استهلّ يوفنتوس أولى خطوات مشوار الحفاظ على لقبه بطلاً للدوري الإيطالي بفوزٍ مقنع على سامبدوريا (3-0). انتصارٌ مريح رفع بعض الضغوطات المترتّبة عن كاهل المدرب الجديد أندريا بيرلو، الذي يُشرف على العارضة الفنية للفريق في أولى تجاربه التدريبية على الإطلاق. قبيل انتهاء الموسم الماضي، أعلن يوفنتوس عن تولّي بيرلو أولى مهامه التدريبية، بالإشراف على فريق ما دون 23 عاماً. بعدها بأيام قليلة، تمّت إقالة مدرب الفريق الأول ماوريسيو ساري ليخلفه بيرلو، رغم عدم خوضه أي حصة تدريبية برفقة فريق ما دون 23 عاماً. تعيين ضبابي فتح على اليوفي سيلاً من الأسئلة، وأدخل بيرلو في تحدٍّ حقيقي أمام نفسه وأمام الجمهور، لكن الفوز المقنع أمام سامبدوريا أثلج قلوب أنصار النادي ولو بشكلٍ مؤقت.
بدأ بيرلو مباراته الأولى أمام سامبدوريا بخطة (3-5-2). خطة عكست مدى تأثره بالمدربين السابقين الذين أشرفوا عليه كلاعب، تحديداً أنطونيو كونتي عندما كان بيرلو لاعباً ليوفنتوس، والذي كان يعتمد الطريقة نفسها. ما كان لافتاً، عدم تشبّث بيرلو بالرسم التكتيكي داخل الملعب، حيث اتصفت التشكيلة أمام سامبدوريا بديناميكيةٍ كبيرة عكستها تحركات اللاعبين المستمرة.
في ظل الإصابات وعدم الجاهزية البدنية لبعض اللاعبين، اقتصرت الخيارات على أسماءٍ محددة، غير أن الأداء كان مثالياً. سيطرة شبه مطلقة طيلة 90 دقيقة عكست مدى التحضير الذهني للاعبين من قبل المدرّب.
وفي سياقٍ متصل، أثبتت الصفقات الجديدة مدى ثقلها، تحديداً صفقة الأميركي ويستون ماكيني الذي أعطى إضافة كبيرة للمنظومة. كان لافتاً تأثير ماكيني على وسط الفريق بفعل التمريرات السريعة، وقد ساهم رفقة آرون رامسي بإضافة سرعات كبيرة إلى خط الوسط. من جهته، كان رامسي رجل المباراة الأول أمام سامبدوريا. أداء لافت قدمه لاعب آرسنال السابق ظهر من خلاله بمثابة الصفقة الجديدة، منسياً بذلك جماهير البيانكونيري الشكل «الشاحب» الذي كان عليه في الموسم الماضي. تألُّق رامسي وتوظيفه الصحيح في الملعب، نقطةٌ تحسب لبيرلو بالدرجة الأولى. فبعيداً عن تكيف اللاعب الويلزي ومشاركته بدون ضغط الجماهير، كان لتحرير رامسي من القيود الدفاعية التي كان يُعنى بها مع ساري السبب الأبرز وراء تألقه. إضافةً إلى رامسي، سطع نجم اللاعب كولوسفسكي في المباراة أيضاً، أفضل ناشئ في إيطاليا للموسم الماضي، حيث سجّل هدف التقدم وأظهر مدى تفاهمه في الخط الأمامي مع كريستيانو رونالدو الذي سجل بدوره الهدف الثالث للفريق.
أثبتت الصفقات الجديدة مدى ثقلها وتحديداً صفقة الأميركي ويستون ماكيني


من بصمات بيرلو الواضحة أيضاً في مباراته الأولى، الضغط العالي. حاول ساري تطبيق هذا الأسلوب في الموسم الماضي لكنه فشل في ذلك. مع بيرلو، تغير الأمر. بفعل إتقان المدرب الجديد لهذه الخطة ومعرفة خباياها، إضافةً إلى نيله ثقة اللاعبين. استغل بيرلو حافز المنظومة ليفرض ما عجز عنه ساري في الموسم الماضي. رغم نجاح الخطة والأسلوب في الشوط الأول، قام بيرلو بخلط أوراقه في الشوط الثاني بعد ضمانه النتيجة، بهدف التحضير للاستحقاقات المقبلة في ظل ضيق فترة التحضيرات الصيفية.
التكامل والتنوّع باللعب طيلة 90 دقيقة، والصلابة بين مختلف الخطوط دفعت مدرب سامبدوريا المخضرم كلاوديو رانييري للتصريح بأنه واجه مباراة صعبة ضد يوفي-بيرلو بفعل «لامركزية اللاعبين».
الفريق كان جيداً وسيطر على المباراة بـنفس «الريتم» والقوة البدنية رغم استخدام أسلوب الضغط العالي. الرهان سيكون على الاستمرار بالنسق نفسه مع توالي المباريات في ظل الاستنزاف البدني المرتقب.
الطريق لا يزال طويلاً على بيرلو. المباراة الأولى ليست بمقياس حقيقي لمتانة المنظومة نظراً إلى كونها أمام سامبدوريا، وهو خصم غير كفيل بإظهار مدى متانة منظومة اليوفي في ظل التفاوت الكبير في موازين القوى بين الفريقين، لكن المباراة أعطت مؤشرات جيدة حول إمكانات المدرب الشاب الذي يمتلك أفكاراً واضحة هو في صدد تطبيقها على أرض الواقع.
لا تزال الكثير من المشاكل تنتظر بيرلو، أهمها تأمين رأس حربة عوضاً عن المنتقل حديثاً غونزالو هيغواين، حيث لا يمكن الاعتماد على رونالدو دائماً بفعل تقدمه في السن. في هذا الصدد، وقّع يوفنتوس مع لاعبه السابق ولاعب أتلتيكو مدريد الحالي ألفارو موراتا.
مع عودة المصابين، سيكون بيرلو أمام تحدٍّ آخر يقتضي بتوظيف اللاعبين واتباع المداورة في ظل «ضخامة» المنظومة، وسوف يعاني الأمرّين تحديداً في خط المقدمة وخاصة في عملية توظيف ديبالا مع رونالدو، إضافةً إلى كولوسفسكي مع رأس الحربة المنتظر، دون إغفال آرون رامسي، الذي صعّب المهمة على بيرلو بسبب أدائه الرائع أمام سامبدوريا، ما قد يجبره على أن يكون أساسياً في المستقبل.
المشوار طويل. الفريق يلعب ككتلة واحدة متحرّرة من الجمود التكتيكي الذي كان سائداً مع ساري، وهو أبرز أوجه الاختلافات هذا الموسم. يوفنتوس جاهز بثقل لاعبيه وتاريخه، بانتظار استكشاف قيمة بيرلو التدريبية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا