حسناً، فعلها كريستيانو رونالدو. فجر القنبلة في وجه جمهوره. ترقبٌ وانتظارٌ طويلان عاشهما الأخير للتأكد من صحة الأخبار التي أشيعت حول انتقاله، وفي النفس تمنيات بتأكيد بقائه ودحض كل الأقاويل. إلا أنّ الأمور لاحقاً أصبحت أكثر وضوحاً. كريستيانو لن يرتدي القميص الأبيض الموسم المقبل. قطع ريال مدريد الشكوك باليقين، وأعلنها مدوية: «كريستيانو إلى يوفنتوس». حُسم الأمر. حلّ الخبر كالصاعقة، رغم توقع حدوثه. رسالة وداعٍ طويلة كتبها قبل رحيله، لم يتمنَّ أيّ من محبيه قراءتها، لتنتهي حكاية البرتغالي مع النادي الملكي. هل فرّط ريال مدريد برونالدو؟ هل خان كريستيانو النادي؟ تساؤلاتٌ كثيرة تدور في رؤوس المشجعين، علهم يجدون ما يقنعهم بأسباب رحيل «الدون». ضج العالم بخبر انتقاله، ونال اهتماماً غير اعتيادي من الصحافة العالمية فاق الاهتمام بأخبار المونديال الروسي. كيف لا، وهو «صفقة القرن» التي هزت الشارع الكروي في العالم بأسره.صادف الجمعة الفائت الذكرى التاسعة للصفقة التاريخية التى أبرمها نادي ريال مدريد عام 2009 بالتعاقد مع كريستيانو رونالدو قادماً من صفوف فريق مانشستر يونايتد، مقابل ما يقارب الـ111 مليون دولار. بين صيف 2009 وصيف 2018، 9 أعوام قضاها رونالدو داخل أسوار القلعة البيضاء، حقق خلالها ما يحلم كل لاعب في تحقيقه. بطولاتٌ جماعية، ألقابٌ فردية وأرقامٌ قياسية، حصدها وتُوّج بها وكسرها. أن يسجل لاعبٌ 450 هدفاً خلال 438 مباراة مع فريقه، فهذا بالتأكيد أمرٌ غير عادي. ورغم الصورة التي ارتبطت به بأنه لاعبٌ «أناني»، إلا أنّ رونالدو قدم 131 كرة حاسمة، سجّل على إثرها زملاؤه في الفريق نفس العدد من الأهداف. في موسمه الأول مع النادي، افتتح البرتغالي مشواره الأوروبي عبر ركلتين حرتين أمام نادي زيوريخ السويسري في بطولة دوري أبطال أوروبا. هدفان أعلنا أنّ البطولة في انتظار نجمها الجديد. 120 هدفاً كانت كفيلة كي يتربع كريستيانو على عرش البطولة الأوروبية، بطولته المحبوبة، ويصبح هدافها التاريخي. لم يقف الأمر عند ذلك الحد، فهو أصبح صاحب أكبر عدد من الأهداف في موسم واحد في «التشامبيونز ليغ»، والأكثر تتويجاً في نهائي البطولة، والوحيد الذي سجل في ثلاثة نهائيات وفي المباريات الست في دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا. أرقام رونالدو تجعل اسمه مخيفاً. قاد رونالدو الريال لتعزيز خزانتهم الأوروبية بالكأس الأغلى، ليخطف النادي لقب «التشامبيونز ليغ» 4 مرات ويرفع رصيده إلى 13 لقباً، محلقاً بعيداً عن ميلان الإيطالي أقرب منافسيه.
أسرع لاعب يسجل 300 هدف في الدوري الأسباني والأكثر تسجيلاً عبر ركلات الجزاء

تسأل نفسك، أنّى للاعبٍ أن يأتي بكل هذه الأهداف في البطولة الأصعب والأقوى؟
بالطبع، لم ينسَ كريستيانو أن يعيد كتابة تاريخ النادي، وأن يصنع لنفسه مجداً آخر. اسبانيا كان لها نصيبها أيضاً من نهمه التهديفي. أسرع لاعب يسجل 300 هدف في الدوري الإسباني، الهداف التاريخي للبرنابيو، الأكثر تسجيلاً عبر ركلات الجزاء، هداف الديربي التاريخي، تخطى حاجز الـ50 هدفاً في 6 مواسم متتالية في «الليغا». حسناً، لنتوقف عند هذا الحد، فأرقام البرتغالي هنا وإنجازاته تتجاوز عدد ما في اليدين من أصابع. إلا أنّ الموسم المقبل يحلّ مختلفاً على الدوري الاسباني. فمع رحيل كريستيانو، لا مزيد من المقارنات بينه وبين الأرجنتيني ليونيل ميسي. لا مزيد من النقاش والجدال، الذي أضاف متعةً غريبةً على مباريات الدوري الاسباني ومواجهات الفريقين. أُسدل الستار على أقوى منافسة مباشرة في تاريخ كرة القدم، لينتهي بشكل كبير الصراع بين اللاعبَين.
