نادي العهد بطل لبنان وآسيا. حاملُ خمسة ألقاب من أصل ستة ممكنة في الموسم الماضي على الصعيد المحلي، الى جانب إحرازه لقب كأس الاتحاد الآسيوي لعام 2019 لأول مرة في تاريخ نادٍ لبناني. محصّلة كان من المفترض أن تشكّل عنواناً لتحضيرات فريق العهد لعام 2020. لكن واقع الحال فرض نظرة جديدة ومقاربة مختلفة نتج منها تغيير كبير على صعيد الأسماء في الفريق الأول.إذا كان من الطبيعي الى حدٍ ما أن يتم الاستغناء عن الأجانب الثلاثة الذين أحرزوا لقب كأس الاتحاد الآسيوي مع الفريق، بعد قرار الاتحاد اللبناني إلغاء اللاعبين الأجانب محلياً، فمن غير الطبيعي أن يستغني العهد عن أربعة لاعبين لبنانيين ليحترفوا في الخارج. فسخ العهد عقد لاعبيه التونسي أحمد العكيشي والسوري أحمد الصالح وأعار الغاني عيسى يعقوبو. لا شك أنه قرار صعب لنادٍ من المفترض أن يدافع عن لقبه الآسيوي، لكن عنوان الحفاظ على النادي وكرامة اللاعبين اللبنانيين فرض هذا الأمر كما يقول رئيس نادي العهد تميم سليمان لـ«الأخبار». «استغنينا عن لاعبينا الأجانب بعد قرار الاتحاد اللبناني، أما على الصعيد الآسيوي، فلا يمكن تحمّل كلفة ثلاثة لاعبين أجانب لست مباريات فقط» يقول الرئيس سليمان. «هذا لا يعني أن مشاركة العهد في كأس الاتحاد الآسيوي محصورة بالدور الأول فقط ومبارياته الست، بل نحن منافسون ونريد التأهّل. لكن لا يمكن على الصعيد الأجنبي أن نحمل مسؤولية واقع بأكمله. ومن هنا، كانت مقاربة موضوع اللاعب الأجنبي. ورغم ذلك، نحن منافسون، ولو لم نجد أنفسنا منافسين لكنّا انسحبنا ولم نشارك».
في ظل الأزمة المالية الكبيرة التي يمر بها لبنان، من الطبيعي أن يكون هناك نظرة مختلفة لموازنة النادي البطل. «حتى الآن، الموازنة على ما هي. الفارق الوحيد هو طريقة الدفع أي بالليرة اللبنانية، لكن في حال بقاء الأمور على ما هي عليه فمن الطبيعي أن تختلف الأمور. الأهم بالنسبة إلينا هو أن نكون صادقين مع لاعبينا ولا نكذب عليهم. نريد المحافظة على النادي وفي الوقت عينه متمسكون بلاعبينا لكن ضمن الإمكانات المتوفرة، من دون إغلاق الباب أمامهم في حال كانت هناك عروض أفضل لهم. هذا ما حصل مع الحارس مهدي خليل والمدافع خليل خميس والمهاجمين ربيع عطايا ومحمد قدوح. المسألة عرض وطلب».
سليمان: الهدف هو الحفاظ على النادي وكرامة اللاعبين اللبنانيين


