لم تولد مشاكل الدوري الفرنسي بين ليلةٍ وضحاها، بل هي تراكمت منذ منتصف الموسم ما قبل الماضي. سبق أن شدّد رئيس رابطة أندية الدوري الفرنسي بيرنارد كايازو على أهمية عدم اللجوء إلى إلغاء الدوري الموسم الماضي، متوقّعاً أن هذا القرار سيعصف بجميع الأندية الفرنسية مهما كان حجمها، وسيعرّض الكثير منها للإفلاس في المستقبل القريب. ورغم تشكيل رابطة الدوري حينها فرقاً «إنقاذية» لضمان استمرار الموسم، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب عن إلغاء منافسات «الليغ 1» على خلفية أزمة كورونا، ليكون بذلك الدوري الوحيد الذي تم إلغاء موسمه من الدوريات الخمسة الكبرى. قرارٌ أنزل من أسهم الدوري الفرنسي في بورصة الدوريات الكبرى وساهم بشكلٍ مباشر في ما تعاني منه الأندية هذا الموسم.وكشف رئيس المديرية الوطنية للرقابة الإدارية (DNCG)، جان مارك ميكلر، عن الوضع المأسوي للأندية الفرنسية وذلك في مقابلة أجراها مع صحيفة «L’Equipe»، مشيراً إلى خسارة «الليغ 1» ما يقارب من مليار و500 مليون يورو في الموسم الماضي مقابل تجاوز ديون الأندية مليار يورو هذا الموسم.
تأثرت فرق الدوري الفرنسي بشدة من جائحة فيروس كورونا وفشلت شركات البث التلفزيوني في إيفاء استحقاقاتها المالية لتتكبّد بذلك الأندية خسائر فادحة. وفي حال تكرار هكذا سيناريو على المدى القريب، سيصبح من الصعب اللحاق وتدارك الموقف نظراً إلى شح العائدات. وفي هذا الإطار، يوضح ميكلر أنه إذا واجهت فرنسا موجة رابعة من كورونا، وإذا لم يتوفر مبلغ 330 مليون يورو، فإنه لا يمكن استبعاد سيناريو الإفلاس لموسم 2021- 2022.
لم يعد هناك أيّ مؤسسات مالية ستوافق على تمويل كرة القدم الفرنسية


وفي محاولةٍ للبقاء والاستمرار، تأمل الأندية أن تكون مبيعات اللاعبين قادرة على تعويض جزء كبير من الخسائر. بالنسبة إلى موسم 2021-2022، تقدّر الخسائر قبل بداية الانتقالات بأكثر من 1.3 مليار يورو. وللحؤول دون تضخم العجز، تخطط الأندية لتحقيق مكاسب بقيمة 850 مليون يورو من الانتقالات، وهو مبلغ غير واقعي تماماً بحسب ميكلر. بالنسبة إليه، سيتعين على المساهمين أن يدفعوا من مالهم الخاص لتفادي الأزمة، مع الإشارة إلى عدم قدرة الجميع أو رغبة بعضهم  في ذلك.
«الأسوأ لم يأت بعد»، هكذا يصف ميكلر الوضع قبل أن يتابع: «لا يمكننا استبعاد الإفلاس في نهاية الموسم. لأنه مع وجود مليار ديون وانعدام حقوق الملكية، لم يعد هناك أي مؤسسات مالية أو صناديق ستوافق على تمويل كرة القدم الفرنسية».
وفي ظل ندرة العائدات، يعتقد ميكلر أنه يجب اتخاذ تدابير صارمة على أن تتركّز المعركة الرئيسية للأندية في تقليص الرواتب. في المتوسط، يمتلك كل نادٍ من الدوري الفرنسي 37 لاعباً، مع امتلاك سبعة أندية أكثر من 40 لاعباً ضمن لوائحها. وتبعاً لميكلر، يجب تحديد عدد اللاعبين المتعاقد معهم بـ 25 (باستثناء الشباب المدربين في النادي) وذلك للحد من نفقات الرواتب والأجور. ويشدد رئيس DNCG على ضرورة وضع حد أقصى للراتب، وهو سقف يحدّ من كشوف المرتبات لكل نادٍ، كما يصرّ على ضرورة معاقبة كل من يخالف الإجراءات.
الدوري على شفير الانهيار، يعكس ذلك عدد الصفقات المبرمة وطريقة التوقيع. سوق الانتقالات الحالي هو سوق استثنائي بكل تفاصيله نظراً إلى تأثره بوضوح بما أثره وباء كورونا على الاقتصاد العالمي. الأندية الفرنسية تعاني من نقصٍ في الأموال والموارد بعد إغلاق الملاعب في وجه الجماهير، لكنها ظلت في حاجة مُلحّة إلى تدعيم صفوفها، ما استدعى وجود حلول مبتكرة مثل الصفقات التبادلية أو الإعارات بنية الشراء وغيرها.
الأزمة طاولت الجميع بدرجاتٍ مختلفة، إذ لم يتأثر باريس سان جيرمان مثل بقية الأندية نظراً إلى تنوع مصادر عائداته. رغم ذلك، اعتمد «بي أس جي» بشكلٍ كبير على الصفقات المجانية هذا الصيف بعدما ضم الثلاثي سيرخيو راموس من ريال مدريد وفاينالدوم من ليفربول وجيان لويجي دوناروما من ميلان مجاناً.
الأندية الفرنسية في حالة هلع بانتظار بروتوكولات جديدة تخفف من وطأة الانهيار، وإلا سيكون الإفلاس بالمرصاد لأغلب الفرق بدءاً من الموسم المقبل.