كتب رونالدو الفصل الأخير من قصته مع ريال مدريد، لتنطوي مسيرة أعظم لاعب في تاريخ الريال، وأحد أفضل اللاعبين في تاريخ العالم. لم يهرب رونالدو من الريال، ولم يخن ناديه أبداً، لكنه غيّر أرض المعركة فقط. وجهة جديدة في انتظار البرتغالي، نادي يوفنتوس الذي سجل ضده أفضل أهدافه على الإطلاق. أرقام قياسية وتحديات جديدة تنتظره في الدوري الايطالي، الذي فقد وهجه أخيراً أمام الدوريين الاسباني والانكليزي. «امبراطورية» رونالدو المقبلة إلى ايطاليا، بلا شك ستعيد الأنظار إلى الدوري المحلي.
منذ أعوام خلت، ولدى تقديم رونالدو لجمهور الملكي في ملعب السانتياغو برنابيو، حيّا رونالدو الجمهور، وقبّل شعار النادي على قميصه. وعند احتفال لاعبي الريال الشهر الفائت في الملعب عينه بعد التتويج بلقبهم الثالث عشر، تكرر المشهد، وقبّل البرتغالي الشعار، وما بين القبلتين 9 سنواتٍ من المجد والبطولات والأرقام القياسية، لم يخذل فيها محبيه أبداً. وداعاً كريستيانو.



الوصول إلى تورينو
وصل البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى تورينو الأحد، تحضيراً لتقديمه كلاعب جديد ليوفنتوس بطل الدوري الإيطالي في المواسم السبعة الأخيرة، وذلك بحسب ما أعلن الأخير. ووصل رونالدو إلى معقل «السيدة العجوز» على متن طائرته الخاصة برفقة صديقته جورجينا رودريغيز، وفقاً لما نشره النادي الإيطالي على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وعلى المستوى الأمني، خصصت السلطات الإيطالية عدداً كبيراً من رجال الأمن لتأمين المطار، وتأهبت بالمستوى نفسه، الذي تخصصه لزيارة رئيس الجمهورية الإيطالية لأي مدينة ايطالية. وحدث ما توقعته الصحف الإيطالية، حيث حظي النجم البرتغالي باستقبالٍ كبير، لكن رونالدو الفائز بأربعة من الألقاب الخمسة الأخيرة لدوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد، توجه الى ملعب «اليانز ستاديوم»، حيث خضع للفحص الطبي الروتيني قبل تقديمه أمام وسائل الإعلام في مؤتمر صحافي عند الساعة السادسة والنصف.
وسيوقع النجم الفائز بالكرة الذهبية خمس مرات عقداً مدته أربع سنوات بقيمة 30 مليون يورو في الموسم، وذلك في صفقة تقول وسائل إعلام إيطالية إنها ستكلف يوفنتوس 350 مليون يورو. وأسهم انتقال رونالدو إلى فريق يوفنتوس في رفع بورصة النادي الإيطالي، كما أن قمصانه عرفت إقبالاً كبيراً على اقتنائها، إذ تباع بمعدل قميص كل دقيقة في متاجر «اليوفي ستور» في كل من تورينو وميلانو. وذكرت «لا ريبوبليكا» أنّ رونالدو سيلتقي فريقه الجديد الذي بدأ تحضيراته للموسم المقبل، بعد ظهر اليوم لكنه سينضم إليه رسمياً في وقت لاحق من الشهر عندما يخوض جولته الصيفية في الولايات المتحدة. ويأتي رحيل رونالدو الذي انضم الى ريال في 2009 قادماً من مانشستر يونايتد الانكليزي لقاء 94 مليون يورو (رقم قياسي في حينها)، بعد أسابيع من إعلان مدرب النادي الملكي الفرنسي زين الدين زيدان رحيله أيضاً، بعدما قاد النادي مع رونالدو إلى لقب دوري الأبطال لثلاثة مواسم توالياً.