ما إن أُسدل الستار على الدوري اللبناني حتى جمع منتخب لبنان لاعبيه على صورة كل المنتخبات في هذه الفترة الدولية، حيث كانت العين على خوض مباراتين وديتين إحداهما مع إندونيسيا والأخرى مع عُمان.المباراة الأولى تعذّرت إقامتها لأسبابٍ ترتبط بالجهة الداعية إليها، بينما بقيت الثانية قائمة، وهي مهمةٌ جداً، ليس لأن لبنان سيختبر نفسه أمام منتخبٍ أكثر من جيّد فنياً بقيادة المدرب الكرواتي برانكو إيفانكوفيتش، بل لأن هذه المحطة تشكّل اختباراً مهماً كونها تعدّ امتداداً للعمل الذي بدأ قبل مواجهتي الكويت ومن ثم الإمارات حيث ترك «رجال الأرز» مؤشراتٍ إيجابية، وخصوصاً ضمن فترة قصيرة من رحلة الإعداد تحت قيادة المدرب الصربي ألكسندر إيليتش.
الأخير جمع جهازه الفني مجدداً ضمن استراتيجية محدّدة تقضي على ما يبدو بدمج اللاعبين المختارَين في سياق العمل المطلوب للارتقاء بالمستوى العام للمنتخب، وخصوصاً على الصعيد البدني، الذي تمّ تكثيفه بين الحصص في صالات اللياقة البدنية وبين ما يتمّ العمل عليه في ملعب التمارين.
وبالتأكيد لا يبدو التحدي سهلاً بالنسبة إلى اللاعبين استناداً إلى البرنامج التدريبي الذي لم يختبروا مثيلاً له في الأندية المحلية حيث الحصص البدنية لا تحمل ذاك الضغط الهائل. ورغم ذلك لا يبدو أن اللاعبين منزعجين من التعب الناتج عن تدريبات اللياقة أو «قساوتها» إذا صح التعبير استناداً إلى ما ينخرطون به في غالبية فترات الموسم، ومقارنةً بالثقافة الكروية الأوروبية الشرقية المعتمدة على القوة البدنية. لذا تبدو الأمور هادئة وسط التزام كبير من جميع اللاعبين لناحية عدم التغيّب عن التمارين الصباحية أو غيرها، وتقديم كل ما عندهم خلالها من أجل المنافسة على مركزٍ أساسي ضمن تشكيلة إيليتش.
ومما لا شك فيه أن الأسلوب الانضباطي الذي فرضه إيليتش بشخصيته القوية والجديّة، ساهم بشكلٍ كبير في خلق حالةٍ عامة من الاستقرار الضروري للابتعاد عن أي تعقيدات يمكن أن تؤثر على البرنامج التحضيري العام.

جديد المرحلة الانتقالية
هذا البرنامج الذي يأخذه إيليتش إلى مرحلةٍ جديدة، لكن من دون أي إهمالٍ لما عمل عليه في الفترة السابقة، وما جمعه من مؤشرات يمكنها أن تساعده في مواصلة رسم الصورة النهائية لتشكيلة متجانسة ومتوازنة يمكنها أن تجلب إليه النتائج الإيجابية التي يحتاج المنتخب إليها اكثر من أي وقتٍ مضى لأسبابٍ مختلفة، أوّلها منح الثقة للاعبين الشبان الذين ازداد عددهم في التشكيلة، ورفع المعنويات العامة للمنتخب، وطبعاً ترك انطباعٍ بأن ما يتمّ العمل عليه يسير في الاتجاه الصحيح.
بكل الأحوال سبق لإيليتيش أن أخذ المنتخب إلى اتجاهاتٍ أخرى، إن كان من خلال التشكيلة التي اختارها لمواجهة عُمان أو بالنسبة إلى المراكز التي سيشغلها عددٌ لا بأس به من لاعبيه الأساسيين، وهي تختلف عن المهام المنوطة بهم مع أنديتهم.
من هنا، استمر استبعاد بعض الوجوه المعروفة بعضها لعدم الحاجة إليه في هذه المرحلة الانتقالية بانتظار معرفة دوره النهائي في استراتيجية إيليتش، وبعضها الآخر كما أصبح معلوماً بسبب التقّدم في السن حيث يسعى المدرب الصربي إلى تركيز خياراته على من هم أصغر سنّاً من غيرهم.
منتخب لبنان المتجدّد يواجه سلطنة عُمان ودياً الإثنين المقبل


تغييرات في المراكز
من هنا، قد تبدو الصورة النهائية للتشكيلة الأساسية جديدة إلى حدٍّ كبير مقارنةً بآخر مباراتين للمنتخب مع إيليتش، إذ قد تسجّل عودة حسين زين الذي سيتشارك مركز الظهير الأيمن مع سعيد عواضة، بينما يملك إيليتش خيارين على الميسرة يتمثّلان بلاعب بينانغ الماليزي سوني سعد، وظهير أيسر التضامن صور محمد الحايك، لتبقى صورة قلبَي الدفاع غير واضحة رغم انه لن يكون مفاجئاً مشاركة العائد خليل خميس أساسياً بعد الموسم الكبير الذي قدّمه مع العهد حيث ظهر بمستوى ثابت، فاستحق بلا شك الدعوة وأكثر، وخصوصاً انه لم يأخذ الفرصة المناسبة مع المدربين السابقين الذين فضّلوا الاعتماد على المخضرمين. وهذه المسألة أخذت منحى مغايراً مع إيليتش الذي قد يُدرج محمد الحسيني مرةً جديدة في حساباته الأساسية، وأيضاً محمد الدهيني الذي شارك كمدافع لا كلاعب ارتكاز في التمارين، وهما اللذين لعبا مباراةً كبيرة أمام الإمارات.
وإذ يتوقّع أن يشكّل ثنائي الأنصار نادر مطر وعلي طنيش «سيسي» حجر الأساس في خط الوسط، سيعطي إيليتش الثقة مجدداً إلى المكسيكي المولد دانيال لحود الذي زار بيروت للمرة الأولى منذ حصوله على الجواز اللبناني، على أن يكون زين فران الخيار الآخر على الجهة اليمنى، بينما سيشغل الجهة اليسرى خليل بدر، مدعوماً بوجهٍ شاب آخر هو محمد صادق.
بطبيعة الحال، يبدو إيليتش مقتنعاً بعدم جدوى منح نفس الدور الذي تعطيه الفرق للاعبين معينين، تماماً على شاكلة القائد حسن معتوق وعلي الحاج اللذين لن يشغلا مركز الجناح الأيسر بل مركزاً خلف المهاجم الوحيد المنتظر أن يكون كريم درويش الذي اعتاد على اللعب أيضاً كجناحٍ أيمن مع الأنصار، وما نقله إلى مركز رأس الحربة إلا فكرة ممتازة لأن قدرته على الإنهاء أمام المرمى تفوق إمكانات أي لاعبٍ آخر في مركزه.