شكّل التعامل مع الأزمة القلبية التي تعرّض لها نجم المنتخب الدنماركي كريستيان إريكسن في كأس أوروبا الأخيرة، مثالاً صارخاً حول كيفية التعامل مع الحوادث الصحية الطارئة على أرض الملعب. وقتذاك كان للجهاز الطبي الموجود حول المستطيل الأخضر الدور الأساس في إنقاذ حياة اللاعب بعدما نفّذ المعالجون تعليمات الطبيب المشرف على الجهاز بحذافيرها ووفق القواعد المتبّعة لينجو إريكسن من الموت ويترك الأطباء الذين عالجوه رسالةً واضحة مفادها أن الطريقة المثلى للعلاج كفيلة بإنقاذ أي لاعب من المصير الأسوأ. بالفعل ما حصل قدّره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي بادر إلى تكريم الأطباء والمعالجين والمسعفين بعدما لعب كلٌّ منهم دوره من دون أن يتجاوز صلاحياته أو المطلوب منه بحسب اختصاصه، فكانت الدلالة بأن العلم هو الأساس والاختصاص هو الطريق إلى النجاح وبأن الالتزام بالإجراءات والشروط الطبية سيفضي إلى نتيجة إيجابية لا إلى ضربة أكبر للاعب المصاب.
التشخيص الصحيح
هنا، تبرز حالة حسن معتوق الذي سقط بعنفٍ على كتفه خلال سباقٍ إلى الكرة مع المدافع مصطفى الشمعة في المباراة التي جمعت فريقه الأنصار مع الإخاء الأهلي عاليه (2-0) بعد ظهر الأحد على ملعب أمين عبد النور في بحمدون.
وقع الإصابة كان قاسياً على النجم الموهوب بقدر ما كان مفجعاً لمحبي الأنصار ومشجعي المنتخب الوطني، لتطفو الصور المختلفة القادمة من الملعب، وتبدأ التحليلات والتكهنات والاتهامات التي تناولت معالج الأنصار وكلّ من تدخّل لإسعاف اللاعب بعد الحادثة.
البعض قال إن الطريقة التي تمّ التعامل فيها مع إصابة كابتن المنتخب الوطني كانت خاطئة وتسبّبت بتفاقم إصابته، بينما ذكر البعض الآخر أن الإصابة في الكتف التي تعرّض لها معتوق لا يمكن التعامل إلا بشكلٍ سريع لتفادي معاناة اللاعب من أوجاعٍ مبرحة، ففُتح النقاش حول الآلية الأصح ودور المعالجين الفعلي في مساعدة اللاعبين عند تعرّضهم للإصابة.
المعالج الفيزيائي في المنتخب اللبناني إيلي متني تناول في حديثٍ مع «الأخبار» ما يحصل عادةً في حالات الإصابات المعقّدة على غرار إصابة معتوق بالتحديد، فيقول: «طبعاً هناك دور مؤثر للمعالج في أي إصابة، فإما يقلّص آثارها وإما يضاعفها. الآلية واضحة وصريحة ويعرفها كل معالج محترف، إذ في حال لم يكن بإمكانك الوصول إلى تشخيصٍ بنسبة أكيدة مئة في المئة بحيث تعرف الصورة الحقيقية وطبيعة الإصابة عليك أن تبادر إلى نقل اللاعب للجهة المختصة بغية حصوله على العلاج الصحيح، وبالتالي تفادي أي مضاعفات يمكن أن تحصل». ويضيف: «في حالة معتوق لا دليل على أن أي إجراء اتُخذ فاقم من إصابته، لكن غالباً في حالات الإصابة من هذا النوع، يتمّ تثبيت الكتف ومن ثم نقل اللاعب إلى المستشفى للكشف عليه وتقييم إصابته بشكلٍ صحيح قبل الخروج بقرارٍ بخصوص العلاج الأمثل».
دفع راتب اللاعب ليس الأمر الوحيد الذي يندرج ضمن واجبات الأندية بل حمايته طبياً هي مسألة أساسية