على صعيد الموازنة، هناك أموال في النادي، لكن السياسة التي ستعتمد تهدف الى أن تخدم هذه الأموال موازنات النادي لأطول فترة ممكنة، ولتأمين مبدأ الاكتفاء الذاتي والإيفاء بالالتزامات التي ستلتزم بها الإدارة» يختم رئيس نادي العهد حديثه لـ«الأخبار».
من جهته، يوافق مدير النادي محمد شري مع فكرة المقاربة المختلفة لمستقبل النادي. ينطلق شري من واقع البلد ومنه الى واقع اللعبة الى جانب مسألة معدّل أعمار اللاعبين الحاليين. «الأساس هو الواقع الحالي الصعب في لبنان، لكن في الوقت عينه لا يمكن إغفال مسألة معدّل الأعمار. لا يوجد لاعبون فوق الـ 31 عاماً باستثناء الحارس محمد حمود. لكنْ هناك عدد من اللاعبين تتراوح أعمارهم بين 29 و31 عاماً، كأحمد زريق وحسين دقيق وهيثم فاعور ومحمد حيدر وربيع عطايا. وهناك لاعبون في أواسط العشرينيات كحسين الزين وخليل خميس وعلي حديد وحسين منذر ومحمد قدوح ووليد شور. وبالتالي يجب التفكير بمستقبل الفريق ومنح الفرصة للاعبين الشباب» يقول مدير العهد لـ«الأخبار».
«هناك شبه إجماع على أن فريق الشباب في العهد قدّم مستوى مميزاً هذا الموسم ويعد بالكثير. فهو خاض 19 مباراة في بطولة الشباب، خسر واحدة فقط في الدور المنتظم. أما في الدورة السداسية فحقق العلامة الكاملة في عشر مباريات، وأحرز اللقب بعد طول غياب. هذا الأمر سمح لأكثر من لاعب من الشباب بأن يكون أساسياً في أول مباراة للفريق في كأس الاتحاد الآسيوي. حسن سرور ومحمد المصري مثلاً. هذا لا يعني اننا لا نتعاطى مع كأس الاتحاد الآسيوي كمنافسين. نحن في آسيا لا نقول إننا سنحرز اللقب أو لن نحرزه. سنكافح للوصول الى أبعد ما يمكن الوصول اليه، وهناك اقتناع بأننا نستطيع تجاوز الدور الأول. أولاً، بسبب سهولة المجموعة، وثانياً بسبب وجود عدد كبير من اللاعبين الذين أحرزوا اللقب الموسم الماضي. هناك مباراتان مفصليتان في نصف نهائي غرب آسيا حيث لا يستطيع النادي التغيير في لوائح اللاعبين. إذا تخطيناهم حينها لكل حادثٍ حديث». يقول شري عن المنافسة الآسيوية.
أما على الصعيد المادي، فيتوافق رأيه مع رأي رئيس النادي تميم سليمان من ناحية طريقة إدارة الأموال الموجودة. «هناك أموال، لكن إذا تصرفنا بها وفق السياسات المالية السابقة فهي ستتبخر في يومين في ظل الظروف الصعبة وعدم وجود أفق مالي واقتصادي. وبالتالي يجب أن تكون السياسة مختلفة تخدم النادي في السنوات الثلاث المقبلة» يختم شري حديثه.
فنياً، لا ينكر المدير الفني للفريق باسم مرمر أن فريقه تأثّر مع انتقال أكثر من سبعة لاعبين الى الخارج بين أجانب لبنانيين. «لكن البنية الأساسية للفريق لا تزال موجودة، وهناك لاعب نجم في كل مركز. الفارق أن البدلاء لم يعودوا موجودين، لكن الأمل يبقى في الشباب» يقول مرمر لـ«الأخبار».
«هناك فرصة كبيرة للاعبي الفريق الشباب كي يكتسبوا الخبرة من اللاعبين الكبار. وهذا ما بدأ تطبيقه منذ مباراة الفريق مع هلال القدس الفلسطيني في افتتاح كأس الاتحاد الآسيوي. والأمر المريح أن لاعبي الخبرة يتعاطون بإيجابية مع اللاعبين الشباب ويحاولون أن ينقلوا خبراتهم إليهم. هناك أكثر من ثمانية لاعبين يمكن أن يكونوا أساسيين في المستقبل. محمد المصري، حسن سرور، سعيد سعد، جميل ابراهيم، محمد الحسيني، علي رضا، علي حيدر وساجد أمهز. هؤلاء لاعبون يمكن العمل عليهم لكي يكونوا في الفريق الأساسي بعد سنوات» يشرح الكابتن باسم.

مرمر: أكثر من ثمانية لاعبين شباب يمكن الاعتماد عليهم للمستقبل

«أما على صعيد المنافسة آسيوياً، فأنا أؤكّد أننا منافسون جديّون. وهذا ليس كلاماً بل انطلاقة من واقع ملموس، فنحن نملك العناصر المطلوبة. والدليل على ذلك ما حصل في الشوط الثاني من المباراة مع هلال القدس. بين الشوطين تحدث اللاعبون في ما بينهم بأنهم أبطال آسيا ويجب أن يقدموا عرضاً على هذا المستوى، فنزلوا وقلبوا النتيجة. الأساس هو ما يريده اللاعبون، فإذا أرادوا الفوز وتحقيق الانتصارات فهم قادرون على ذلك» يختم مرمر كلامه لـ«الأخبار».
العهد يقارب المستقبل القريب برؤية مختلفة. في السابق، لطالما قيل بأن فريق العهد أخذ الكرة اللبنانية الى مكان أكبر منها على الصعيد المالي، ولحق به ناديا الأنصار والنجمة وإلى حد ما شباب الساحل. أمرٌ لا ينكره رئيس النادي تميم سليمان، لكنه يجيب سريعاً «كان لديّ هدف وحلم سعيت الى تحقيقه وهو لقب كأس الاتحاد الآسيوي، وقد تحقق».
كلام صحيح في مقابل عجز الأندية الأخرى عن تحقيق إنجازات مماثلة. وهذا ما قد يفرض على جميع الأندية أن تقارب مستقبلها بطريقة مماثلة لما يقوم به العهد إن كان على الصعيد المالي، والأهم على صعيد الاهتمام بالفئات العمرية والاعتماد عليها لتكون فريقاً أساسياً في المستقبل. ولعل الأندية الأخرى قد تكون مطالبة بطرح سؤال رئيسيٍ على نفسها: هل نحن نقوم بذلك ونهتمّ بالفئات العمريّة؟
الإجابة عند تلك الأندية.