مرة جديدة «يقتل» النجمة أحد خصومه بدمٍ بارد، وهذه المرة كان التضامن صور الذي كان قد سقط أمام «النبيذي» في لقاءاتهما السبعة الأخيرة في الدوري اللبناني هو الضحية.«سفير الجنوب» وصل الى مدينة كميل شمعون الرياضية، وهو يدرك تماماً أن انتظاره الطويل للتغلب على النجمة قد يطول أكثر، إذ أنه لم يفز على مضيفه منذ عام 2008 بفضل ذاك «الهاتريك» الشهير الذي سجّله مهاجمه السابق غسان شويخ. هو علم أن الخسارة قد تأتي لا محالة، لأنه يواجه خصماً حاضراً بشكلٍ كبير للمنافسة على اللقب، ويتمتع بمعنويات عالية استمدها من فوزه الافتتاحي على غريمه الأنصار.
لكن لا شك في أن إيمان الصوريين بأنفسهم حضر فجأة مع نهاية الدقائق الـ45 الأولى، عندما نجح في الخروج متعادلاً (1-1)، وكاشفاً خطة النجمة تحديداً من الناحية الهجومية، وآملاً طبعاً في تعطيلها خلال الشوط الثاني. هو عمل على هذا الأمر فعلاً ونجح فيه حتى الدقيقة 95 عندما لعب المدافع قاسم الزين دور البطل مسجّلاً هدف الفوز بكرة رأسية إلى يمين الحارس هادي مرتضى.
تفاصيل صغيرة فصلت بين الفريقين على مدار شوطَي اللقاء، ولو أن النجمة كان الطرف الأفضل بفعل استحواذه، والربط الموجود بين خطوطه مقابل لعب التضامن صور بعفوية في أحيانٍ كثيرة، معتمداً على الإحساس الفطري للاعبيه للتعامل مع الهجمات النجماوية، ولصنع الفرص أيضاً في الشقّ الهجومي، فبدا الفريق وكأنه من دون خطة واضحة، وظهر سريعاً وكأنه وصل إلى بيروت للحصول على نقطة.
مدرب النجمة المصري محمد عبد العظيم «عظيمة» بدا وكأنه يعرف التضامن، فركّز على ضربه من ناحية الجهة اليسرى الخاصة به، حيث نشط فايز شمسين بمواكبة دائمة من القائد علي حمام. خطة بدت ناجحة ولو أن الظهير الأيسر للفريق الجنوبي مصطفى نور الدين فهم اللعبة، وعمل على مواجهة الثقل الرهيب على الجهة التي يشغلها. هناك حضر شمسين بشكلٍ دائم، وهو الذي كان أفضل لاعبي النجمة في المباراة، إن كان على صعيد اللياقة البدنية أو حتى من خلال التحركات المستمرة، فكان عملياً أكثر من لمس الكرة وأكثر من لعب العَرضيات إلى داخل المنطقة.
حقّق الإخاء الأهلي عاليه انتصاره الأول في الدوري على حساب طرابلس


المهم أن كل شيء أعطى مؤشرات بأنه إذا ما سجّل النجمة، فإن الهدف سيأتي من الميمنة، وهو ما حصل عندما تلقّى حمام كرة من حيدر خريس وتخطّى الغاني كوفي يبواه الذي قام بعرقلته، ليحصل على ركلة جزاء سجّل منها شمسين نفسه هدف التقدّم.
لكن الجهة اليمنى كانت أيضاً سبباً بشكلٍ أو بآخر في اهتزاز الشباك النجماوية، لأن المساحة الخالية خلف حمام، سمحت للمهاجم عدنان ملحم بالانطلاق باتجاه المنطقة بهدوء وبمواكبة خجولة من علي السعدي، ليسدّد بعدها كرة بقدمه اليسرى الى يسار الحارس عباس حسن، معلناً عن هدف التعادل. هدفٌ جعل التضامن لا يفكر بشيء سوى الدفاع في الشوط الثاني، إذ في كل الأحوال كانت خطوط الإمداد مقطوعة باتجاه رأس الحربة الوحيد (مهاجم النجمة السابق) النيجيري كبيرو موسى في ظل عدم وجود صانع ألعاب يمدّه بالكرات، ولو أنه حصل على فرصة حسم اللقاء لمصلحة فريقه قبل الهدف النجماوي القاتل، لكنه سدّد بعيداً عن المرمى وهو شبه منفرد.
