إذا كان هناك سبب وحيد وراء تجديد الثقة بالمدرب الباسكي إرنستو فالفيردي، ليبقى مع النادي الكاتالوني الموسم المقبل، فلا بد أنه نجم الفريق وقائده الأرجنتيني ليونيل ميسي. الأخير، بحسب الإحصاءات، كان اللاعب الأفضل في الدوري، إذ إنه يتصدّر ترتيب الهدّافين برصيد 36 هدفاً، مبتعداً بفارق 15 هدفاً عن صاحبي المركز الثاني، وهما كريم بنزيما مهاجم ريال مدريد وزميله لويس سواريز (21 هدفاً لكل منهما). جائزة البيتشيتشي الجديدة ستجعل ليونيل يعادل رقم تيلمو زارا، الذي أحرز لقب الهداف في الليغا في (6) مناسبات. يتصدّر الـ«برغوث» أيضاً ترتيب صانعي الأهداف بـ(13) تمريرة حاسمة.من لا يعرف قيمة ميسي، فعليه أن ينظر إلى أرقامه في الدوري، الذي يخوض خلاله (38) مباراة. يحافظ ميسي على ثبات مستواه في الدوري المحلي، وهو ليس بالأمر السهل. مع الإقصاء المفاجئ والصدمة الكبيرة التي تعرّض لها النجم الأرجنتيني وزملاؤه في دوري أبطال أوروبا، قيل الكثير من الكلام عن ميسي ورفاقه، وعن الإخفاق في مرحلة الإياب.

ميسي، قبل بداية الموسم، وعد الجماهير الكاتالونية بأنه سيبذل قُصاراه ليعيد اللقب الأهم في أوروبا إلى ملعب الكامب نو. كان قادراً على تحقيق هذا الوعد، بل إنه حققه على المستوى الفردي، إذ إن اللاعب الأرجنتيني يتصدّر أيضاً قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا بواقع (12) هدفاً، مبتعداً بأربعة أهداف عن مهاجم بايرن ميونيخ البولندي روبرت ليفاندوفسكي (غاب ميسي عن مباراتين في دوري الأبطال بسبب الإصابة). تمكّن ابن «لاماسيا» من الحصول على جائزة أفضل لاعب في الأسبوع في دوري أبطال أوروبا خمس مرّات، من بينها اثنتان ضمن الأدوار الإقصائية. ليونيل قام بواجبه في مباراة الذهاب أمام ليفربول، إذ سجّل هدفين، أحدهما بطريقة ساحرة، سهّلا الأمور كثيراً على زملائه في مباراة الإياب، لكن الفرحة لم تكتمل، وحلّت الصّدمة والمفاجأة التي لم يكن ليتوقعهما أحد، فخسر برشلونة مباراة الإياب بأربعة أهداف نظيفة، لتتبخر الأحلام.
بهدفيه أمام إيبار في الجولة الأخيرة من «الليغا» الإسبانية، يكون قد سجّل ليو حتى الآن في الموسم ككل، أي في جميع البطولات، (50) هدفاً، إضافةً إلى صناعته لـ(22) هدفاً آخر. أرقام «خرافية» من لاعب يستطيع أداء دورين مختلفين في ذات الوقت. الدور الأوّل يتمثّل بكونه هدّاف الفريق في المواسم الماضية، رغم وجود الأوروغواياني لويس سواريز. أما الدور الثاني، فهو صناعة الألعاب، في ظلّ وجود البرازيلي فيليبي كوتينيو. يتفوّق ميسي على جميع اللاعبين في مختلف الدوريات، بتسجيل الأهداف، أمّا في صناعتها، فيبقى الصربي نجم أياكس أمستردام دوشان تاديتش متفوّقاً عليه بثلاث تمريرات حاسمة فقط. قائد المنتخب الأرجنتيني يتحدّى نفسه هذا الموسم، بعد أن تجاوز جميع اللاعبين، خاصة الذين ينشطون في المراكز عينها التي يشغلها ميسي خلال الموسم (مركزا خطي الوسط والهجوم).

مبابي يعترف
في تصريح له بعد تسلّمه جائزة أفضل لاعب في فرنسا وأفضل لاعب شاب أيضاً، قال النجم الواعد لنادي باريس سان جيرمان كيليان مبابي، إن ليونيل ميسي هو الأحق بالفوز بالكرة الذهبية، بغضّ النظر عن خروجه أمام ليفربول بدوري الأبطال، فقد قدم ليو موسماً مميزاً يستحق عليه الكرة الذهبية. مبابي كان المنافس الوحيد لميسي على جائزة الحذاء الذهبي (هداف الدوريات الأوروبية الكبرى)، إذ سجّل الفرنسي (32) هدفاً حتى الآن في الدوري الفرنسي، أي بفارق (4) أهداف عن متصدّر سباق «الغولدن بووت». تمكّن ليو من تحقيق لقب الدوري، وها هو يتّجه يوم غد السبت لتحقيق لقب كأس ملك إسبانيا، عندما يواجه برشلونة نادي «الخفافيش» فالنسيا، في مباراة تميل كفتها إلى مصلحة ميسي ورفاقه.
فاز ميسي بالعدد الأكبر من الجوائز الفردية في الدوري هذا الموسم


لقبان محليان، إضافة إلى جوائز فردية عدّة، قد تكون كافية ليحقق ميسي لقباً فردياً هو الأهم في مسيرة أي لاعب كرة قدم، وهو الفوز بالكرة الذهبية. لكن قبل الحديث عن أحقية ميسي في هذه الجائزة، ليو اليوم لم يعد كما كان في السابق. اختلفت أهدافه وتوجّهاته. ميسي، تعرّض للكثير من الصدمات والعقبات في مسيرته الاحترافية، لعلّ أبرزها عدم تحقيق أيّ لقب مع منتخب بلاده الأرجنتين. «كوبا أميركا» باتت على الأبواب، وميسي، سيمرّ بالحالة النفسية والذهنية عينها، التي يمرّ بها كلما ارتدى قميص «الألبي سيليستي». خرج نجم الأرجنتين من دوري أبطال أوروبا للمرة الرابعة توالياً من دون أن يحمل اللقب، كل هذه الأحداث، من الممكن أن تدمّر أي لاعب، فكيف إذا كان هذا اللاعب هو ميسي، الذي تنتظر منه الجماهير تحقيق كل شيء. ليونيل لم يحضر حفل توزيع جوائز الدوري الإسباني، رغم فوزه بأغلبية الجوائز الفردية، وكأنه يقول، لم أعد أريد كل هذه الجوائز الفردية. تصرف غير مقبول بحسب العديد من النقاد والمتابعين، إلا أنه يدل على تأثر ميسي بالضغوط، وأن عقله في مكان آخر، وتحديداً في دوري أبطال أوروبا الذي خسره مرة جديدة. يفتقر ميسي إلى شخصية القائد، وهو لا شك يفكر اليوم في كوبا أميركا، على اعتبار أنها الفرصة الأخيرة له للتويج بلقب مع المنتخب.
يبقى ميسي برأي الكثيرين الأفضل في العالم، ومنهم من يصنّفه الأفضل في التاريخ، نظراً إلى الدور الكبير الذي يؤديه على أرضية الملعب، وللتاريخ الذي دوّنه، ولا يزال يفعل عند كل استحقاق مع البلاوغرانا.