رغم خطف «البونديسليغا» الأضواء، يبقى دوري الدرجة الثانية الألماني تنافسياً وممتعاً. في ألمانيا، لا يتم قياس حجم نادي ما عبر نجاحه في عالم كرة القدم، ولكن من خلال عدد أعضائه حيث تضمن قاعدة (50 + 1) أن يكون للأعضاء رأي في إدارة أنديتهم. ظهر ذلك جلياً من خلال المواكبة الإعلامية والجماهيرية الكبيرة لمباراة الأمس التي جمعت اثنين من أكبر الأندية الرياضية في ألمانيا: شالكه (158000 عضو) مع هامبورغ (85360 عضواً) في المباراة الافتتاحية للموسم. مع وجود فيردر بريمن، وهانوفر 96، وفورتونا دوسلدورف، ونورمبرغ، وهانزا روستوك، ودينامو دريسدن، وسانت باولي أيضاً، أصبح الدوري الألماني للدرجة الثانية يضم تسعة من أكبر 25 نادي كرة قدم في ألمانيا من حيث العضوية.على صعيد النجاحات، تمتلك أندية البوندسليغا 2 هذا الموسم إجمالي 43 لقباً في ما بينها، سواء في الدوري الألماني أو بطولة ألمانيا الشرقية السابقة. تتباهى هذه الأندية أيضاً بـ 26 كأساً محلياً، من دون إغفال ضم هذه الدرجة على أبطال أوروبا سابقين وهم شالكه (كأس الاتحاد الأوروبي عام 1997)، هامبورغ (كأس أوروبا عام 1983 وكأس الكؤوس الأوروبية عام 1977) وفيردر بريمن (كأس الكؤوس عام 1992). تجدر الإشارة إلى وجود فرق شارفت في ما مضى على اعتلاء المنصات الأوروبية أيضاً، مثل فورتونا دوسلدورف وصيف نهائي كأس الكؤوس الأوروبية عام 1979، إضافةً إلى دينامو دريسدن الذي وصل إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 1989.

ألتراس مميز وديربيات منتظرة
تشتهر الفرق الألمانيّة في الدرجة الثانية بجماهيرها المتعصّبة، ويفتخر ناديان من عمالقة ألمانيا الشرقية على وجه الخصوص، دينامو دريسدن وهانزا روستوك، بدعم جمهورهما المتعصب. في أكتوبر/تشرين الأول 2019، تابع أكثر من 30 ألفاً من مشجعي دينامو فريقهم خارج الديار، حيث توجهوا إلى ملعب هيرتا برلين في الكأس، كما تصدّرت جماهير دينامو عناوين الصحف عندما استحوذت على أكثر من 20 ألف مقعد لمواجهة ميونيخ 1860 عام 2005 و 2011 و 2016.
بالنسبة إلى فريق هانزا روستوك، يتطلع مشجعوه إلى العودة للدرجة الثانية وذلك للمرة الأولى منذ عشرة أعوام. سجّلت جماهير الفريق أرقاماً قياسيةً في ما مضى، يبرز منها الحضور خارج الديار في دوري الدرجة الثالثة عندما رافق 4400 مشجع الفريق إلى بريمن للعب ضد احتياطي الفريق في مارس/آذار 2018.
تمتلك أندية الدرجة الثانية الألمانية هذا الموسم إجمالي 43 لقباً في ما بينها


تكثر «الديربيات» في الدوري الألماني للدرجة الثانية، وستكون اللقاءات التي تجمع بين هانزا ودينامو نفسهما من أكثر المباريات المنتظرة، بخاصة إذا سمح للجماهير بالحضور. وسيشهد الموسم عدة اشتباكات شمالية متفاوتة المستوى، يبرز منها ديربي هامبورغ بين «HSV» وسانت باولي، إضافةً إلى الديربي الذي يجمع هامبورغ وفيردر بريمن، بعد أن هبط الأخير.

قاعدة (50 + 1) الذهبية
على خلاف الأندية «الكبيرة» التي هبطت بسبب سوء الإدارة، تعد الدرجة الثانية بمثابة المكافأة للإدارة الرشيدة والتنمية المستدامة، مما يسمح باستمرار الأندية «المتوسطة» ذات الإدارات الكفوءة. من الأمثلة اللافتة على الأساليب المتبعة للانتشار والنجاح، ما فعله فريق سانت باولي عندما صاغ هوية كاملة حول ممارسة كرة القدم بشكل مختلف، وذلك من خلال موقف النادي الصريح المناهض للعنصرية، إضافةً إلى حملاته المنتظمة ضد التمييز والدفاع عن قاعدة (50 + 1) وهو ما جذب المعجبين من جميع أنحاء العالم.
مواقف عدة ظهرت في ما يتعلق بأهمية عضوية النادي، بيّنت أنّ قاعدة (50 + 1) لكرة القدم الألمانية ترتكز بشكل أكبر على الدوري الألماني 2 مقارنةً بالدوري الممتاز. من بين الأندية الثمانية عشر، فقط فريق إنغولشتات اعترض من مناصري قاعدة (50 + 1) نظراً لارتباط النادي بمصنع السيارات «أودي»، حيث يشكّل عضوان سابقان في مجلس إدارة أودي وموظف حالي ومتحدث باسم مجلس إدارة شركة فولكس فاغن الغالبية في مجلس إدارة النادي. من جهته، كان فريق هانوفر في قلب الجدل حول (50 + 1) لسنوات. يعد رئيس النادي السابق مارتن كايند من المعارضين الصريحين للقاعدة، لكن تم إحباط محاولته للحصول على إعفاء والسيطرة على الغالبية في عام 2018. وعندما تم تقسيم كرة القدم للمحترفين في هامبورغ إلى شركة خاصة عام 2014، انفصل بعض المشجعين احتجاجاً وشكلوا ناديهم الخاص، HFC Falke. النجاحات الموعودة نتيجة الانفصال لم تتحقق منذ ذلك الحين ولا يزال HSV يعتمد على المساهم الرئيسي كلاوس مايكل كون. في هذا الصدد، يُعتقد أن نادي شالكه الذي هبط من الدوري الألماني في الموسم الماضي بدين قدره 217 مليون يورو قد يسعى إلى خيارات مماثلة، لكنه لا يزال مملوكاً للأعضاء بنسبة 100 في المئة.