بعد أن أعلن نادي برشلونة رحيل أحد نجوم أكاديمية «لاماسيا» الشاب تشافي سيمونز إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، انهالت الانتقادت على إدارة النادي، من نقّاد وصحافيين وجماهير. كان من المنتظر أن يقدم سيمونز الشيء الكبير. الجميع كان يردد، يحمل اسم «تشافي»، ولديه طريقة لعب الرسّام أندريس انييستا، ويشبه كثيراً الهولنديين، لكن كل هذه الآمال، توقّفت عند قرار إدارة النادي بيع سيمونز للـ«بي أس جي». دارت الأيام، وقبل حوالى 3 أسابيع، شارك ابن الـ16 ربيعاً، الإسباني الغيني آنسو فاتي مع برشلونة في اللقاء أمام ريال بيتيس في الليغا. ولد نجم جديد وهو آنسو، وتمكّن من كتابة التاريخ في مشاركته كبديل في الدقيقة 85 من عمر المباراة، حيث أصبح ثاني أصغر لاعب في تاريخ برشلونة يشارك في مباراة رسمية للنادي بعد فيتشنز مارتينيز الذي يكبره فاتي بـ18 يوماً فقط عام 1941. ظروف عدّة أجبرت المدرب ارنستو فالفيردي على إقحام فاتي، من بينها الإصابات الكثيرة للاعبين، وعلى رأسهم الأرجنتيني ليونيل ميسي. الأخير، وبعد مشاركة فاتي في الدوري نشر صورة له مع الشاب الموهوب معانقاً إيّاه بحرارة، مشيراً في ما كتبه إلى سعادته بعودة اللاعبين الشباب للمشاركة مع الفريق الأول لبرشلونة. اختيار ميسي لفاتي على حساب كارليس بيريز يعود لكونه صغير السن (16 سنة و298 يوماً)، إضافة إلى معرفة ليونيل بالموهبة الكبيرة التي يملكها الشاب الصغير. في المباراة الثانية، أمام أوساسونا، شارك فاتي بديلاً مع بداية الشوط الثاني، ليسجّل هدف التعادل برأسية متقنة، ويصبح أصغر لاعب في تاريخ برشلونة يسجل هدفاً وثالث أصغر لاعب يسجل في تاريخ الليغا الإسبانية.ولد آنسو فاتي في غينيا بيساو، انتقل مع عائلته المهاجرة إلى مقاطعة إيريرا في مدينة إشبيلية الأندلسية وهو في السادسة من عمره. بعد تمثيله للفريق المحلي «سي دي أف ايريرا» وفرق الشباب في إشبيلية، انضم إلى أكاديمية «لاماسيا» التابعة لنادي برشلونة الإسباني في 2012، حين كان في العاشرة من عمره.
في 2019، وقع فاتي على أول عقد احترافي له مع الفريق الكاتالوني، يستمر حتى 2022. في 25 آب الماضي، حتى قبل الظهور مع الفريق الثاني لبرشلونة «Barcelona b»، قصّ فاتي شريط أول ظهور له مع الفريق الأول للنادي ولعب في الدوري الإسباني لأول مرة. ومن هنا بدأت الحكاية.
والد الصغير فاتي، كان لاعباً لكرة القدم أيضاً، شارك ومثّل المنتخب الغيني، لكن الحال الصعبة التي عاشها في غينيا بيساو، دفعته للهجرة إلى البرتغال. هناك، بدأ يبيع الطعام على الطرقات، ومن ثم وجد وظيفة ليكون سائقاً لإحدى العائلات. قبل أن ينتقل إلى إشبيلية ليوفّر لابنه آنسو أفضل الأجواء ليحقق حلمه في أن يكون لاعب كرة قدم محترف. مع مشاركة فاتي أمام ريال بيتيس قال والده «لم أعد أريد شيئاً من هذه الحياة، ابني حقق حلمه، ابني يلعب مع برشلونة، يمكنني الموت بسلام». كلمات تعني مدى تعلّق الوالد بابنه، الذي عانى في عمره من أجله ومن أجل تحقيق هذا الحلم الكبير.
في مباراة أول من أمس، دخل آنسو فاتي أمام فالنسيا أساسياً، وهذا ما يحسب لفالفيردي الذي أعطى الثقة للشاب الصغير الذي بدوره كان على قدر المسؤولية. في أول 7 دقائق من المباراة، سجّل فاتي هدف الافتتاح، ليعود ويمرر تمريرة حاسمة لزميله في الفريق الهولندي فرنكي دي يونغ، ليصبح أصغر لاعب في تاريخ الدوري الإسباني يسجّل ويصنع في مباراة واحدة. ما يحدث اليوم يمكن أن يكون له نهاية صعية على فاتي وعلى كرة القدم، إذ في ظل عودة سواريز من الإصابة، وتعافي كلّ من ميسي وعثمان ديمبيلي، من الممكن أن تنسى الجماهير فاتي، وأن ينسى هو ما حدث، ليكون الخيار الأول أمامه هو الرحيل، تماماً كما فعل سيمونز، عندما خانته إدراة النادي. سيمونز سابقاً، والآن فاتي، على الجماهير أن تنتظر لترى ما سيحدث.