نتائجُ مخيّبة في التحضيرات دلّت إلى مشاكل كبيرة في صفوف المانشافت. أمرٌ لم يزعزع قناعات المدرّب، فرفض التخلي عن استبعاد لوروا ساني وإجلاس تير شتيغن على دكة البدلاء. لم يخسر المنتخب المهارة في المونديال، بل خسر الشخصية. مزيجٌ سيّئ بين الشباب ولاعبي الخبرة أوقفا المنتخب عند بوابة موسكو. قبل سنةٍ من المونديال، استبعد لوف أغلب النجوم، ولعب بتشكيلة شابّة في كأس القارّات التي أقيمت في روسيا. نجح في رهانه وتُوّج المنتخب الرديف بالبطولة بعد أن هُزم منتخب تشيلي في النهائي. لم تختلف المدينة في المونديال، اختلف المنتخب، واختلف مستوى المنافسة. قيادة فنيّة سيّئة أثمرت أحد أسوأ نسخات المنتخب الألماني .على الرغم من مشاركته في 3 مباريات مع بايرن ميونخ في الموسم السابق للمونديال، لعب مانويل نوير مباريات المونديال كافّة. كسرٌ في القدم اليسرى أبعد اللاعب 8 أشهر عن عالم الكرة، لم تمنع لوف من إقحامه أساسياً على حساب تير شتيغن. مستوى رائع قدمه الحارس الشاب مع برشلونة، قاد من خلاله شتيغن فريقه للفوز بالدوري الإسباني إضافةً إلى تحقيق لقب الكأس الإسباني. تمكّن نوير من حجز مكانه الأساسي في المنتخب منذ 2010. الحارس الأفضل في مونديال البرازيل 2014، تسلم قيادة المنتخب الألماني عام 2016، تكريماً لما قدمه للمنتخب. إلّا أنّ الظروف السائدة في المونديال الأخير، خلقت البلبلة في الأوساط الرياضية، بعد أن خرق لوف قاعدة اللّعب للأفضل، مفضّلاً اللجوء إلى التاريخ القريب. «مع كامل الاحترام لنوير، خاب أملي بعدم إشراكي أساسيّاً في المنتخب بعد كل ما قدمته»، هكذا كان تعليق تير شتيغين بعدما فشل في حجز المركز الأساسي في المنتخب الألماني. يعود سبب تفضيل لوف لنوير، لخبرته الكبيرة مع المانشافت في السنوات السابقة، كونه أحد آخر رجال «الحرس القديم» بعد اعتزال كلّ من فيليب لام باستيان شفانشتايغر وميروسلاف كلوزه. أمرٌ أقلق المدرب من إمكانية الإخفاق في اختبار روسيا نظراً إلى خسارة روح القيادة، ففضّل الجانب النّفسي عن الجسدي في هذه المعضلة. مراهنةٌ خسرها المدرب الألماني في الامتحان الأول للمانشافت، عندما خسر 1-0 أمام المكسيك بعد خطأ شخصي من نوير ليفتح لوف النار على نفسه. استبعادٌ لشتيغن تمدّد لدوري الأمم، حيث يرفض المدرب الألماني التفريط بحامي عرين المنتخب مانويل نوير لأيّ سبب كان.
رفض لوف استدعاء ساني لأسباب تكتيكية


لم تتوقّف المشاكل عند حارس برشلونة، حيث شكّل استبعاد نجم مانشستر سيتي لوروا ساني أحد أبرز مفاجآت المونديال. على الرغم من استبعاد ايكاردي وناينغولان، يبقى استبعاد ساني أمراً غريباً. أفضل لاعب شاب في الدوري الإنكليزي الموسم الماضي حظي بموسم استثنائي مع مانشستر سيتي، تمكن من خلاله تسجيل 10 أهداف وصناعة 15 مساهماً بـ25 هدفاً في رحلة اللقب المكتسب في نهاية المطاف. أداؤه الرائع مع غوارديولا، لم يشفع له بتمثيل المانشافت حيث رفض لوف استدعاء ساني لأسبابٍ وصفها بـ «التّكتيكيّة». غياب لاعب مهاري على الرواقين، أضعف قدرة المنتخب على زعزعة الخصوم في مونديال روسيا. فضّل لوف استدعاء براندت، معيداً السبب لعامل الخبرة، حيث شارك نجم ليفركوزن بمباريات دولية أكثر من ساني على الرغم من تطابق الأعمار. استدعي لوروا ساني في بطولة دوري الأمم، البطولة التي أقيمت بعد المونديال بأشهر فقط، لكن فات الأوان. من ناحية الأرقام، لا أحد من اللاعبين الذين شغلوا مركزه في المونديال حظوا بأرقام مماثلة، الأمر نفسه من ناحية الأداء. على الرغم من اختلاف دوره مع مانشستر سيتي مقارنة بالمنتخب، إلا أن مهارات اللاعب كانت كفيلة على الأقل بوضعه كورقة رابحة على مقاعد البدلاء لما يميّزه من خصائص محدّدة تتمثل بالفرديّة والسّرعة والمهارة. خصائصُ افتقدها لوف في المونديال، بعد أن فضّل لاعبون يناسبون الفلسفة الألمانية المتمثلة باللعب الجماعي.
كذلك، لا أحد يشك بموهبة أوزيل. اللاعب الذي لا يشبه إلا نفسه. اتّصف بالندرة في أسلوب لعبه. تمريراته السلسة وأسلوب لعبه الخالي من التعقيدات، جعلته اسماً لافتاً. مع أرسنال، شهد مستوى أوزيل الكثير من التأرجح، بعد أن وجد اللاعب نفسه دون هدف في حقبة فينغر. اختلاف جودة اللاعبين بين أرسنال والريال والتفاوت في العقليات والأهداف انعكست سلباً على أداء اللاعب. أيام أوزيل العصيبة لم تقتصر على النادي وحسب، بل لازمته في المنتخب أيضاً، فظهر بصورة سيئة في المونديال الأخير، حاله كحال أغلب اللاعبين الألمان. إساءاتٌ كثيرة تعرض لها اللاعب لأسباب «عنصرية»، جعلت اللاعب يعتزل التمثيل الدولي بعد نهاية المونديال مباشرةً. حقبة جديدة بدأها الألماني هذه السنّة. لاعب جديد. أوزيل مع إيمري هو أوزيل القديم. ثبات في الأداء جعل اللاعب السبب الأبرز في انتشال أرسنال، وظهوره بصورة المنافس على اللّقب. أداء أوزيل قد يجعل لوف يندم على عدم المحاولة بإقناعه بالعودة عن قرار اعتزاله، في ظلّ النّتائج الكارثيّة التي يتلقّاها المنتخب الألماني.