رغم تصنيفه كأغنى نادٍ في إيطاليا، يعدّ يوفنتوس أحد أقل الأندية إنفاقاً في أسواق الانتقالات. منذ بداية العقد الجديد، قامت إدارة البيانكونيري باستقطاب 10 لاعبين في صفقات انتقال مجانية. أسماءٌ كبيرة على غرار فابيو كانافارو، أندريا بيرلو وبول بوغبا، شكلت القوام الأساسي للنادي الإيطالي، بهدف سيطرته على الدوري الإيطالي. بعيداً عن الجانب الفني، ساهمت هذه السياسة في جلب مصدر جديد لعائدات النادي جراء بيع هؤلاء اللاعبين بأسعار مرتفعة بعد وقت، كما الحال عند بيع بوغبا إلى مانشستر يونايتد مقابل مئة مليون يورو، كأغلى صفقةٍ في التاريخ حينها. أخيراً، قامت إدارة اليوفي بالتوقيع مع اللاعب الويلزي آرون رامسي بصفقة انتقال حر، لتستكمل سياستها الناجحة في التعاقدات، والتي أعادت النادي إلى منصات التتويج بعد المعاناة الكبيرة في الألفية الجديدة.تعد إدارة يوفنتوس واحدة من أفضل الإدارات في كرة القدم، نظراً للاستقرار الفني والإداري والمالي في النادي مع توالي السنوات. غير أن الوضع لم يكن كذلك مع بداية الألفية، حيث مرت الإدارة بمنعطفاتٍ سيئة على خلفية إدانتها بالفساد من قِبل الاتحاد الإيطالي. بعد هبوط النادي للدرجة الثانية إثر أزمة الكالتشيو بولي وصعوده مرة أخرى لدوري الدرجة الأولى، عجزت الإدارة السابقة لنادي يوفنتوس عن إرجاع الفريق إلى مصاف الكبار من جديد، فتمثل الحل باستقدام رئيس النادي أندريا أنييلي لثنائي سامبدوريا، الإداريَّين ماروتا وباراتيشي بغية تصحيح المسار. تولى ماروتا منصب المدير العام للنادي بحيث أوكلت إليه مهمة التخطيط للسوق الكروية بحدود الميزانيّة الممنوحة من قبل الإدارة، فيما اقتصر دور باراتيشي على التعامل مع الكشّافين والتفاوض مع وكلاء اللاعبين.
في ظلّ الأوضاع المتردّية آنذاك والهبوط الكبير في أسهم النادي، رأى البعض في تشكيل الإدارة الجديدة مخاطرة كبيرة، بحيث أن أي فشل جديد قد يغرق يوفنتوس أكثر، غير أن أنييلي امتلك نظرةً أخرى. عوّل مالك النادي على نجاح الثنائي الإداري في قيادة سامبدوريا لتحقيق الكثير من الإنجازات والتأهل للبطولات الأوروبية رغم هبوطه للدرجة الثانية، إذ كان لتشابه ظروف سامبدوريا باليوفي آنذاك الكلمة الفاصلة في اتخاذ قرار التعيين.