الشهادة مطلوبة
وفي موازاة ما حصل، يبدو لافتاً أن غالبية الفرق في دوري الدرجة الأولى تعتمد على معالجين متمرّسين منهم من خاض تجارب طويلة مع الفرق المختلفة، ومنهم مع المنتخبات الوطنية، وذلك في موازاة خضوع البعض لدورات خارجية على مستوى عالٍ وتبادلهم الخبرات مع أجهزة طبية في بلدانٍ آسيوية متقدّمة. وهنا يشدّد متني على أهمية هذه النقطة، فيقول: «كما هي الحال في تحديد الجهات الرسمية لمستوى الشهادات التي يفترض أن يحملها المدربون لتدريب الفرق عليهم أن يمنعوا الأندية من اعتماد أي معالج لا يحمل شهادة جامعية، وذلك لحماية اللاعبين، خصوصاً أن عدداً منهم يعدّ حاجة ماسّة للمنتخب الوطني، وقد نخسرهم بخطأ طبي». هذه المسألة تأخذنا إلى الحديث عن الأصول المتبعة في هيكلية الفرق لتشكيل الأجهزة الطبية، والتي تبدو بالتأكيد مختلفة تماماً عن تلك المعتمدة عالمياً، بحيث أن وجود معالجٍ فيزيائي ليس كافياً، بل إن وجود طبيبٍ ضمن الجهاز الطبي هو أمر لا بدّ منه ومتعارف عليه في قوانين المؤسسات الكروية الكبرى لا بل إنه مفروض على المنتخبات الوطنية حيث يعمل كل فرد بحسب اختصاصه».
لكن أوضاع الفرق اللبنانية مالياً لا تسمح لها بتوظيف جهازٍ طبي كامل على رغم أن الفارق كبير بين الطبيب والمعالج، فيقول متني: «إذا تعذّر وجود طبيب في أي فريق لأي سببٍ كان، فيفترض أن يكون المعالج مجازاً ولديه أقلّه اطلاع على الإصابات الرياضية ومعرفته بكيفية تشخيصها بالشكل الصحيح وإلا سيدفع اللاعب الثمن غالياً». ويختم: «وجود طبيب يتخطى أحياناً أهمية وجود المعالج لأن الحالات الطارئة مثل أزمات القلب أو غيرها من الحالات التي تحتاج تدخلاً علاجياً سريعاً وحاسماً يكون للطبيب دور رئيسي فيها كونه صاحب الاختصاص والقادر على التعامل مع الحادثة بشكلٍ مثالي». بطبيعة الحال، تبقى هذه الحوادث وما يتبعها من إضاءات مسائل مفصلية مهمة تترك رسائل توعية ومؤشرات لتصحيح الخلل في الأندية التي لا بدّ من أنها بدأت تعرف بأن دفع راتب اللاعب ليس الأمر الوحيد الذي يندرج ضمن واجباتها بل إن حمايته وتأمين حضوره الذهني والصحي والبدني هي في صلب نجاحاته وتالياً نجاحاتها.



أول انتصار للتضامن وطرابلس


حقق كلّ من التضامن صور (الصورة) وطرابلس انتصاره الأول في الدوري اللبناني لموسم 2021-2022، وذلك بتغلّب الأول على سبورتينغ 4-1، وفوز الثاني على الصفاء 2-1، في ختام المرحلة الرابعة.
على ملعبه في صور، لعب «سفير الجنوب» أفضل مبارياته هذا الموسم، مفتتحاً التسجيل في الدقيقة 25 عبر علاء البابا إثر تمريرة من كاظم عطية. وفي الدقيقة 57 أضاف التضامن الهدف الثاني بعد مجهود فردي وتسديدة قوية من كريم منصور، قبل أن يقلّص علي بزي برأسه الفارق للخاسر في الدقيقة 68 مستفيداً من تمريرة مهدي قبيسي. لكن عدنان ملحم قضى على آمال الضيوف بتسجيله هدفين في الدقائق القاتلة، ليرفع فريقه رصيده إلى 5 نقاط، بينما تجمّد رصيد سبورتينغ عند نقطة وحيدة في المركز ما قبل الأخير وبنفس رصيد شباب البرج الذي يقبع في قاع الترتيب.
وعلى ملعب أمين عبد النور في بحمدون، تقدّم طرابلس بهدف قائده أحمد مغربي في الدقيقة 11 من ركلة حرة مباشرة، ومن ثم سجّل هدفاً ثانياً في الدقيقة 57 بواسطة مهاجمه فؤاد عيد بعد تلقيه كرة من عبدالله علي، قبل أن يسجّل الصفاء هدفاً في الدقيقة 75 عبر موسى الطويل، لكنه لم يبعد عنه شبح الخسارة التي دفعته إلى المركز العاشر بـ 4 نقاط خلف طرابلس نفسه، والذي يملك الرصيد عينه.
ويتوقف الدوري حتى 5 تشرين الثاني المقبل إفساحاً بالمجال أمام استعدادات ومباريات المنتخبين الأول والأولمبي.