قدّم ليستر سيتي أوراق اعتماده في موسم 2015/2016، وذلك عندما خرق التوقّعات وحقّق لقب الدوري الإنكليزي الممتاز. منظومة ضمّت أسماء «مغمورة» تمكّنت من الظفر باللقب المحلي الأغلى، كأحد أكبر الإنجازات لفرق غير مرشّحة في التاريخ الحديث. انتهجت الإدارة بعدها سياسةً تقضي بالتخلي عن مواهب الفريق مقابل مبالغ مضاعفة عن قيمتهم الأساسية، لتزدهر بذلك خزائن النادي. ورغم خروجه من دائرة المرشحين لمعانقة اللقب مجدداً، يبقى ليستر سيتي منافساً صعباً في ظل الحفاظ على التوازن عبر استبدال المغادرين بالشكل الملائم.حقّق نادي ليستر سيتي منذ عام 2015 أرباحاً بقيمة 260 مليون جنيه إسترليني، وذلك جراء بيعه لاعبين سبق أن اشتراهم مقابل 18 مليون جنيه إسترليني فقط. ما كان لافتاً، إنفاق الإدارة تلك الأموال بحكمة لاستقدام لاعبين شباب ارتفعت أسهمهم بسرعة إثر تألّقهم في الملاعب الإنكليزية.
بدأ مسلسل التخلّي عن نجوم الفريق بعد التتويج باللقب مباشرةً في عام 2016، حين انتقل متوسط الميدان الفرنسي نغولو كانتي إلى تشيلسي مقابل 30 مليون جنيه إسترليني رغم أن كلفة استقدامه إلى ليستر لم تتجاوز الـ6 ملايين. وفي عام 2017، تبعه شريكه في خط الوسط داني درينكووتر الذي انتقل أيضاً إلى ستامفورد بريدج مقابل 40 مليون جنيه إسترليني تقريباً (جاء إلى النادي عام 2012 برسومٍ بلغت الـ900 ألف جنيه إسترليني). بعد ذلك بعام، انتقل رياض محرز إلى مانشستر سيتي مقابل 60 مليون جنيه إسترليني، وفي عام 2019 دفع مانشستر يونايتد 80 مليوناً مقابل خدمات هاري ماغواير، لينتهي مسلسل الاستثمارات الناجحة بانتقال الظهير الأيسر وخرّيج النادي بن تشيلويل إلى تشيلسي مقابل 50 مليون جنيه إسترليني في الصيف ما قبل الماضي. هكذا، تخلّى الفريق عن لاعب يتجاوز سعره الـ30 مليون جنيه إسترليني لخمس فترات انتقال صيفية متتالية، معزّزاً بذلك أموال الخزينة.
وعلى عكس العديد من الأندية التي كانت تعاني في ظلّ خسارة لاعبين من هذا المستوى، بقي ليستر سيتي صامداً تبعاً للتعويض الملائم، إذ أدى الاستثمار الذكي في التعاقدات الجديدة، وخصوصاً اللاعبين الشباب، إلى استمرار ازدهار النادي.
حقّق نادي ليستر سيتي منذ عام 2015 أرباحاً بقيمة 260 مليون جنيه إسترليني


وصل ويلفريد نديدي إلى الفريق عام 2017 من نادي جينك مقابل 20 مليون جنيه إسترليني ليعوّض غياب نغولو كانتي. ومع مرور الوقت، أصبح اللاعب النيجيري أحد أفضل لاعبي خط الوسط المدافعين في إنكلترا لترتفع قيمته السوقية إلى 60 مليون جنيه إسترليني، بحسب موقع «Transfermarkt» المتخصص بالإحصاءات. من جهته، كان الشاب جيمس ماديسون بمثابة المعوّض الرئيسي لرياض محرز، بعد أن جاء إلى الفريق مقابل 20 مليون جنيه إسترليني من نورويتش سيتي عام 2018.
بالنسبة إلى الخط الخلفي، وقّع النادي مع قلب الدفاع التركي تشاغلار سويونكو من نادي فرايبورغ مقابل 21.10 مليون جنيه استرليني، وقد زادت فرص مشاركته بشكلٍ أساسي بعد رحيل ماغوير، في حين تم تعويض بن تشيلويل بالظهير البلجيكي تيموثي كاستاني، لاعب أتالانتا السابق في صفقةٍ بلغت 18 مليون جنيه إسترليني. وبحسب موقع «Transfermarkt»، تُقدّر قيمة فريق ليستر سيتي حالياً بـ548.10 مليون جنيه إسترليني وهو ما يدل على الحنكة في إدارة الصفقات.
أصبح ليستر سيتي مفاوضاً «شرساً» بعد الإنجاز الذي حقّقه في موسم 2015/2016، ولتوضيح التطور الكبير في الفاعلية خلال أسواق الانتقالات، تكفي الإشارة إلى تحقيق النادي مجموع 9.5 ملايين جنيه استرليني فقط من بيع اللاعبين خلال السنوات الثلاث السابقة لعام 2016.
تجدر الإضاءة على أهمية نظام التوظيف في النادي الذي تم إنشاؤه لأول مرة بقيادة ستيف والش، ثم جاء إدواردو ماسيا في مركز الرئاسة، الذي عمل مع بريندان رودجرز في سيلتيك، لينتهي الأمر بلي كونغيرتون، رئيس التوظيف الحالي ومدرب فريق الشباب السابق في تشيلسي.
يتمثل دور رئيس التوظيف في النادي بتقييم اللاعبين من خلال جمع وتحليل أكبر قدر من البيانات والإحصاءات، وذلك بمساعدة فريق من المحللين الذين يشاهدون مقاطع فيديو مكثّفة للمباريات ويتابعون توصيات الكشافة العاملين في جميع أنحاء العالم. بعدها، ينقل رئيس التوظيف المعلومات إلى مدرب الفريق الأول لإجراء فحص على اللاعبين، بما في ذلك أسلوب الحياة، الشخصية والمزاج. أخيراً، يعود الأمر إلى مدير الكرة في النادي جون رودكين، بمساعدة مدير العمليات أندرو نيفيل، للحصول على الصفقات والتفاوض مع الأندية الأخرى. هكذا، وبتضافر جهود الجميع، يتمكّن النادي من استقدام أفضل المواهب في العالم لتطويرها ومن ثم بيعها في ما بعد بأسعارٍ مرتفعة.
يستضيف ليستر سيتي يوم السبت المقبل نادي آرسنال، في الدوري المحلي، وقد تشهد المباراة إظهار ليستر لمواهب جديدة قد تدرّ الكثير من الأموال على خزينة النادي في المستقبل.