بعد «الريمونتادا» المميّزة في مباراة الدربي أول من أمس، يكون نادي إنتر ميلانو الذي يشرف عليه المدرب الخبير انطونيو كونتي قد اعتلى من جديد صدارة الدوري الإيطالي. هو صراع غير مسبوق على لقب «السكوديتو» تعيشه إيطاليا هذه السنة. كونتي هذه المرة لن يستسلم بسهولة. هو منتصف الطريق، وفارق الأهداف يضع الإنتر في المقدمة، في حين أن ميلان تراجع كثيراً إلى الوراء، ويوفنتوس يراقب بصمت.لم يكن أمام المدير الفني لنادي إنتر ميلانو ومدرب تشلسي ويوفنتوس السابق انطونيو كونتي سوى أن يتدخّل ليحسم اللقاء. خسارة بهدفين من دون رد مع نهاية الشوط الأول أمام ميلان، ليست النتيجة التي توقعها الجميع، حتى أنها ليست ما توقّعه كونتي نفسه، نظراً إلى مسار الفريقين هذا الموسم. في الشوط الثاني، قلب كونتي الموازين، ليبصم على عودة تاريخية في «دربي ديلا مادونينا»،تمثلت بالفوز برباعية مقابل هدفين، بعد أن كان متأخراً في الشوط الأول (2 ـ 0). 6 أهداف سُجلت في الدربي، من بينها أربعة أهداف في الشوط الثاني وعن طريق «النيراتزوري» فقط. أرقام كبيرة تُسجل خلال الموسم الحالي من الدوري الإيطالي، وهي تتجاوز أرقام الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى، خاصة على صعيد تسجيل الأهداف.
في السابق كان الدوري الإيطالي لكرة القدم معروفاً بالدفاع، فكان يقال: «دوري الكاتيناتشو» أو «دوري الرجال»، «دوري الزمن الجميل وزمن المدافعين الكبار»، لكن الأمور اختلفت كثيراً اليوم.
من بين الأندية التي كسرت هذه القاعدة، والتي أكدت أن كلّ ما يُقال يصبّ في خانة «العادات والتقاليد»، هو نادي أتلانتا، الذي يقدّم موسماً هجومياً استثنائياً هذه السنة. يؤكّد نادي المدرب المميز جيانبييرو غاسبيريني مرة جديدة على شخصيته القوية وعلى خطّ هجومه الذي يقدّم موسماً تاريخياً في الدوري الإيطالي، وقد سجّل رقماً قياسياً لم يحدث في آخر 60 سنة في «الكالشيو». تمكّن أتالانتا من تسجيل 61 هدفاً حتى هذه اللحظة بعد خوضه 23 مباراة في الدوري الإيطالي هذا الموسم، أي بمعدل 2.7 هدف في المباراة الواحدة. الجدير بالذكر، أن أقرب المنافسين هو نادي النسور لاتسيو ومدربه المميز سيموني انزاغي الذي سجل 52 هدفاً، أما يوفنتوس متصدّر الترتيب، فقد سجل 42 هدفاً فقط، أي أقل بـ19هدفاً من أتلانتا.
سجل أتالانتا 61 هدفاً في 23 مباراة هذا الموسم


وبحسب موقع «فوتبول إيطاليا»، لم يسبق لأي فريق أن سجل 61 هدفاً في أول 23 جولة من بطولة الدوري الإيطالي منذ عام 1960، وبالتالي فإنّ أتلانتا حقّق رقماً قياسياً بعدد الأهداف التي تمّ تسجيلها خلال 60 سنة قد مضت. فلم ينجح أيّ فريق في آخر 6 عقود من الزمن في تخطّي حاجز الـ60 هدفاً في الدوري الإيطالي في الوقت عينه وفي هذه الفترة من الموسم، حيث كان آخر نادٍ إيطالي قد سجّل 61 هدفاً في أول 23 جولة، هو يوفنتوس وتحديداً خلال موسم 1959/1960 وقد أنهى الموسم حينها برصيد 92 هدفاً.
وفي وقت سابق من هذا الموسم، وتأكيداً على عمله المميز، توّج جيانبييرو غاسبيريني بلقب أفضل مدرب إيطالي لموسم 2018/2019 في الدوري، وها هو اليوم لم ولن يتخلّى عن أفكاره التي جعلته يصنع فريقاً سيشكل خطراً كبيراً على فالنسيا الإسباني في دوري أبطال أوروبا.
بعيداً عن أتلانتا وأرقامه المميزة هذا الموسم، لا بدّ من الإشارة إلى موسم الإنتر الاستثنائي، فلم يسبق لنابولي في السنوات القريبة الماضية، أن نافس يوفنتوس بالطريقة التي ينافسه فيها إنتر حالياً. فريق الجنوب الإيطالي، كان من بين المنافسين الجديّين لفريق السيدة العجوز، لكن الإنتر ينتزع من يوفنتوس صدارة الترتيب مع التقدّم في الجولات. فتارة يجد المتابعون يوفنتوس في قمة الترتيب، وتارة أخرى يعتلي الإنتر الصدارة. هي لعبة الكراسي المستمرّة منذ بداية الموسم.
هذه المنافسة الثنائية، تعود بمشجعي الكالشيو لذكريات قديمة، عاصرت الجماهير خلالها دورياً من بين الأقوى في أوروبا إن لم يكن أفضلها على الصعيدَين الفني والتكتيكي. اليوم، وفي لحظة «صدق» يمكن الجزم بأن شيئاً من تلك الأيام الجميلة قد عاد، وأبرز دلالات هذه العودة هو ما يقدّمه «إنتر كونتي» هذا الموسم، وربّما ما سيقدّمه ميلان في السنوات القليلة المقبلة. حينها، ومع عودة «الروسونيري» إلى الواجهة من جديد، سيرحّب الجميع بعودة أحد أفضل الأندية الأوروبية تاريخياً، وبعودة «جنة كرة القدم» مرة جديدة.