لم يمضِ وقت طويل على إعلان الاتّحاد اللبناني لكرة القدم مقترحاته التي أرسلها إلى أعضاء الجمعية العموميّة لدراستها، قبل الاجتماع الاستثنائي في 27 الجاري، حتى بدأت ردود الفعل تتوالى من كلّ حدبٍ وصوب. رؤساء أندية، إداريون، زملاء إعلاميون، مدوّنون وحتى الجمهور العادي. تركت المقترحات الاتّحادية ما يشبه الصدمة في وقت لم يجفّ حبرها بعد. لكن هل جرى تحميل هذه الاقتراحات أكثر مما تحتمل؟كثيرة هي التعليقات التي توالت عقب الإعلان عن مقترحات اللجنة التنفيذية. أبرز تلك التعليقات كانت في رسالة نشرها رئيس نادي العهد تميم سليمان على صفحته على فايسبوك جاء فيها «بطولة لبنان لم تعد إلا مجرّد اسم. الأفضل تسميتها كأس فايسروي، إنها أُفرغت من مضمونها. بالنسبة لكرة القدم أو الدوري فقط يرجى تحديد موعد الأخذ بالخاطر».
لم يكن تعليق سليمان الوحيد، فقد كان هناك العديد من التعليقات لزملاء إعلاميين بعضهم شكّك في قانونيتها، وآخرون اعتبروها ضعيفة وغير مقنعة. إداريون أيضاً كانت لهم آراء حول الموضوع وذهب بعضهم إلى حدود التهكّم وطرح صيغ كاريكاتورية تعليقاً على المقترحات.
لا شك أن معظم الآراء جاءت من مبدأ حبّ اللعبة والحرص عليها والخوف على مصالح اللاعبين وأرزاقهم ولقمة عيشهم في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة. ومن الطبيعي أن لا يرضى محبو اللعبة وأهلها بالصيغة المقترحة كونها لا ترضي طموحاتهم. لكن هذا الكلام كان سيبدو واقعياً لو كان الحديث في ظروف طبيعية بحسب ما تحدثت بعض المصادر المتابعة للقضية، أمّا في ظلّ ما يمرّ به لبنان من أزمة تلامس حدود الكارثة على مختلف الصعد وخصوصاً الاقتصادية والمالية، فمن الطبيعي أن لا يكون أيّ شيء طبيعياً.
لا يختلف اثنان على أن الصيغة المقترحة غير مرضية و«مجحفة» في مكان ما، وتأثيرها سلبي على نوعية المنافسة في مكان آخر إلى درجة أن كثيرين فضّلوا إلغاء الموسم على إقامته بالشكل المقترَح، علماً أنّ اتّحاد اللعبة غير قادر على إلغاء الموسم لاعتبارات تتعلّق بالاتّحاد الدولي «فيفا».
لكن في نظرة هادئة إلى الصورة القائمة، يمكن ملاحظة أنّ هذه المقترحات جرى تحميلها أكثر ممّا تحتمل ربما. فمن الناحية القانونيّة هذه المقترحات من الممكن أن توضَع في الأدراج أو أن يتم إلغاؤها نهائياً، وتقوم الجمعية العمومية يوم الجمعة في 27 الجاري بوضع النظام الذي ترى أنه يحمي مصالح اللعبة واللاعبين والأندية.
يحقّ للجمعية العمومية نسف جميع مقترحات الاتّحاد وإقرار ما تراه مناسباً


وبحسب العديد من المراقبين فإنّه من المفترض أن الجمعية العمومية سيدة نفسها وقراراتها ملزمة لاتّحاد اللعبة الذي يتحوّل دوره إلى تنفيذي، فتصبح اللجنة التنفيذية اسماً على مسمى، ويعود القرار النهائي والمبرم إلى الجمعية العمومية. هذه الجمعية التي تتألّف من أندية الدرجات الأربع قادرة على وضع النظام والصيغ الملائمة والسليمة على الصعيد القانوني والفني.
وفي هذا الإطار يمكن أن يشكّك البعض بأنّ الجمعية العمومية ليست سيدة نفسها وأن اجتماعها سيكون شكلياً للتصديق على المقترحات التي وضعها الاتّحاد انطلاقاً من التجارب والجمعيات السابقة، ولكن بحسب العديد من المراقبين يبدو أن الظروف والأوضاع، هذه المرة، مختلفة كلياً، وعليه فإنّ من المتوقّع أن تكون هذه الجمعية الاستثنائية اسماً على مسمى أيضاً بحيث تخرج عن الإطار المعتاد للجمعيات السابقة.
ومن الإشارات التي تدلّ على أنها ستكون مغايرة، هو عدم موافقة قسم من هذه الجمعية على تفويض اللجنة التنفيذية بالقيام بما تراه مناسباً. وبالتالي فإنّ هذه الأندية لن تراعي في هذه الجمعية سوى مصلحتها وفي العلن، حيث إن الجلسة ستكون مفتوحة أمام الإعلام، وبالتالي فإنّ أيّ اقتراح من أيّ جهة سيكون معروفاً مباشرةً، وبالتالي الجمهور والرأي العام سيكون على علم بالتفاصيل.
ومن شبه المؤكّد أنّ اللاعبين الكبار في الاتّحاد ليسوا في وارد التسويق لمقترحاتهم وتأمين غالبية تصوّت لصالح التصديق عليها في الجمعية العمومية. وبحسب المصادر فإنّ هناك نية حقيقية لدى أعضاء الاتّحاد بترك الأمور للجمعية العمومية لإقرار ما تراه مناسباً، وهم سيسيرون بما يُجمع عليه أعضاء الجمعية.
الفكرة الأساسية هي أنّ الكرة في ملعب الأندية التي ستكون أمام استحقاق إثبات أنها على مستوى الحدث، وأنّها حريصة على مصلحة اللعبة ولاعبيها. الأندية في ظرف كهذا قادرة على عقد اجتماعات تنسيقية والاتّفاق على صيغة تضمن استكمال الموسم بالطريقة الصحيحة. وتلك الأندية، وخصوصاً أندية الدرجة الأولى، ستكون أمام امتحان إثبات أنها متمسّكة بإكمال الدوري، كما أعلنت في الاجتماع الأخير مع اتّحاد اللعبة في 25 تشرين الثاني الماضي. إضافة إلى كلّ هذا فإنّ الاجتماع المقبل سيضع الأندية أمام اختبار تأكيد مواقفها السابقة التي أعلنتها في الاجتماع مع الاتّحاد.
لكن السؤال الرئيسي الذي يطرحه الجميع بما فيهم قسم كبير من الجمهور هو: هل تريد تلك الأندية حقاً استكمال الموسم؟
سؤال ستظهر إجابته في 27 كانون الأول الجاري، من خلال أداء الأندية سواء على صعيد الدرجة الأولى أو الدرجات الثانية والثالثة والرابعة. هو امتحان جدّي ومفصليّ سيؤسّس للمرحلة المقبلة على مستوى كرة القدم.