هبّت الرياح فوق ملعب سان باولو، فسقط نابولي إلى منتصف جدول الترتيب. نتائج سلبية متتالية وتدخلات إدارية عشوائية زعزعت استقرار المنظومة، وخلقت تمرداً داخل غرفة الملابس. الظروف السيئة حمّلت الإدارة مسؤوليتها بالدرجة الأولى إلى المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، لتتم إقالته في النهاية. تسلم المهمة الآن مدرب «إي سي ميلان» الأسبق جينارو غاتوزو. مرحلةٌ صعبة يعيشها نابولي، ستتّضح معالمها أكثر مع قادم المباريات. وسيكون الاختبار الأول لغاتوزو يوم غد السبت عندما يستقبل نادي بارما، (19:00 بتوقيت بيروت).مشاكل كبيرة يعاني منها نادي نابولي الإيطالي هذا الموسم. الإدارة السيئة للفريق تنعكس سلباً على أداء اللاعبين داخل المستطيل الأخضر. الأمر ليس وليد اليوم، بل هو تراكمات تعود إلى فترة المدرب الأسبق ماوريتسيو ساري.
الأخير قضى ثلاثة مواسم داخل أسوار سان باولو، عمل خلالها على بناء منظومة متكاملة كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب الدوري. رحل ساري إلى تشلسي، عقب تصريحٍ من رئيس النادي أوريليو دي لورينتيس أثار البلبلة في الأوساط الإيطالية، مفاده تقديم الإدارة «كل شيء» لنجاح ساري من دون أن يتمكن هذا الأخير من تحقيق أي لقب يُذكر. تم استبدال ساري بكارلو أنشيلوتي، صاحب الـ19 لقباً في مسيرته التدريبية، على أن يبدأ بحصاد الألقاب الغائبة منذ فترةٍ طويلة عن خزائن النادي، غير أن ذلك لم يحدث.
رغم احتلاله المركز الثاني في الدوري الموسم الماضي، لم يعرف أنشيلوتي الاستقرار هذا الموسم. مع توالي النتائج السلبية، تعدّى دي لورينتيس على الشؤون الفنية المسؤول عنها أنشيلوتي، وفرض على اللاعبين الدخول في معسكر مغلق للعودة إلى السكة الصحيحة، بعد الخسارة أمام روما التي أبعدت الفريق عن المتصدر يوفنتوس حينها بـ11 نقطة كاملة. شعر اللاعبون عندها بعدم الراحة، ووقف أنشيلوتي في صفهم بعد أن صرّح: «إنه قرار النادي وعلينا الالتزام به، لكن إذا سألتني هل أوافق على ذلك؟ سأقول لا». بعد المعسكر بثلاثة أيام، تكلم قائد الفريق لورينزو إنسيني مع نجل دي لورينتيس، وقال له: «أعلم والدك أننا ذاهبون إلى منازلنا»، كان ذلك بعد التعادل مع فريق ريد بول سالزبورغ (1-1) في دوري أبطال أوروبا. اعتبر الرئيس حينها أن ما حدث يُعد بمثابة تمرد واضح على قراراته، فقام بفرض غرامات على اللاعبين وصل بعضها إلى حد الحسم من رواتبهم بنسبة 50% عن الشهر الماضي، فيما غُرّم قائد الفريق لورنزو إنسيني مبلغ 350.000 ألف يورو، والبرازيلي آلان 150 ألف يورو، وغيرهما من اللاعبين، لتبلغ القيمة الإجمالية للعقوبات 2.3 مليون يورو.
لم يكن غاتوزو المسؤول الوحيد عن تراجع نتائج ميلان في السابق


بعد الخروج من المعسكر المغلق، استمرت النتائج السلبية ولم يعرف الفريق الفوز في خمس مباريات متتالية. جاء الفوز بعدها في دوري الأبطال، حين اكتسح نابولي ضيفه غينك البلجيكي برباعية نظيفة ضمنت له بطاقة التأهل إلى دور الـ16، غير أن ذلك لم يمنع الإدارة من إقالة أنشيلوتي، وسط رغبته بالرحيل حسبما شاع في الصحف الإيطالية، ليخلفه جينارو غاتوزو.
أثناء تواجده في «إي سي ميلان»، قام المدرب الإيطالي غاتوزو بعملٍ مقبول وفق ظروف النادي حينها. نتائج مقبولة حصدها النادي تحت قيادة غاتوزو. إلا أن الاستقرار لم يتحقق. كان ميلان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ دوري الأبطال في موسمه الأخير لولا سلسلة التخبّطات التي عرفها الفريق في مرحلة الإياب. في تلك الفترة فاز ميلان في مبارياته الأربع الأخيرة من الـ«كالشيو»، ولكنه فشل في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا بعدما خطف إنتر ميلانو المركز الرابع برصيد 69 نقطة، فيما حلّ أتالانتا ثالثاً بنفس عدد النقاط مع فارق المواجهات المباشرة.
تختلف الآراء حول قيمة غاتوزو التدريبية. فنياً، لم يقدم الكثير في ميلان، غير أنه تمكن من فرض الاستقرار في غرفة الملابس، كما أثبتت النتائج السلبية للفريق بعد غيابه أن المشاكل لم تكن منه بالدرجة الأولى. مع اختلاف حجم الطموحات في نابولي مقارنةً بالفرق السابقة التي درّبها، ستشكل المرحلة المقبلة اختباراً جدياً لغاتوزو لمعرفة مدى ثقله التدريبي، خاصة على المستوى التكتيكي. الهدف واضح هذا الموسم في نابولي، وهو المنافسة على المراكز الأربعة الأولى، وإعادة الاستقرار إلى غرفة الملابس تحضيراً لاستحقاقات الموسم المقبل.
قد يكون غاتوزو قادراً على إعادة الروح للفريق، ولكن الأكيد أنه لن يرضى بالتدخل في عمله من قبل رئيس النادي دي لورينتيس، لذلك قد تشهد المرحلة المقبلة أيضاً مواجهات مباشرة و«غير ودية» بين المدرب والرئيس، والأكيد أن الأخير سيكون هو المسؤول عن أي فوضى قد تحصل، نظراً إلى سجله الممتلئ بالمشاكل مع المدربين.