالياً على إيجاد مدربٍ بنفس العقلية الموجودة في النادي «وهي مسألة سنتناقش فيها مع المدير الفني للاتحاد الهولندي الذي سيزورنا قريباً». وبحسب الخواجة يلعب فريقا الناشئين والشباب بنفس الطريقة «لذا لن يكون نافعاً العمل مع لاعبين بأسلوب مختلف عندما يجدون طريقهم إلى الفريق الأول، بل إننا نسعى إلى توحيد فلسفة اللعب لخلق تأقلم سريع للاعبين عند ترفيعهم».