لطالما صُنّف ريال مدريد كأحد أفضل أندية كرة القدم عبر التاريخ. الـ«ميرينغي» هو الـ«ميرينغي» لا يتغير، وقد زاد بيريز من وهجه منذ توليه زمام الأمور هناك عام 2000. مع استقدام أبرز مواهب ونجوم العالم سنوياً إلى قلعة السانتياغو بيرنابيو، حافظ ريال مدريد على وزنه في الوسط الكروي والإعلامي. «اكتظاظ» النجوم وإن عاد على الفريق بالعديد من الألقاب، فقد حال أحياناً دون خلق التوازن في المنظومة، ما انعكس سلباً على النتائج. هنا، كان لا بد من وجود لاعبين معنيين بخلق التوازن في الفريق، لاعبين مثل كريم بنزيما الذي ساهم في بروز النجوم المتوافدة توازياً مع الحفاظ على النتائج الجيدة.
بين النجوم والنتائج
عام 2014، أجرت منظمة «Aps» دراسة على قرابة 400 مباراة من تصفيات كأس العالم بين عامي 2010 و2014، تحت عنوان «تأثير زيادة الموهبة». أظهرت الإحصائيات وجود علاقة طردية (علاقة متغيرين، كلما زاد واحد يزيد الثاني بما يتناسب مع الأول) بين عدد نجوم الفريق وأداء الفريق، أي بمعنى أن الجمالية والإمتاع في اللعب سيزيدان مع وجود العديد من اللاعبين الموهوبين من الطراز الأول، غير أنه على صعيد النتائج، فإن كثرة النجوم ستخلق علاقة عكسية، بحيث يؤدي إلى زيادة التنافس بين اللاعبين سعياً للمجد الشخصي على حساب مصلحة المجموعة، ما يحول دون تحقيق النتائج المطلوبة.
بنزيما هو أكثر لاعب صنع الأهداف لكريستيانو خلال مسيرته الكروية
تدعم هذه الدراسة ربما، المقارنة بين الجيلين الذهبيين في عهد بيريز عام 2000 و2009 توالياً، وهما اللذان عرفا باسم «غالاكتيكوس». عام 2000، قام بيريز بإنشاء فريق الأحلام في ريال مدريد. بدأ الأمر باستقدام البرتغالي لويس فيغو من برشلونة، لتضم المنظومة بعدها كلاً من: الظاهرة رونالدو، زين الدين زيدان، ديفيد بيكهام والعديد من نجوم النخبة في كل المراكز. مع كثرة النجوم، كان من المفترض على ريال مدريد إحكام القبضة على الألقاب المحلية والأوروبية، غير أن حصيلة النادي الملكي من الألقاب حينها كانت متقاربة إلى حصيلة ألقاب فالنسيا وبرشلونة في الفترة ذاتها، رغم عدم وجود نجوم صف أول في الناديين مقارنةً بريال مدريد.
تغيّر الأمر مع «غالاكتيكوس 2009»، إذ استفاد بيريز من التجربة الأولى واستقدم كريستيانو رونالدو ليكون نجم الفريق الأول، مع دعمه بالعديد من المواهب للمساهمة في زيادة وهجه دون التنافس معه. سياسة عادت على الفريق بنجاحٍ أكبر من جيل الـ 2000، حيث حقق الريال مع كريستيانو الدوري الإسباني في مناسبتين إضافةً إلى 4 كؤوس دوري أبطال أوروبا والعديد من الألقاب المحلية والأوروبية خلال 5 سنوات فقط.
إذاً، كان ريال مدريد أكثر توازناً وأنجح على صعيد النتائج مع بنزيما مما كان عليه مع الظاهرة رونالدو، غير أن ذلك غير مرتبط بإمكانيات اللاعبَين، فالفرق واضح، ولكن تكمن المفارقة بمدى تأثير بنزيما على المنظومة بالدرجة الأولى مقارنةً مع تأثير الظاهرة. تحول بنزيما إلى صانع ألعاب منذ قدوم كريستيانو رونالدو. في مدريد، كتب صاروخ ماديرا أفضل سطور مسيرته الكروية بفضل معدل أهدافه الاستثنائي. أمرٌ ما كان ليتحقق في حال وجود مهاجم منافس لكريستيانو على الصعيد التهديفي. أمرٌ تدعمه إحصائية نشرتها «سكاي سبورتس» عام 2016، تبيّن أن بنزيما هو أكثر لاعب صنع الأهداف لكريستيانو خلال مسيرته الكروية.
بنزيما مهاجم من الطراز الأول، ظلمته التضحيات التي قام بها لمصلحة الفريق. الأرقام التي يسجلها اليوم هي طبيعية بفعل توظيفه في مركزه الأساسي كمهاجم صريح، وإعطائه الوظائف الطبيعية لأي مهاجم، التي تبدأ ولا تنتهي بتسجيل الأهداف. بالنظر إلى معدله التهديفي اللافت أخيراً، قد يشهد الموسم الحالي على أفضل موسم تهديفي خلال مسيرة كريم بنزيما، وقد لا يكون مستغرباً حتى منافسته على الحذاء الذهبي مع نهاية الموسم.