خلال موسم 2015 ـ 2016، حقق نادي ليستر سيتي الإنكليزي بقيادة مدرّبه الإيطالي كلاوديو رانييري «معجزة» كروية لا يمكن تكرارها بسهولة. لم يكن هذا الإنجاز الكبير متمثّلاً بالتأهّل إلى دوري أبطال أوروبا لأوّل مرة في تاريخ النادي، ولا التمكّن من احتلال مركز لم يحتلّه نادي «الثعالب» في السابق. حقّق زملاء أفضل لاعب في «البريميرليغ» وقتها الجزائري رياض محرز لقب الدوري الإنكليزي، وهذا ما شكّل حدث السنة على صعيد كرة القدم، إن لم يكن على صعيد ما تبقى من رياضات أخرى أيضاً.في ذلك الموسم التاريخيّ بالنسبة لليستر سيتي، سجّل المهاجم الإنكليزي جايمي فاردي 24 هدفاً في 36 مباراة، ليتوّج بلقب هدّاف «البريميرليغ». وفي الموسم عينه، توّج زميله الجزائري رياض محرز بجائزة أفضل لاعب في الدوري. أرقام مميزة لليستر، النادي الذي فاجئ العالم بمسيرته المميزة في الدوري. لم يكن الاعتماد الأول فقط على الثنائي رياض وجايمي من قِبل المدرب رانييري، بل كان أيضاً للفرنسي نغولو كانتي لاعب تشلسي الحالي دور لا يمكن التقليل منه خلال هذه الموسم التاريخي. لكن، ماذا تغيّر في ليستر منذ ذلك الموسم وحتّى الموسم الحالي؟
يحتلّ «ذئاب ليستر» المركز الثاني في الدوري اليوم، بفارق 8 نقاط عن صاحب المركز الأول ليفربول. رحل رياض محرز عن الفريق، وأصبح لاعباً في صفوف فريق المدرّب الإسباني بيب غوارديولا (مانشستر سيتي). بعد محرز خرج نغولو كانتي، ليحطّ الرحال في لندن، ويصبح أحد أعمدة نادي تشلسي. كان قرار فاردي مختلفاً. بقي وحيداً، وقرّر أن يستقر في ليستر، وتحديداً في الملعب الذي أطلقه نحو العالمية، ملعب «كينغ باور». قصّة جايمي فاردي مع فريقه ليستر، تُعتبر من بين أكثر القصص المثيرة للاهتمام في عالم كرة القدم الأوروبية والعالمية. خلال موسم 2012 ـ 2013، وقّع «الثعلب» فاردي أوّل عقد احترافي له مع ناديه الحالي ليستر. قيمة الصفقة لم تتجاوز المليون يورو. 8 سنوات قضاها فاردي في ليستر، ومن المتوقّع أن يبقى مع الفريق حتى يعلن اعتزاله كرة القدم. فاردي أصبح جزءاً من تاريخ هذا النادي الأزرق، لم يعد لاعباً عادياً، هو «بطل» بنظر جماهير ليستر، لاعب لديه «الوفاء النادر» في كرة القدم، على عكس غيره من اللاعبين الذين يتّبعون المال من دوري إلى آخر.
يتصدّر فاردي ترتيب الهدافين برصيد 16 هدفاً في الدوري بعد مرور 16 جولة


رياض محرز ونغولو كانتي لم يكملا مع الفريق، وذهبا إلى كلّ من السيتي وتشلسي. كلاهما حقّق لقب الـ«بريميرليغ» مع فريقيهما، لكن في الوقت عينه، كان فاردي يُحفر في قلوب مشجعي ليستر سيتي. من لاعب في أندية الهواة والدرجة الرابعة في إنكلترا، إلى هدّاف الدوري الإنكليزي في موسم 2015 ـ 2016، وصولاً إلى تحطيمه لرقم قياسي، تمثّل في التسجيل في أكبر عدد من المباريات المتتالية (خلال موسم تتويج ليستر باللقب، سجّل فاردي خلال 11 مباراة متتالية في الدوري المحلي ليصبح صاحب الرقم الأعلى في تاريخ الدوري). اليوم، فاردي يحاول منافسة نفسه، ها هو يتصدّر ترتيب الهدّافين برصيد 16 هدفاً في الدوري بعد مرور 16 جولة، أي بمعدل هدف في كلّ مباراة. إضافة إلى تصدّره هذه القائمة، ينافس «الثعلب» على لقب «الحذاء الذهبي» الذي يُمنح لهداف الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى (المنافسة منحصرة مع مهاجم بايرن ميونيخ الألماني روبيرت ليفاندوفسكي ـ 16 هدفاً ـ ومهاجم لاتسيو الإيطالي تشيرو إيموبيلي صاحب الـ17 هدفاً في الدوري الإيطالي).
لم يكتفِ فاردي بذلك، بل سجّل خلال ثماني مباريات متتالية في الـ«بريميرليغ» هذا الموسم، والرقم قابل للزيادة إذا ما استمرّ في هذا الأداء المميز. الجدير بالذكر أن آخر من سجّل خلال 8 مباريات متتالية في الدوري الإنكليزي، هو جايمي فاردي نفسه وتحديداً خلال الموسم التاريخي في 2015 ـ 2016 عندما حقّق رقمه القياسي.
لم يعد فاردي لاعباً عادياً في ليستر، فهو بات واحداً من الأساطير في النادي والمدينة. فاردي يشبه جيرارد في ليفربول ولامبارد في تشلسي، والأكيد أن مستقبله سيبقى مرتبطاً بليستر سواء كان لاعباً أو مدرّباً أو حتى إدارياً. والأهم من هذا كلّه، سيبقى فاردي في قلوب عشاق ليستر إلى الأبد.