بطبيعة الحال، جاء هدف النجمة من رحم المعاناة بعد التكتل الدفاعي الصوري، والذي واجهه «عظيمة» بلعب أوراقٍ هجومية، على غرار إشراك علي الحاج بعد أقل من ربع ساعة على انطلاق الشوط الثاني، بدلاً من إدمون شحادة، وخصوصاً بعدما شعر بأن لاعبي فريقه وكأنهم يثقون بشمسين أكثر فركّزوا على مدّه بالكرات بشكلٍ أكبر بكثير من تلك التي وصلت الى اللاعب القادم من السلام زغرتا. كما لعب المصري ورقة هدّاف الفريق في الموسم الماضي علي علاء الدين، ومن ثم العائد الى الفريق خالد تكه جي. لكن كل هذا لم يُجدِ نفعاً، فبدا أن الحل لن يأتي إلا من خلال كرة ثابتة، وتحديداً من الركنيات الكثيرة التي حصل عليها صاحب الضيافة، وهو ما حصل فعلاً عندما لعب شمسين إحداها، فحوّلها الزين إلى داخل الشباك بعد سوء تغطية من يبواه أيضاً، وذلك قبل أن تلفظ المباراة أنفاسها الأخيرة، ليكرر النجمة ما فعله أمام الأنصار ويفوز في الدقائق القاتلة وهذه المرة بنتيجة (2-1).


انتصار مهم للنجماويين قبل موقعة الترجي التونسي في كأس محمد السادس للأندية العربية الأبطال، وانتصار مهم أيضاً لأنه يثبت الفريق كمنافس على اللقب منذ المراحل الأولى. لكن أيضاً الطريقة التي يفوز فيها الفريق تترك ملاحظات واضحة عند «عظيمة»، وتحتاج إلى وقتٍ لإيجاد الحلول لها، كون الفريق يلعب اليوم في وجود عناصر جديدة، أمثال السعدي وعبدالله عيش والتونسي مراد الهذلي وخريس وشمسين وشحادة والغاني أبودو ايساكا، ما يعني أن أكثر من نصف لاعبي الفريق لم يلعبوا مع بعضهم البعض سابقاً، وهي مسألة مفصلية، إذ مع ارتفاع مستوى الانسجام سيرتفع المستوى العام لا محالة وسط المؤشرات الجيّدة الموجودة حالياً.
وإذا كان التضامن صور قد يتجه الى «النفق المظلم» بشكلٍ مبكّر هذا الموسم، فإن الصعوبات التي توقّعها طرابلس قبل بداية مشواره بعد غيابه عن المرحلة الأولى بسبب تأجيل مباراته مع العهد، كانت حاضرة في لقائه مع ضيفه الإخاء الأهلي عاليه على ملعب رشيد كرامي البلدي حيث سقط (0-2).
الفريق الجبلي تخطّى بهذه النتيجة الأداء السلبي المفاجئ الذي طبع لقاءه الأول مع الصفاء في المرحلة الافتتاحية، فعاد ليقدّم فريقاً مبنياً عملياً على فعّالية نجومه المحليين، فسجّل كريم درويش الهدف الافتتاحي بكرة سدّدها من مسافة 25 متراً، قبل أن يطلّ أفضل هدّاف لبناني في الموسم الماضي أحمد حجازي ويسجل الهدف الثاني في الشوط الثاني، مستغلاً خطأ مشتركاً بين الحارس سراج الصمد والمدافع خالد العلي.