تستكمل اليوم البطولة الأوروبية الجديدة والتي تقام لأول مرّة في التاريخ هذه السنة تحت مسمّى «دوري الأمم الأوروبية»، حيث يستقبل المنتخب الهولندي بطل العالم المنتخب الفرنسي. هي الجولة الخامسة من هذا الدوري، وباتت الكثير من معالم الهبوط والصعود واضحة. على سبيل المثال، يعيش المنتخب الألماني أسوأ فتراته ومن المحتمل أن يهبط إلى الدرجة الثانية في التصنيف نظراً إلى النتائج المخيبة التي قدّمها منتخب المدرب يواكيم لوف في البطولة. أمّا بالنسبة إلى المنتخبين الآخرين اللذين يشاركان المنتخب الألماني المجموعة، فستكون المباراة ما بين الهولنديين أصحاب الأرض والفرنسيين، إحدى أبرز المباريات، نظراً لأهميتها الكبرى بالنسبة لرفاق نجم نادي ليون الفرنسي ممفيس ديباي. أين تكمن هذه الأهمية؟ يمتلك المنتخب الهولندي في رصيده ثلاث نقاط من مباراتين اثنتين أمام كل من ألمانيا وفرنسا. من جهته يمتلك المنتخب الفرنسي 7 نقاط، ممّا يعني بأن فوز الهولنديين على ديديه ديشان سيشد الخناق عليهم ويصبح الفارق بينهما نقطة واحدة. على الورق، المهمة ستكون صعبة، نظراً للفروقات الكبيرة في الأداء، وحتّى من ناحية اللاعبين، إلّا أن المنتخب الفرنسي يعاني من غيابات كثيرة في تشكيلته، لعلّ أبرزها غياب نجم مانشستر يونايتد الإنكليزي بول بوغبا بسبب الإصابة. غياب بول عن «الديوك» سيكون مؤثراً جداً، نظراً للاعتماد الكبير من قِبل المدرب ديشان على الغزال الفرنسي، إلى جانب كل من «النحلة» نغولو كانتي وبليس ماتويدي. إضافة لإصابة بوغبا، سيغيب عن المنتخب الفرنسي كل من ألكساندر لاكازيت نجم الآرسنال، بنجامان مندي لاعب السيتي وأنتوني مارسيال جناح مانشستر يونايتد. مباراة الذهاب، التي احتضنها ملعب «ستاد دو فرانس» في العاصمة الفرنسيّة باريس، انتهت بفوز أبطال العالم بنتيجة 2-1، أي إن اللقاء لم يكن سهلاً على رفاق أنطوان غريزمان. المباراة اليوم ستكون على الأراضي الهولندية المنخفضة، ما يعطي الهولنديين دافعاً كبيراً لبذل مجهود أكبر من الذي بذلوه في فرنسا، لتحقيق الثلاث نقاط.
تمثّل نتيجة مباراة ألمانيا دافعاً قوياً بالنسبة للهولنديين

سيدخل المنتخب البرتقالي المباراة منتشياً بفوزه الأخير في البطولة على المنتخب الألماني بثلاثية نظيفة. هذه النتيجة، على الرغم من أن المنتخب الألماني لم يستحقها، نظراً لأدائه في المباراة، إلّا أنها تبقى ثلاثية، وتبقى دافعاً كبيراً بالنسبة لقائد المنتخب الهولندي نجم ليفربول فيرجيل فان دايك، الذي قال هزمنا ألمانيا بالثلاثة، لم لا نهزم فرنسا؟ هذا هو لسان حال كل مشجع هولندي الآن، مؤمن بقدرات منتخب بلاده، التي تحسنت كثيراً في السنوات الماضية. نجوم كثيرة هجرت منتخب «الطواحين»، على غرار آريين روبين، روبين فان بيرسي، ويسلي سنايدر وغيرهم الكثير. إلّا أن ما يقدّمه الجيل الهولندي الجديد، ليس بسيطاً، ويدفع الكثير من المتابعين والمنتقدين إلى الاقتناع بأن الكرة الهولندية التي صنعت المتعة على مدى السنوات، لم تمت بعد.
أسماء مميزة كممفيس ديباي، لاعب مانشستر يوناتيد السابق، الذي لم يوفّق بين أسوار ملعب «الأولد ترافورد» ولكنه الآن، يقدّم للمتابعين أفضل نسخة منه، برفقة ليون الفرنسي. وعند ذكر الأسماء المميزة، لا يمكن التغاضي عن ثنائي ليفربول، فيرجيل فان دايك (قائد المنتخب) وجورجينيو فينالدوم. على وجه الخصوص، الكلام والمديح سيكون للصخرة الدفاعيّة، فان دايك، المدافع الذي ومنذ قدومه إلى ليفربول، تحسّن أداء الفريق كثيراً، نظراً لأهمية في مركز قلب الدفاع. ناهيك عن روحه القيادية، والتي تظهر في مباريات المنتخب الهولندي، وحتى في ملعب الـ«أنفيلد»، فهو قائد من دون شارة قيادة. إلى جانب فان دايك، موهبة أخرى في مركز قلب الدفاع، ماتياس دي ليخت، مدافع أياكس أمستردام الهولندي، يقدم مستوى مميزاً اليوم في ملعب «يوهان كرويف»، وهو محط أنظار أبرز الفرق الأوروبيّة ومن بينهم العملاق الكاتلوني برشلونة. إذاً، هولندا لم تمت. بل كان مرضاً خبيثاً أصاب المنتخب الهولندي، أدّى إلى عدم تأهله لبطولة كأس العالم الأخيرة في روسيا، وها هو الآن، يتحسّن شيئاً فشيئاً، تحت قيادة مدرب جديد، ذي عقلية مختلفة قليلاً عن ما اعتادت عليه الجماهير من منتخب كرويف التاريخي. مدرب إيفرتون السابق ولاعب برشلونة السابق رونالد كومان. ما شاهده الكثير من المتابعين في مباراة المنتخب الهولندي الأخيرة أمام ألمانيا، هو أن منتخب الطواحين لم يمثّل ما يعرفه الجميع عنها، لم يكن منتخب هولندا «الكرة الشاملة»، لم تكن هولندا «الهجومية»، وبالتالي، لم تكن هولندا «يوهان كرويف». ولكن هذه الطريقة الدفاعية، والتي تعتمد على الهجمات المرتدة في المقام الأوّل، أثمرت فوزاً كبيراً على ألمانيا، ولربما، تكون المفتاح، الذي يدخل هولندا في حقبة جديدة، يعود من خلالها المنتخب إلى الانتصارات كما عهدته الجماهير دائماً.