بعد أسابيع قليلة على انتهاء الدوريات الأوروبيّة الكبرى، ينتظر الجمهور عودة المتعة الكروية من جديد، مع عودة بطولة كوبا أميركا في نسختها الـ46. «بلاد السامبا» ستحتضن أقدم مسابقة كرة قدم دولية في العالم، لتقدّم منافسات حماسية بقيادة أبرز نجوم اللعبة. ليونيل ميسي، سيرجيو أغويرو، لويس سواريز، أليكسس سانشيز وغيرهم الكثير، سيكونون على الموعد للتنافس بشراسة لحمل اللقب اللاتيني الأغلى. (تنطلق المنافسات فجر غد السبت).نسخة 2019 من بطولة كوبا أميركا لن تكون كسابقاتها. فهي ستقام للمرة الأخيرة في السنوات الفردية، على أن يبدأ خوضها باستمرار في ذات العام مع بطولة أوروبا الـ«يورو»، مع بداية النسخة المقبلة في 2020. اللافت هذا العام غياب منتخبات أميركا الشمالية عن المشاركة، بسبب إقامة بطولة الكأس الذهبية لفرق أميركا الشمالية والوسطى في التوقيت نفسه لكوبا أميركا، الأمر الذي حتّم غياب منتخبات قوية مثل المكسيك وكوستاريكا والولايات المتحدة عن الأراضي البرازيلية. وبسبب ذلك، بقيت 10 منتخبات فقط، هي أعضاء اتحاد أميركا الجنوبية، للمشاركة في البطولة، ما دفع اتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) إلى دعوة منتخبين من خارج قارة أميركا الجنوبية، هما اليابان وقطر، للمشاركة في المنافسات، ولا سيما أنهما لن يخوضا أي مسابقة الصيف المقبل.
مُتعة المدرسة اللاتينية ومنافساتها ستشكل وجبة دسمة لجمهور الساحرة المستديرة


ورغم غرابة الأمر، إلا أنّ الجمهور الكروي يترقب مشاهدة اللاعبين الآسيويين ينافسون اللاعبين اللاتينيين على التتويج ببطولتهم. بهذه المشاركة، ستسجل قطر ظهورها كأول منتخب عربي يشارك في البطولة اللاتينية. ستكون كوبا أميركا محطة مهمة للمنتخب «العنابي»، وذلك ضمن إطار استعداداته للظهور بقوة في كأس العالم 2022 على أرضه وبين جماهيره. قطر التي توجت أخيراً بطلة لكأس آسيا، تسعى إلى ترك بصمة في المونديال المقبل، ولذلك ستحاول الاستفادة حالياً من احتكاكها بالكرة اللاتينية كي تظهر بأفضل حلة في المواعيد اللاحقة. على المقلب الآخر، تشارك اليابان للمرة الثانية في البطولة بعد الظهور الأول عام 1999 حين خرجت من الدور الأول، معولةً هذا العام على تشكيلة شابة لمحاولة تعويض خسارتها المفاجأة في نهائي كأس آسيا الأخير أمام المنتخب القطري. وكان «محاربو الساموراي» قد قدموا أداءً لافتاً خلال المشاركة في المونديال الروسي. لذلك، فاليابانيون قادرون على إحداث بعض المفاجآت في كوبا أميركا.
وبطبيعة الحال، حرصت الحكومة البرازيلية على توفير جو آمن داخل الملاعب وإبعاد أي محاولات شغب عن المدرجات، وذلك من خلال إصدار قرار بمنع دخول المشجعين، الذين لا يملكون سجلات نظيفة في ملاعب الكرة، من دخول البرازيل وحضور المنافسات المقبلة من كوبا أميركا. وستحصل سلطات الهجرة على معلومات مقدمة من دول أخرى لمنع دخول الأشخاص الذين شاركوا في أعمال عنف في الملاعب أو متعلقة بكرة القدم إلى البرازيل. ولأنّ هذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها البرازيل البطولة اللاتينية، فالحكومة على اطلاع وخبرة مع شغب المدرجات، ولذلك كان من الضروري اتخاذ تدابير احترازية لضمان نجاح استضافة البطولة للمرة الخامسة في تاريخها. ومن المقرر أن تحتضن 5 مدن برازيلية البطولة القارية، حيث تقرر خوضها في سالفادور، ريو دي جانيرو، ساو باولو، بيلو هوريزونتي وبورتو أليغري، لتقام المباريات على 6 ملاعب مختلفة.


ويسعى المنتخب البرازيلي إلى استغلال استضافة بلاده للبطولة والاستفادة من عاملَي الأرض والجمهور، من أجل الفوز بها للمرة التاسعة في تاريخه. إلا أنّ منتخب «السيليساو» تلقى ضربة موجعة قبل أيام قليلة من انطلاق البطولة، بعدما تعرض نجمه نيمار لإصابة خطيرة في الكاحل خلال مباراة ودية ضد المنتخب القطري، ليؤكد الاتحاد البرازيلي غيابه عن البطولة. إلى جانب منتخب البرازيل، يُعدّ منتخب تشيلي مرشحاً قوياً للمنافسة على اللقب، فهو سيدخل البطولة بصفته بطلاً للنسختين الماضيتين، عامي 2015 و2017. في الجانب الآخر، يترقب الكثيرون ما سيقدمه منتخب الأرجنتين خلال هذه النسخة من البطولة، رغم أنّ تشكيلة المدرب ليونيل سكالوني المفاجئة أثارت الكثير من الجدل لاختياره لاعبين غير جديرين بتمثيل «راقصي التانغو». ويعوّل المنتخب كعادته على نجمه الأول ليونيل ميسي، الذي لم ينجح حتى الآن في تحقيق أي إنجاز يذكر من منتخبه الوطني. قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لميسي للتتويج بلقب مع الأرجنتين، إلا أنّ إقصاء سكالوني للكثير من نجوم المنتخب سيصعّب مهمة الأرجنتيني أكثر.
على أيّ حال، تَعدُ بطولة كوبا أميركا هذا الصيف بأجواء حماسية ومنافسات مليئة بالإثارة. مُتعة المدرسة اللاتينية ومنافساتها ستشكل وجبة دسمة لجمهور الساحرة المستديرة، الذي يستمتع بصيف مزدحم بالبطولات الكروية.