«عندما أستبعده من التشكيلة، هذا يعني أن اللاعبين الآخرين يستحقون الوجود أكثر منه». هكذا عبّر مدرب نادي آرسنال الإنكليزي أوناي إيمري عن أسلوب التعاطي مع النجم الألماني مسعود أوزيل. الأخير تحول بين ليلة وضحاها من أحد أعمدة النادي اللندني إلى لاعب مهمّش لا يدخل قائمة الفريق المستدعاة لمباريات الدوري. أوزيل، اللاعب الذي تغنّت به جماهير «الغانرز» عندما تعاقدت معه إدارة النادي قادماً من مدريد، يعتبر واحداً من أبرز اللاعبين الذين مرّوا على آرسنال في السنوات العشر الماضية. أوزيل لم يعد كما كان في السابق، ولكنه في المقابل لا يستحق هذه المعاملة الظالمة. من الطبيعي أن يمر بعض اللاعبين في فترة هبوط في المستوى، لكن ما حدث مع أوزيل مختلف تماماً. من لاعب أساسي إلى لاعب غير مرغوب فيه، هي ببساطة قصّة الألماني ـ التركي. وفي الحديث عن أصوله، لا يمكن تجاهل التجربة التي خاضها أوزيل خلال كأس العالم والضغوطات الكبيرة التي وضعت عليه. تجربة أثّرت كثيراً على أدائه وعلى حالته النفسية قبل أي شيء آخر. قبيل بداية «المونديال الروسي» في 2018، انتشرت لأوزيل صورة على مواقع التواصل الاجتماعي جمعته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ صورة لم تعجب الاتحاد الألماني لكرة القدم، ولا حتى الدولة الألمانية ككل، لأسباب ليست مجهولة. بعد هذه الصورة، التي كان لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي إلكاي غوندوغان صاحب الأصول التركية هو الآخر جزءاً منها، شنّت مواقع التواصل الاجتماعي هجوماً كبيراً على كل من الثنائي الألماني ــ التركي أوزيل وغوندوغان. ما أثار الجدل أكثر هو ما كتبه أوزيل على صفحته في «إنستغرام»، بعد أن وصف الرئيس أردوغان بـ«رئيس بلدي تركيا»، وقال إنه «الرجل الذي تعتمد عليه الدولة التي أنتمي إليها». كلام أشعل الفتيل الألماني، ودفع بالعديد من أصحاب القرار هناك إلى التعبير عن غضبهم.
قد ينتقل مسعود أوزيل الى الصين أو أميركا


لم تقف الامور عند هذا الحد، بل طالب البعض باستبعاد أوزيل عن منتخب المانيا في كأس العالم. هذه الخطوة لم تحدث، لكن حدث ما هو أسوأ من ذلك. خلال المونديال، ظهر منتخب «المانشافت» بصورة شاحبة. خسرت ألمانيا أمام المكسيك، وفازت على السويد في الدقائق الأخيرة من عمر المباراة، إضافة إلى خسارتها من كوريا الجنوبية بهدفين من دون رد. ثلاث مباريات أدّت إلى خروج ألمانيا من دور المجموعات لكأس العالم. بعد الخروج المفاجئ، هطلت الانتقادات كالمطر على أوزيل، وكأن هذه الخسارت سببها هو وزميله غوندوغان فقط، من دون ذكر سوء أداء كل من توماس مولر، وتوني كروس، وماتس هاملز، وجيروم بواتينغ، الذين لم يقدّموا جميعهم كرة قدم جيدة في المونديال. ألمانيا صوّبت سهامها على الثنائي التركي ــ الألماني فقط لكونهما من أصول تركية، وبسبب الجدل الكبير الذي تركاه في الأوساط الألمانية بعد صورتيهما مع الرئيس التركي أردوغان.
بعد هذه الحملة الكبيرة ضد مسعود على وجه التحديد، خرج لاعب آرسنال عن صمته، وأبدى رأيه في ما يحدث وقال «لا يمكنني تقبّل ما يحدث. لا يمكنني تقبّل إهانات لوالدتي التركية، وأيضاً لا يمكنني الاستمرار مع المنتخب الوطني، ما يحدث يدل على عنصرية كبيرة من قبل المجتمع الألماني، وأنا لن أكمل هذا الطريق». حينها، قرر أوزيل الاعتزال دولياً، بعد أن تعرّض للكثير من الضغوطات النفسية التي أثّرت كثيراً على أدائه في آرسنال.
ممّا لا شك فيه أن تصرفات المدرب أوناي إيمري مع أوزيل ليست صحيحة، ولا يجب التعامل مع لاعب كمسعود بهذه الطريقة. سيبقى أوزيل من بين أفضل اللاعبين الذين ارتدوا قميص «المدفعجية»، على الأقل في السنوات العشر الماضية. ربّما تراجع مستوى الألماني التركي، إلا أن عدم استدعائه يعني أمراً واحداً، هو عدم إظهار الاحترام له، وبالتالي لن يرى الجمهور لاعبهم في آرسنال من جديد، وربما الصين أو أميركا هما الوجهتان الأقرب لأوزيل، في ظل هذه المواقف الحرجة التي يمرّ بها في مسيرته.