مع كثرة الديون وسوء الحالة الاقتصادية ليوفنتوس، تمثّل هدف ماروتا الأول بتقليل الخسائر الماديّة، فقام بفسخ عقود العديد من اللاعبين الكبار، الذين يتقاضون مرتبات ضخمة على غرار تريزيغيه وكامورانيزي، وركز في الانتدابات على ضم لاعبين موهوبين على سبيل الإعارة في ظل قلة الموارد المتاحة للشراء. نظراً لسوء بناء المنظومة، فشلت الإدارة في موسمها الأول بعد أن احتل الفريق المركز السابع في الدوري، غير أن النجاح ظهر من الناحية المالية بعد أن تمكنت الإدارة من تقليل الديون والتعافي اقتصادياً شيئاً فشيئاً. في الصيف التالي، قامت الإدارة باتخاذ خطوة جديدة لتحسين مسار الفريق، فاعتمدت على أبناء النادي لإعادة اليوفي إلى أوروبا من جديد، واضعةً أنطونيو كونتي على رأس الإدارة الفنية للفريق. رغم افتقار سجله التدريبي، تمكن كونتي من إعادة اليوفي إلى منصات التتويج، بعد أن لعبت شخصيته دوراً بارزاً في صحوة الفريق. تعاونت الإدارة حينها مع مدربها الجديد، فاستغلت أزمة أندريا بيرلو مع ميلان وضمته مجاناً في صفقة تاريخيّة، كما نجح كشافو النادي بضم اللاعب التشيلي أرتورو فيدال قادماً من باير ليفركوزن، إضافةً لاستقدام اللاعب بول بوغبا من مانشستر يونايتد بصفقة انتقال حر. مع افتتاح ملعب الفريق الجديد في موسم 2011، بدأت الانطلاقة الحقيقية ليوفنتوس، حيث حقق الفريق لقب الدوري بعد غياب سنواتٍ دون أي خسارة، تبعتها سلسلة من الأرقام القياسية سطر بها اليوفي تاريخاً جديداً في الكرة الإيطالية، لتستمر سطوة البيانكونيري على الكرة المحلية حتى الآن.
رغم تصنيفه كأغنى نادٍ في إيطاليا يعد يوفنتوس أحد أقل الأندية إنفاقاً في أسواق الانتقالات


في ظل النجاح الكبير الذي عرفه النادي في العقد الأخير، يُعاب على يوفنتوس عجزه عن التتويج بدوري أبطال أوروبا رغم وصوله إلى النهائي في مناسبتين. حاول النادي الإيطالي مجاراة متطلبات السوق ففتح خزائنه من أجل هداف الدوري حينها غونزالو هيغوايين لتحقيق اللقب الأوروبي الأغلى، غير أن ذلك لم يحدث.
مع توتر العلاقة بين كريستيانو رونالدو ونادي ريال مدريد، فتحت إدارة اليوفي خزائنها لإبرام أغلى صفقة في تاريخها، فوقّعت مع المهاجم البرتغالي مقابل 100 مليون يورو. رغم أن السبب الرئيسي وراء جلب رونالدو تمثل بشخصية اللاعب وخبرته الكبيرة في أوروبا، تمحور جانبٌ كبير من الصفقة حول ما سيدره المهاجم البرتغالي على خزينة النادي من أموال نظراً لثقل اسمه في الأوساط الكروية، فساهمت مبيعات قمصان اللاعب وحدها في إرجاع أموال الصفقة بعد أيامٍ معدودة من انتقاله.
المكاسب لم تتوقف عند ذلك، إذ ساهم مجيء رونالدو أيضاً بتوقيع النادي على عقد رعاية جديد من شركة أديداس لمدة ثمانية مواسم، يحصل النادي خلال هذه المدة على 408 ملايين يورو بمعدل 51 مليون يورو في السنة، بعد أن كان متوسط الدخل 23 مليون يورو سنوياً في العقد القديم. زيادةٌ تدل على ارتفاع العلامة التجارية للنادي بعد الإنجازات الكبيرة التي حققها في السنوات الماضية، والتي رفع أسهمها كريستيانو في الأشهر الأخيرة بعد زيادة نسب المشاهدة.
بسن الـ34، يتصدر رونالدو قائمة هدافي الدوري الإيطالي، كما أنه تمكن من قيادة فريقه الجديد إلى دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا. مع العروض الجيدة التي يقدمها إبن ماديرا، يعد يوفنتوس أحد أبرز المرشحين للفوز بدوري الأبطال، رغم صعوبة المهمة بعض الشيء، فبالرغم من الإضافة المعنوية التي جلبها رونالدو إلى ناديه الجديد، ساهم أسلوب اللاعب في قتل مواهب أخرى كباولو ديبالا، دوغلاس كوستا وفيديريكو برنارديسكي، ما يعكس صورةً أشمل عن إدارة النادي، التي تذرّعت ربما برونالدو للفوز بدوري الأبطال، مع علمها المسبق أنها حققت الأهم من ذلك بمجيئه، وهو المال.