لم يتسرّع يورغن كلوب في إبرام الصفقات منذ مجيئه إلى ليفربول، بل تمهّل أثناء نقله النادي من مرحلةٍ إلى أخرى حتى وصل إلى بناء الفريق الأقوى في أوروبا حالياً. مع توالي المواسم، أصبح ليفربول أقرب إلى الكمال، بعد أن ساهم كلوب بسدّ كلّ الثغرات على امتداد فترة إشرافه على النادي، وهو قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقبه الأول منذ 30 عاماً. رغم إحكام قبضته على الدوري المحلي، عانى ليفربول الأمرّين في العديد من المباريات، نظراً إلى الإرهاق الناتج عن ازدحام الجدول، ما جعل من التدعيمات الصيفية أولوية. يمتلك ليفربول المنظومة الأفضل في أوروبا، نظراً إلى التوازن الكبير بين مختلف الخطوط. يدخل كلوب أغلب مبارياته بتشكيلة (4 ـ 3 ـ 3)، التي تتغير خلال كلّ مباراة تبعاً لمجرياتها المختلفة. يعدّ الخط الأمامي نقطة الفريق الأقوى، حيث يبرز في المقدمة كلّ من ساديو ماني ومحمد صلاح، إضافةً إلى البرازيلي روبيرتو فيرمينو، أهم لاعب في المنظومة. هجوم لامركزي يقوم بإرباك دفاعات الفرق المنافسة، في ظلّ امتلاك الثلاثي نوعاً من السرعة والمهارة والفاعلية.
ثلاثي هجومي مكتمل الخصال، ما بين تسجيل وصناعة، أثقل كاهل دفاعات الدوري على امتداد الموسم بتسجيله 66 هدفاً. يعد الجناحين محمد صلاح وساديو ماني أخطر مهاجمي الفريق، نظراً إلى معدل تسجيلهما المرتفع مقارنةً بباقي العناصر. أرقامٌ ما كانت لتتحقق لولا وجود رأس حربة «وهمي» بقيمة فيرمينو، يضحي بدوره المتعارف عليه في الوسط الكروي بهدف خدمة المنظومة.

في ظلّ المنافسة الشديدة والصراع المحتدم بين صلاح وماني، جاء فيرمينو حلاً وسطاً باعتباره حلقة الوصل بين اللاعبين، ليصبح صاحب الثقل الأكبر والفاعلية الأهم في المثلث الهجومي.
يعد فيرمينو أحد أكثر المهاجمين دهاءً في العالم، نظراً إلى انفراده بأسلوب هجومي فريد يتطلّب إجادة التمركز في مراكز الفريق كافة. مقارنةً بأيّ مهاجم حول العالم، يعدّ معدل أهداف بوبي فيرمينو منخفضاً، غير أن الخصال التي يتمتع بها تجعله المهاجم الأنسب لقيادة هجوم الريدز ـ ليفربول. بعيداً عن الجانب الفني، يتمتّع فيرمينو بشخصية قيادية كبيرة، كما أنه لا يأبه لوجود منافسة على تسجيل الأهداف في الفريق، عكس صلاح وماني، ما يعطي التوازن لخط الهجوم. بعد رحيل كوتينيو إلى برشلونة، تضاعفت أهمية فيرمينو، وظهر ثقله الكروي بعد أن اضطر لتغيير أسلوبه من أجل تعويض النقص في صناعة اللعب.
رغم تلك الأهمية، يطمح كلوب للحصول على مهاجم آخر صاحب سرعات ومرونة تكتيكية، إضافةً إلى امتلاكه معدلاً تهديفياً عالياً لإعطاء المنظومة عمقاً آخر على الصعيد الهجومي، غير أن ذلك قد لا يعني بالضرورة الاستغناء عن خدمات فيرمينو، الذي يعدّ الحجر الأهم في رقعة كلوب التكتيكية.

استغلال وضع السوق
في ظلّ أزمة كورونا، ستواجه الأندية صعوبات كبيرة لشراء لاعبين بمبالغ طائلة كالتي عرفها السوق في السنوات الأخيرة، لذا من المتوقّع أن تقوم الأندية في سوق الانتقالات بإعادة هيكلة الأسعار لتصبح مقبولة مرة أخرى. وبالنظر إلى عدم توقيعه مع أي لاعب في الصيف الماضي إضافةً إلى العائدات الكبيرة التي سيحصل عليها جرّاء اقتراب تتويجه بالدوري، يعدّ ليفربول أحد أكثر الأندية جاهزيةً للتعاقد، بعكس باقي الأندية الكبرى التي أصبحت مضطرة لتغيير خططها للميركاتو الصيفي المقبل. في هذا الصدد، كشفت تقارير صحافية عن اقتراب مهاجم لايبزك الألماني تيمو فيرنر من الدوري الإنكليزي هذا الصيف، عبر بوابة ليفربول الذي يسعى بقوة إلى حسم الصفقة في أقرب وقت ممكن. ولفت فيرنر أنظار بعض الأندية الأوروبية، مثل إنتر ميلانو الإيطالي الذي يريد تعويض الرحيل المتوقّع لنجم خط هجومه الأرجنتيني لاوتورو مارتينيز إلى برشلونة، غير أن مسؤولي الريدز وصلوا إلى نتائج متقدّمة في المفاوضات لحسم التعاقد. تقدّر الصفقة بـ54 مليون يورو، وهو رقمٌ تطمح إدارة الريدز لتخفيضه، غير أن لايبزك يرفض ذلك معوّلاً على أهداف اللاعب الـ30 هذا الموسم.
يسعى يورغن كلوب إلى تدعيم صفوفه كونه يحارب على أكثر من جبهة


هذا الرفض أكدته العديد من المصادر، وقالت تقارير بريطانية إن ليفربول قد ينسحب من هذا السباق إذا ما أصرّت إدارة نادي لايبزك على موقفها من عدم تخفيض السعر. وقالت العديد من المصادر إن ليفربول لا يريد دفع أكثر من 35 مليون بالمهاجم الألماني.

مبابي وتراوريه
توجهٌ آخر تسلكه إدارة الريدز، عبر محاولتها التوقيع مع كيليان مبابي، جوهرة باريس سان جيرمان الفرنسي. يعدّ ليفربول من بين أبرز الأندية الراغبة في الحصول على خدمات مبابي، في ظلّ إعجاب المدرب الألماني يورغن كلوب بقدراته، غير أن الفريق يواجه منافسة شرسة من ريال مدريد.


سبق أن امتدح اللاعب الفرنسي فريق ليفربول ومدربه يورغن كلوب في ظلّ الأداء الرائع الذي يقدّمه الريدز هذا الموسم، حيث قال: «لقد كان ليفربول بمثابة الماكينة، أظهر أن تحقيق الفوز أمر سهل للغاية، على الرغم من أن الحقيقة عكس ذلك». وتابع: «يملك الفريق مدرّباً جيداً للغاية، ويعمل اللاعبون بجد لتقديم الأفضل دائماً. مستويات مثل تلك لا تظهر إلّا بالتدريب المستمر». رغم ذلك، يبقى البند الجزائي «الضخم» في عقد اللاعب عقبة أمام إنهاء الصفقة.
وفي الساعات الماضية أيضاً تحدّث بعض المصادر الصحافية عن أن بطل أوروبا والعالم للأندية يفكّر بالتعاقد مع لاعب نادي وولفرهامبتون آداما تراوريه، الذي قدم مستوى جيداً في الفترة السابقة. يحارب ليفربول على أكثر من جبهة، ما يستدعي وجود حلول مختلفة. اللافت، هو توجّه كلوب للتوقيع مع رأس حربة غير تقليدي يتّصف بمرونة تخوّله اللعب في أكثر من مركز، ما سيعطي الفريق عمقاً هجومياً جديداً. الفريق قوي، وسيزداد قوة إذا تمّت إحدى الصفقتين. الأيام المقبلة ستعطي صورة أوضح.